23 ديسمبر، 2024 4:41 ص

فزّاعة-قصيدة
صوت أول:
هل عرفت السر يا ولد؟

هل نزلت البئر بحثاً عن متاهات الحقيقة؟

هل تفحصت السر في تجاويف المعاني؟

هل شربت من بئر غائض

لا يبتل من مائه ريقُ الفقير؟

هل زرت حقل السراب هذا

وافر الحصاد من كل أصناف الهباء؟

هل احترت في متاهات السؤال؟

كيف تخاف الطيور من فزاعة رثة الثياب

مصلوبة تلفح الشمس وجهها،

تعيش ليلها أسيرة الزمهرير،

لا تشتكي حرفاً؟

لصفع الرياح تستكين؟

هل سمعت عن فزاعة تخاف البوح،

تخشى الصراخ،

لا تشتهي كسر القيود،

لا تشتهي الهروب،

لا تشتهي النزول عن صليب الدجل؟

 

صوت ثانٍ:

يا فزاعة الطير

يا ناطور المقاثي،

يا رثة الوجه والثياب

يا خيال المآتة

يا شرشوح

يا جبان

يا خادماً صاغراً

كيف تستكين؟

 

صوت الفزاعة:

يا لائمي،

لا تلم صمت القماش،

لا تلم جهل الخشب،

لا تلم غباء الطيور التي تهاب وقفتي،

لا تسل عن سرّ وقتي،

لا تسل مستغرباً كيف أرتضي دوام التعب.

سدّد سهام اللوم،

أطلق سهمك المسنون هذا

نحو فزاعات البشر،

اصفع بلومك هذا صانع الفزاعات من كل لون،

من يحمل فزاعة السوط،

من تقتل الفزاعات روحه ويطوي لسانه طي البساط،

من يخوّن الأمين،

من يخشى فزاعة التخوين،

من يكفّر الخارجين عن السرب،

من يخشى فزاعة التكفير،

من يحمل السوط لمن يرفع الرأس،

من يموت خوفاً من فرقعة السياط،

من يكسر موازين العدل جهاراً نهاراً،

من يقبل الغبن حكماً، من يستكين،

من يسحب اللقمة من فم الجياع،

من لا يخرج ثائراً شاهراً سيفه إن جاع.

 

لا تلم فزاعة من قماش وقش وخشب،

لُمِ الفزاعين والمفزوعين وفزاعات الدمى،

سدّد السهم نحو الذي

صاغ خلطة الموت في عز الحياة،

من استطاب عيش القطيع،

من سكت.