22 ديسمبر، 2024 2:29 م

فحولة الغــرب و خنوثة الشرق لماذا يحكم الشرق خناثه

فحولة الغــرب و خنوثة الشرق لماذا يحكم الشرق خناثه

كل شئ في هذا المشهد واضحٌ، صعبهُ سهلٌ على الفهم. والناس بفطرتها وطبيعتها تدرك قزازة الأحداث وفضاحتها. فكل يوم يمر كأنه سنين العذاب والقهر. شخصياً أرى، أن الذين يموتون في الشرق بأي سبب كان، محظوظون، لأن العيش في حالنا البائسة، لمن يملك ذرة من الشرف و الغيرة و الضمير، هو بمثابة موت مستمر في كل يوم يمضي، فيعقبه يوم أشد بأسا وأشد تنكيلا. يومياً يتعرض المسلمون من أقصى الكرة الأرضية إلى أقصاها إلى المجازر والعذابات، ولا من مغيث. واقعياً أمسوا خارج الإعتبارات العرفية و القانونية الدولية وحمايتها ورعايتها. وكرة إهمالهم ورميهم إلى القاع تنزل بوتيرة أسرع وتفاقم أبشع، يوماً بعد آخر. لهذا أصبح قتلهم وحرقهم مساوياً بقتل العجماوات وأقل قدرا، لا يثير في العالم شفقه. والأسوأ، أن هذا الإنسان الشرقي المسلم، وهو مهدور الدم ومسحوق الكرامة والكينونة، يتعرض إلى بشاعة أكبر وهي أن هويته و شخصيته متهمة ومُغتالة. وبدل أن يُصور كمظلوم، يُصور كمجرم دنئ قبيح! يُقتل بريئاً ويصوره الإعلام في ثوب اللظالم المعتدي.
بعد زيارة ترامب إلى الهند، قام الهندوس يحرقون المسلمين (من أبناء جلدتهم) أحياءا، وحفّزهم على ذلك، ما صرح به ترامب أن أمريكا و الهند متحالفتان لمحاربة “الإرهاب الإسلامي”. هؤلاء الهنود صرفوا حوالي عشرين مليون دولار لزيارة ترامب التي دامت لسويعات. وجزء من هذه الملايين، صُرف على بناء جدران تعزل رؤية الضيف عن بؤس الفقراء ورثّة حالهم! لكن الهنود، شأنهم شأن الشرقيين عموما والعرب خصوصا، كانت أوصالهم ترتجف انبهارا، وأصواتهم تهتز فرحا بقدوم الأمريكي السيد، حتى بالكاد كانت أقدامهم تحملهم وكأنهم لا يصدقون قدوم شبه-إلههم.
في عام 1994 كنتُ في دمشق، أثناء زيارة بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي، إلى سوريا لمدة سويعات قليلة. قبل ذلك بأيام، كانت دمشق تهتز أرجاؤها استعدادا لقدوم الضيف الأمريكي. ورغم أن زيارة كلينتون كانت خاطفة و سريعة و نزل الرجل من مقصورة الطائرة وكأنه سائح عادي يحمل حقيبته، إلا أن الحراس و الشرطة السورية كانت تملأ كل الشوارع، حتى في الأحياء التي تبعد عن مطار دمشق عشرات الكيلومترات، والتي لم يرها كلينتون و لا شعر بها. هذا المشهد المخزي الملئ بالعار أثار حنق العلامة الراحل محمد سعيد رمضان البوطي، واستنكر كل هذا الإهتزاز والبهرجة من أجل قدوم الرئيس الأمريكي الذي لم يَرَ حتى ما هيئ له!
لمشاهدة زيارة كلينتون لسوريا:

حكام العرب يذهبون إلى أمريكا، و يحملون الجزية و الهدايا بمئات المليارات من الدولارات، من قوت العرب و المسلمين، ويقدمونها بكل خشوع و وجد إلى سيدهم الأمريكي، مع ذلك، لا يُستقبلون حتى بشكل يليق بالبشر العاديين ناهيك عن الأمراء و الزعماء. فأمير قطر الذي قدم 8 مليارات دولار إلى القاعدة الأمريكية في الدوحة، ثم ذهب إلى أمريكا وقدم جزية مقدارها 185 مليار دولار وهو يضحك قائلاً لترامب “لدينا ولديكم عجز مالي، هذه الأموال هي لصالحكم” (185 مليار دولار تعني لو أن كل حقيبة تتسع لمليون دولار، فتحتاج إلى 185 ألف حقيبة لتتسع لهذا المبلغ!). مع كل هذا الذل والمداهنة، إلا أن الرئيس الأمريكي قال لأمير قطر، علينا أن نكمل الإجتماع الليلة حتى لا نضيع الوقت غدا! والأنكى، تم استقبال الأمير القطري في كراج للسيارات، إمعانا في إهانته! هذا في وقت يذيق هذا الأمريكي ألوان العذاب للشعوب العربية والإسلامية، في مشارق الأرض ومغاربها. والغريب أن قناة الجزيرة وسط هذه المهازل، تريد منا أن نتحول إلى عرائس القراقوز، نرقص على أنغامها الوطنية والنضالية لفلسطين والعروبة والإسلام! كل هذه المهزلة تجري، لأن حقول الغاز في تلك البقعة الصغيرة تدفق الدولارات. والمفارقة المضحكة في هذا المشهد هي، أن منافع الغاز القطري تذهب مجانا إلى أمريكا وحلفائها الغربيين، بينما الغازات التي تطلقها قناة الجزيرة لا تصيب إلا العرب والمسلمين، ولا تزيد من حالهم إلا هلاكا وخداعا وغشمنة. ومثال ليبيا، وكيف حرضت الجزيرة الجماعات الإسلامية هناك، للإنقضاض على السلطة، مدعومة بقوات التحالف (طائرات فرنسا و بريطانيا) خير دليل على ما نقول. وعلى ظهر الدوحة، عبورا في مهبل أصوات الإناث في قناة الجزيرة، كانت طائرات أمريكا تنتصب وتطير عاليا، لتدك بصواريخ شهوتها الآثمة أرض العراق. أما قناة الجزيرة و إمتطاء قضية فلسطين، فقد تحدثنا عنها في مقالات سابقة، لا حاجة للتكرار.
لمشاهدة زيارة الأمير القطري إلى أمريكا وتصريحاته شاهد هذين اليوتيوبين ثم يليلهما مشهد استقباله في كراج السيارات:



