19 ديسمبر، 2024 12:52 ص

أمام عظمة وهيبة اميرالمؤمنين علي (عليه السلام) فالأقلام مترقبة حذرة، و الشموع موقدة والدموع منهمرة. من أين يا ترى ابتدأ بصيغة المقال؟ ومن أي الجوانب ابتدأ ؟ أمر يكاد الخوض فيه محال في سيرة ومواقف،قائد تجلت فيه صفات الكمال، وبين جواب، وسؤال ؟فأنا امام علو هذا المقام، وهيبة الأسم والعنوان،أعلن في مملكة الكتابة النفير،عاجزعن نطق الحروف وعاجزعن جمع الكلمات، وعاجزعن تقصي الحقائق والبحوث والمقالات. فأنا في فمي الكلمات انطقها فتحتظر، وقبل نطق لساني المكتوف قبل النطق تنتحر.فيا لها من لحظات عصيبة ،ووقفات كثيرة ،ومساع حثيثة وجهود كثيفة .فقد جف في جوفي فيما يقال ولا احيط علما وخبرا فيما سيؤل عنه الكلام .أستجمعت كل قواي وقدراتي واستنفرت كل مواهبي وطاقاتي، واستنجدت بكتبي وذكرياتي بكل ما قرأت، وبكل ما جمعت، وبكل ماأحصيت وبكل ما سمعت، فأدركت حين توقف العقل وهو في اعلى درجات الرقي والاتزان ،وتوقفت حدود الطاقة في وهلة من الزمان، وخرت الروح ساجدة أمام سمو السؤال، وخشع القلب حين ذكر اسم الله ونبيه ووليه في أعلى درجات الرفعة والجمال، فزادت على اعبائي الأحمال والأثقال. ادركت حينها ان على العالم بأسره ان يتوضأ بماء الطهارة والعفة ،وماء الرجولة والشجاعة ،وبماء الكرم والأصالة، وان يغتسل بماء العدل والحق والإنصاف.ماء طهور حد النقاء لكي يمسك ادوات قرطاسه عند الصباح والمساء، وان يبتهل الى ملكوت رب الأرض والسماوات، ثم يهتدي ويبتدي .يكتب أسم الامام علي (عليه السلام) مزلزل الكفر هادم الشرك والملذات. الامام الساجد، العاب،د التقي، النقي الطاهر.

سيرة أمام امة تمثلت بكل انعطافاتها الاخلاقية والدينية والعلمية والتاريخية بالزهدوالعلم والورع والتقوى ،واشرقت بنورها فضاءات الانسانية بكل علومها ومعارفها وأسرارها .تلك الشخصية الفذة التي شرفها الله سبحانه وتعالى وعلا من شأنها بين البشرية وأكرمها بالمنزلة الرفيعة وبالسمات المجيدة، وخصائص الهوية الحميدة. وولادة مباركة جديدة في جوف الكعبه الشريفه وفي وضح النهار ولم يسجد إلا لله الواحد القهار من بين العالم الذي لوثته براثن الشرك والعبودية ، والسجود للشمس والنار. ولم تغسل خطاياه كل بحار الأرض والأنهار، فاي تكريم ،وأي مجد واي خصوصية الهية نالته هذه الشخصية التاريخية العظيمة ، في تاريخ الإسلام والبشرية. والتي نالت حظوة الرعاية النبوية المحمدية ونالت شرف منزلة الكساء الكبرى برعاية الهية وعباءة نبوية وملائكية ،والتي عاصرت أبرز حدثا تاريخيا في العالم وكانت ابرز واهم شخصياتها القيادية الاسلامية والانسانية على حد سواء.

الإمام علي عليه السلام، أول فتى في الإسلام ولي الله الساجد العابد الطاهر،وصي رسول الله وابن عمه وصهره وحبيبه وكفيله في اعلى منازل العز والشرف و المكانة ومن اعرق النسب وهو القائل” في رده على كتاب معاوية متفاخرا:

محمد النبي أخي وصهري* وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يضحي ويمسي * يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمد سكني وعرسي * منوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولداي منها * فأيكم له سهم كسهمي
سبقتكم إلى الاسلام طرا * قبل ان ابلغ اوان حلمي”

“علي ” ذالك الفتى الهاشمي العربي العبقري ،من ابلغ العرب فصاحة بعد النبي واعلم خلق الله في زمانه بعد النبي واشجع فرسان العرب ، عاصر فترة الوحي والنبوة والرسالة وضحى بحياته من اجل الدفاع عنها وعن رسول الله شارك في كل حملات النبي ومعاركه حتى لم يكن شبرا في جسده الشريف الا ان كان فيه ضربة سيف او رمح اوطعنة خنجر واكرمه الله بفتح حصون خيبر حين عجز الجيش الاسلامي من فتح الحصن وبوابته المنيعة حينها اخبر النبي الكريم ان غدا بمشيئة الله سيفتح الحصون رجلا يحبه الله ورسوله فجاء الفتح نصرا عزيزا مؤزرا

