لا نريد أن نبدأ مقالنا بـــ × أخي جاوز الظالمون المدى ولا فقد طغى الخطب حتى خاصت الركب .
كن دينيا شيعياً أو سنياً ومسيحياً وكن عجمياً وعربياً بعثياً او شيوعياً اشتراكياً أو رأسماليا علمانياً ديمقراطياً أو دكتاتورياً جهاديا نضالياً .. كن مهما تكن .. ! لكن احرص بشدة على كيانك العام وحدد مصالحك العامة المشتركة وصنها ومصادر عداواتك وقاومها وحدد اساليب الصراع وطوّرها مع من يريد بك الشر . لتكن الرقعة الجغرافية العامة وسكانها ” مقدسة قدسيتها تسموفوق الجميع سكان وجغرافيا ” والامور الاخرى الثانوية ممكن الاتفاق على حلّها بالاجماع . ومن يتجاوز خاطبوه وعاملوه بصراحة وبلا مجاملة ولا خجل .. أنتَ لست منا .. أبعد عنا شرّك .
منذ ان خلق الله البشرية حالة الصراع والطمع ترافقت معها وكأن الله سبحانه جعلها سبب من اسباب التوازن الطبيعي لسكان هذا العالم . ضحايا الحروب في الماضي لم تكن كما هي في الحاضر نتيجة الاسلحة الفتاكة وقدرتها على امكانية الابادة البشرية بشكلها الواسع , والتوازن في هذا الجانب ايضاً قائم . في الماضي عندما كان تأثير الاسلحة المستخدمة في الحروب كان من الصعب مواجهة الكوارث الطبيعية وانتشار الامراض والأوبئة والسيطرة عليها والحد من فاعليتها . واليوم اصبحت هذه المعادلة عكسية بعد تمكن الانسان من السيطرة عليها والحد من الكوارث والأوبئة والامراض والتنبأ بها وقدرة الانسان على الحد منها . استطاع ان يطوّر اسلحته بما يتلائم وقدرته على تدمير الخصم بشكل واسع ومخيف . المجتمعات البشرية داخلة في حالة صراع مع بعضها أزلية تتخللها فترات هدوء نسبي قصير الامد والدوافع لذلك كثيرة أهمها وابرزها العامل الاقتصادي . الدول التي تنتهج اسلوب العدوان والاستحواذ على خيرات وثروات الآخرين أُطلِقَ علها مصطلح ” الاستعمار ” والتسميات تختلف من فترة زمنية الى أخرى . وكثير من هذه الدول تركت مثل هذا النهج سالكة طريق التعايش بسلام وفق مبدأ تبادل المصالح المشتركة المشروعة , لكن قسم منها لا زالت تعيش على نفس المنهج متمسكة بفكرها وثقافتها السياسية ومنهجها العدواني القديم ولا تزال تعمل به وتنتهجهُ رغم حالة المد والجزر التي يمر بها العالم من نواحي قدراته الاقتصادية والفكرية والعسكرية والعلمية والصناعية . وابرز هذه الدول بريطانيا وفرنسا وروسيا والدول الحديثة التي دخلت على الخط والنمط الاستعماري مثل الولايات المتحدة الامركية واسرائيل وايران , فيما يخص المنطقة العربية والشرق الاوسط . وفي الحقيقة والدقة الاكثر تحديداً إن اسرائيل صنعتها الدول الاستعمارية الأم لغرض استخدامها كوسيلة للحفاض على مصالحها الآنية والمستقبلة , وهذا ينطبق على الحركة ” الخمينية ” في إيران تم انشائها وتكوينها لهذا الغرض . ونلاحض بوضوح فعل ما تحدثه هذه الحركة من تدمير وتخريب في العالمين الاسلامي والعربي في المكان الذي تستطع الولوج اليه , وافعالها تصب في صالح دول الاستعمار المذكورة اعلاه . فيما يخص الولايات المتحدة الاميركية زعيمة الاستعمار العالمي حالياً في هذا العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تحديداً . منذ أمد ليس بالبعيد كانت مجرد مكان لأيواء ومنفى للمجرمين من بقية دول اوربا , وآخر امرها اصبحت من مستعمرات بريطانيا العظمى ثم ثارت عليها واصبحت دولة . بعد الصراعات المريرة بين دول ومجتمعات أوربا وآسيا بينهما احياناً ومع بعضها أحياناً أخرى والدافع كما ذكرنا . العامل الاقتصادي . فالحرب التي قامت على اشدها ” الحرب العالمية الثانية ” 1*الحرب العالمية الثانية هي حرب دولية بدأت في الأول من سبتمبر من عام 1939 في أوروبا وانتهت في الثاني من سبتمبر عام 1945، شاركت فيها الغالبية العظمى من دول العالم منها الدول العظمى في حلفين عسكريين متنازعين هما: قوات الحلفاء، ودول المحور، كما أنها الحرب الأوسع في التاريخ، وشارك فيها بصورة مباشرة أكثر من 100 مليون شخص من أكثر من 30 بلدًا، وقد وضعت الدول الرئيسية كافة قدراتها العسكرية والاقتصادية والصناعية والعلمية في