حين زار ترامب وعائلته المملكة السعودية، قامت القيامة هناك. صرفت السعودية مبالغ طائلة وخيالية على البهرجة والحفاوة والإستقبال، في جميع الشوارع والأماكن في المملكة. في هذه الزيارة، اهتزت السعودية كلها انبهارا بالضيف الأمريكي. أما إبنة ترامب التي تغزّل بها سعودييون، فلم تمنعها قدسية المكان الذي تزوره أن تحتشم قليلا إحتراماً لمن تزورهم، كما فعلت حين زارت حائط المبكى في إسرائيل و أثناء زيارتها إلى الفاتيكان، حيث في كلتا الزيارتين غيرت ملابسها ومشيتها و حركاتها، على عكس زيارتها إلى السعودية إذْ كانت تهز مؤخرتها في وجه الفئة الحاكمة في السعودية، أثناء صعودها إلى الطائرة تأكيداً على إحتقارهم. في هذه الزيارة أخذ ترامب 460 مليار دولار معه. ولكن بعد كل هذا الدفع، قام الرئيس الأمريكي يوجه الإهانات لحكام السعودية وملكها تحديدا.
لمشاهدة الزيارة وملحقاتها من الممكن الإستفادة من هذه الروابط:





https://www.youtube.com/watch?v=Wh83Zl2t25E
أما بشار الأسد، الذي تحول إلى ناطور دولي منتدب لدى قوى أجنبية، فلا يمر يوم إلا ويُهان ويُذل من قبل الروس و الدول التي احتمى بها من سقوطه الحتمي. وقصص إهاناته المتكررة على يد بوتين أصبحت ضرب المثل، بل وتؤذي حتى معارضيه، كونه على أقل تقدير رئيسا لسوريا ولو بالإسم. يستطيع القارئ ملاحظة مدى اهتزاز وذل بشار أمام بوتين في هذه الروابط:



إن هذا الذل الشرقي المشين و الحقير أمام الغرب، ليس مرده فقط إلى التفوق العسكري الغربي، بل إلى تفوقه الثقافي و الروحي و المعنوي أيضا. فالهند لديها السلاح النووي وكذلك الباكستان. لكن الخنوع و الذل في كليهما أمام الغرب، لا يقل عن باقي البلدان الشرقية. تصور، يأتي الرئيس الأمريكي إلى دول الشرق و هو في مهمة “تحليب الأموال” وشلح هذه الدول خيراتها، لكن هذه الدول تستقبله إستقبال الأبطال. الطريقة التي يُستقبل بها الأمريكي في الشرق شئ يحير الحكماء ويضحكهم ويبكيهم. وعلى العكس، كلما زار “زعيم” شرقي بيت الأبيض، فهو يُستقبل كشحاذ، رغم أنه يأخذ أموالا كبيرة كهدايا و جزية تكفي لشعوب الشرق أن تعيش بها لعقود من الزمن. فالإهانة لا بد وأن تكون حاضرة بأي نوع كان. والغريب أن الوفود الديبلوماسية للدول العالمية إلى أمريكا، عليها أن تدفع مصاريف الإقامة و الأكل والشرب من حسابها، لأن أمريكا لا تتكفل إلا بجزء بسيط!
هذا الواقع المخزي أصبح أرضية غنية للخيال السينمائي لهوليوود، لكي ترسم ليس واقعنا فقط، بل تأريخ الشرق وزعمائه كتأريخ للعبيد الأذلاء المخنثين الذين ينهزمون أمام الغرب. هل شاهدتم أفلام أسكندر الكبير، و الثلاثمائة إسبارطي، وافلام أخرى كثيرة، كيف تُصور هوليوود زعماء وشخصيات شرقية كمخلوقات أقرب إلى الجنس الثالث، وأجبن من أن يقفوا كرجال أمام الغربيين الذين يحتلونهم؟! والإعلام الغربي يتولى على عاتقه فضح زعماء وسياسيي الشرق و قصص فضائحهم الجنسية في الغرب، في وقت تقوم سلطات غربية بتشليح هؤلاء الزعماء و السياسيين الشرقيين، وكأن الوجه الإعلامي واليد السياسية الغربية يسهلان عمل بعضيهما البعض. وعموم الشرقيين، و خصوصا العرب، غافلون عن ثقافة الفحولة و الذكورة في الغرب. لكن الفحولة و الذكورة لها تأريخ طويل في أدبيات الغرب، منذ عهود اليونانيين و الرومان وإلى هتلر و أمريكا المعاصرة (وخصوصا في الحروب العالمية)، مرورا بمرحلة الرينيسانس في إيطاليا وكيف كانت الأمارات الإيطالية تنظر إلى نفسها بمنظار ذكوري فحولي (إمارة فلورنس و إمارة فينيسيا الخ).
الكلام يطول في هذه الشجون، وخير الكلام ما قل ودل، لولا أننا كشعوب شرقية نستحق أن نُحكم من قبل هؤلاء الحكام الأذلاء العبيد، لما أبتلينا بهم!