على يد سيد البلغاء وسيد الائمة المعصومين وابرز شجعان العرب المسلمين، سيفه اول سيف في الاسلام ينال لقب سيف الله المسلول نال اعلى مراتب البطولة والفروسية والشجاعة ومن الثابتين على نصرة النبي ونهجه وسيرته فكان نعم الولي والنصير والظهير للنبي وللاسلام بحكمته ورجاحة عقله ودينه وخلقه الكريم و الحاكم القاضي بالعدل والانصاف وكفيل الفقراء والايتام طيلة فترة حياته التي قضاها في الفقر والحرمان متقربا الى الله بالعبادات والطاعات ومحاربة اعداء الاسلام والمسلمين ومقارعا للظلم والفتن التي حدثت بعد حادثة وفاة النبي ص التي احدثتها ثلة من المتامرين على الاسلام والبيت المحمدي على وجه الخصوص من المتامرين والمنتفعين ومن الخوارج والمرتدين واستمر بامامته قائما بالعدل والقسط بين الناس ..رغم الخذلان والاعمال التامرية والاضطهاد الذي لحق به وبالبيت النبوي الطاهر حتى في فترة خلافته الاسلامية والتي حارب وجودها المتأمرون من البيت الاموي والمنتفعين الاسلاميين على حساب الحق والفضيلة والإصلاح ووقفوا بالضد من خلافة امير المؤمنين والتي كانت انموذجا اسلاميا في العدل والحق رغم تحديات تلك الفترة العصيبة ومواجهات خلافته مع البيت الأموي الساعي لاهداف السلطة والنفوذ والحكم .واستمروا في تدبير المكائد والمؤامرات على امير المؤمنين وخلافته التي امتدت بحقبة من الاضطرابات والفتن بسبب حلقات التأمر والمندسين والمتامرين على الخلافة

بايعه النبي في الثامن عشر من ذي الحجةيوم البيعة والولاء لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ووصي نبي الرحمة والهدى، خاتم المرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو يوم من أيام الإسلام الخالدة، يحتفل به المؤمنون، ويتبادلون فيه التهاني كعيدي الفطر والأضحى، وكذكرى المولد النبوي الشريف.
في هذا اليوم، وفي حجة الوداع، جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين، وهو عائد من حجه، في بقعة تسمى” بغدير خم “وفي حر الهاجرة تفيأ ظل إحدى السمرات، وهي الشجرة العظيمة، حيث وضع له منبر من أحداج الإبل، فاعتلاه مخاطباً جموع الحجيج:
((أيها المؤمنون ألست أولى بكم من أنفسكم؟)), قالوا: بلى يا رسول الله.قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ((ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار”

لكن سرعان ما ان نقض العهد من بعض الاطراف المؤثرة في صفوف المسلمين بعد حادثة وفاة النبي ص وحدوث الفتنة بين صفوف المسلمين ليتسارع البعض منهم لاجتماع بيعة السقيفة ويقوموا بمبايعة ابي بكر خليفة رسول الله تحت عنوان خطبة من كان يعبد محمد فمحمدا قد مات وان كان من يعبد الله فالله حي لا يموت فبايعه الناس وجنازة الرسول الاعظم وجسده الطاهر الشريف لا يزال بين كنف واحضان الامام علي عليه السلام المأمور بغسله وكفنه ودفنه وتحمل اعباء هذا الانقلاب الكبير على الإسلام وعلى البيت النبوي الشريف..استمرت طيلة فترة امامته على الناس وتوليه اخيرا اخر خلافة اسلامية راشدة جوبهت بالمؤامرات والانقسامات والاضطرابات وادت الى تحريض بعض المندسين الى قتله في محراب صلاته

وفي مواضع الأحاديث الشريفة المنقولة عن عمار بن ياسر رض قال :«فقال رسولُ الله يا أبا تُرابٍ ألا أُحدِّثُكما بأشقى الناسِ رجُلينِ .قلنا بلى يا رسولَ اللهِ قال أُحيمَرُ ثمودَ الذي عقر الناقةَ والذي يضربُك على هامتك حتى تبتلَّ هذه من الدَّمِ )

قـُتـِلَ أمير المؤمنين (عليه السلام) في غرة شهر رمضان المبارك حاضرا قلبه، وطاعته امام الله في محراب مسجد الكوفة فلما أحس اللعين القاتل به نهض مسرعا،أخذ السيف ثم ضربه على رأسه الشريف فلما أحس عليه السلام لم يتأوه وصبر، فوقع على وجهه قائلا:
” بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله.
هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله”
واصطفقت الناس على هول الحادثة امام أبواب الجامع ، بالدعاء وهبت ريح عاصف سوداء مظلمة،ونادى جبرئيل بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ:
تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء، وأعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.
ثم إن الخبر شاع في جوانب الكوفة وانحشر الناس إلى الجامع وهم ينظرون إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فدخل الناس الجامع، فوجدوا الحسن عليه السلام ورأس أبيه في حجره، وقد غسل الدم عنه وشد الضربة، وهي تشخب دما، ووجهه عليه السلام قد زاد بياضا بصفرة، وهو يرمق السماء بطرفه ولسانه يسبح الله ويوحده، وغشي عليه، فصاح الحسن عليه السلام:
وا أبتاه وجعل يبكي بكاء عاليا، ففتح عينيه فرأى الحسن عليه السلام باكيا فقال ما منه:
وغدا تقتل بعدي مسموما ومظلوما، ويقتل أخوك بالسيف، وتلحقان بجدكما وأبيكما وأمكما؟
وخرج الحسن والحسين عليهما السلام، واخذا ابن ملجم وأوثقاه، واحتمل أمير المؤمنين عليه السلام فادخل داره فنظر إليهما فقال:
الرفيق الأعلى خير مستقرا، وأحسن مقيلا،ثم عرق ثم أغمي عليه، ثم أفاق فقال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وأله يأمرني بالرواح إليه.
ولما ضرب (علي عليه السلام)قال:
“فزت ورب الكعبة”

فالسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
مرسل من هاتف Samsung Galaxy الذكي.