خدمة المجهود الحربي. تميزت الحرب العالمية الثانية بعدد كبير من القتلى المدنيين، القصف الاستراتيجي الذي أودى بحياة حوالي مليون شخص، ومنه القنبلتان الذريتان اللتان ألقيتا على هيروشيما وناغازاكي ادت الحرب إلى وقوع ما بين 50 و85 مليون قتيل حسب التقديرات؛ لذلك تعد الحرب العالمية الثانية أكثر الحروب دموية في تاريخ البشرية . ومن نتائجها فقدان دول الاستعمار التقليدية للسيطرة والسيادة وتراجعها عن هذه الصفة وبروز الولايات المتحدة الاميركية واستحواذها على الصدارة كزعيمة للاستعمار العالمي الحديث . من المؤكد ان هناك عوامل مشتركة بين سلوك ونهج دول الاستعمار هذه وعوامل مختلفة لتثبيت السيطرة والارغام ومن ابرز هذه المشتركات , أسلوب استخدام القوة وصناعة الانظمة والاحزاب والحركات الموالية لها والتي تأتمر بأمرها . حالة الصراع ما بين دول الاستعمار من جهة وبين الدول المسالمة من جهة أخرى تشبه الى حد كبير حالة الصراع بين ” الحيوانات المفترسة و الحيوانات الغير مفترسة ” النظريات والفكر الاستعماري لا يختلف بين هذه الدول , ربما الاساليب التي يمكن وصفها بذلك , مختلفة الاشكال والوسائل والتسميات ” علمانية دكتاتورية ديمقراطية دينية تعصب عولمة أرهاب تقدم تطور انسانية حقوق انسان وغيرها ” بعد الحرب العالمية الاولى وخسارة ” دولة الاسلام ” وتلاشيها بقيادة ” بني عثمان ” تم انشاء دول عربية واسلامية عديدة لها صفات الدولة , بعض من قيادات هذه الدول ثارت ضد الدولة الاسلامية مستغلة الحرب أملاً في ” اصلاح الذات العربية ” وتحسين حالها لكن المخفي كان اعظم . عملت دول الاستعمار الكاسبة للحرب على استغلال صناعتها وتأسيسها لهذه المراكز والمثابات لخدمة مصالحها وتدويرها ضمن فلكها وتحجيم قدراتها وتطورها . ادركت هذه القيادات معضلة ” الغدر الاستعماري ” التسلطي وسلوكها المبهم . فكانت هناك محاولات للخلاص من شبكات وخيوط العنكبوت , لكنها باءت بالفشل . فأضطر بعضها العمل على ارضاء ” الذئب المسعور ” للحفاض على وجوده والمتكون الحاصل , والبعض الآخر انتهى نتتيجة صراعه المرير معهم بشكل مباشر مثل ” التيار القومي العربي ” . كانت مرتكزات الصراع اكثر وضوحاً من الفترة الحالية ومحاولة تبريز التيار الاسلامي للصراع بأشكاله والوانه المتداخلة المعتمة الغير واضحة المليئة بالالغام والمفخخات خلق الكثير من المشاكل والاحباط , بحيث ان متداوليها والعاملين فيها فقدوا ثقتهم بأتجاه ” بوصلتها ” وبأنفسهم . ما حدث ويحدث على المسلمين والعرب من برنامج عدواني خطه البياني في تصاعد مستمر , والكوارث التي خلقها ويخلقها المستعمرين وعلى رأسهم اميركا ” أم الاستعمار العالمي ” . خسارة في الارواح والاموال والبنى التحتية لم يشهدها العالم اكثر بكثير مما خلفته قنابلهم الذرية على اليابان واكثر من دمار اسلحتهم في الحربين العالميتين الاولى والثانية . الجديد في النظريات الاستعمارية الحديثة هو تقاسم المغانم بين الاطراف المؤثرة بدل الصراع فيما بينهم وهذا الحال الخائب المشوش تلعب عليه اليوم بكامل مداه اميركا وبريطانيا وفرنسا وادواتهم اسرائيل وروسيا وايران . استغلال الدول العربية والاسلامية الغنية والقوية المؤثرة ونهب خيراتها واضعافها واعاقتها عن التطور والتقدم في كل مجالات الحياة , محاولين زراعة الموت والدمار في كل مفاصلها . وهذا ما عشناه ونعيشه اليوم وما سنعيشه غداً . الا ما قدّرَ الله وهو القادر سبحانه على تغييرالحال . على حكام دول العرب والمسلمين والفاعلين السياسين فيها ومثقفيها واصحاب القرار أن يكونوا شجعاناً وينقلبوا على ذاتهم وواقعهم ويتخذوا من التوحد طريقاً ومنهجاً ويصيغوا ” فكراً ” يجمعهم ويحفظ شعوبهم وامنهم وكرامتهم ويكون مركباً لهم ومن لا يحميه وينتمي اليه فهو خارج الأمتين العربية والاسلامية . وهذا السبيل الوحيد لحماية الجميع . على كل الانهر ان تصب في النهر العظيم .. وإلا فلن تفلحوا وسيضل جاثماً على صدوركم وظهوركم ” المُستَعمِر “الشيطان الراجم وليس المرجوم .
*1 ـ ويكيبيديا الحرة .