26 نوفمبر، 2024 7:24 م
Search
Close this search box.

فجيعة الصمت العراقي !

فجيعة الصمت العراقي !

يعيش العراق ظروفا استثنائية من نوعها في كل الاتجاهات ، الأخطر منها التغييب الممنهج للموقف الشعبي والوطني من كل ما يجري، وكأن السياسيون نجحوا في الالتفاف على مشاعر المواطنين والحد من توجههم الوطني من خلال أجندات عرقية وطائفية، لا علاقة لها بالخوف على مصلحة البلاد والعباد، حيث صراع السياسيين يتمحور باتجاهات بعيدة عن هموم المواطن، ومع ذلك يستمر الصمت الشعبي، وكأن ما يحدث هو في دولة أخرى.
سياسيون يتصارعون على كل شاردة و واردة ، باستثناء الالتفات الى المواطن، لذي كان عنوان حزنهم وقلقهم ايام ” النضال السلبي”، فيما اضحى منسيا وهم في سدة الحكم، ومع ذلك يخيم صمت مريب في الشارع العراقي، لا ندري ان كان مصدره الخوف المتجذر في النفوس من السلطة، أم لأن مشروع وطنيا لم ينضج بعد، أو لأن ” أني شعليه خلينا نعيش ” اضحت وسادة الانتظار المؤجل لكل الحلول، بينما يرتفع الصوت الشعبي عاليا في أكثر من دولة عربية كان العراق قد سبقها الى الديمقراطية والمواقف الشعبية القوية ، يوم كان التداول السلمي سمة الحكم في خمسينيات القرن الماضي.
ليس معقولا أن يرضى شعب العراق بكل شيء ولا شيء أيضا، وليس مقبولا اصرار السياسيين على تغييب حقوق المواطنة، من خلال سيناريوهات غريبة جدا، ومشاريع لا ترى النور،  وتقديم حسابات على أخرى ، أو فرض حالة من المزاج الشعبي المعكر عبر تصعيد مواقف ورفع يافطات فيها من ” فهلوة” التخويف ما هو كثير، مع القناعة بأن الجميع متفق على استنساخ مواقف الأمس للابقاء على أهلية سياسية الى حين، ما يستدعي صحوة عراقية حقيقية، ترفض المغالطات وتدفع باتجاه التكاتف الشعبي غير المؤدلج الا لنصرة العراق.
ونحن هنا لا ندعوا الى احتجاجات فوضوية أو تظاهرات خارج القانون، بل الى مطالبة شعبية سلمية للخروج من نفق المحاصصات والتأزيم المستمر،  واصلاح ذات البين قبل أن يهلك الجمل بما حمل، مثلما يقولون، لأن الأمور لن تستقيم ضمن المفاهيم المعمول بها منذ سنوات، وأن السياسي أو الحاكم الذي يراهن على صمت شعبي متواصل يخطا في حساباته جدا، فهناك صبر يحتمل مقابل ردود أفعال غير متوقعة أيضا، لكن في المقابل مطلوب من الشعب ان يتململ قليلا، لأنه تحمل أكثر من اللازم ،مقابل استمرار الخلل في الأداء العام، ما يستدعي الاتكال على عراقيتنا بعد العزيز القدير واسماع صوت الشعب بوضوح، وبما  يلغي حالة التشويش القائمة.
ان ما يدعو الى القلق هو تخلي العراقيين عن مشروعهم الوطني بشكل واضح،  وادارة ظهورهم لما يجري حولهم، وكلنا شركاء في سكوت على هذه الكارثة، لأننا اتكاليتنا ساهمت  في نجاح السياسيين ببث اليأس والقنوط في نفوس الجميع،  واشغالهم باجندات مخيفة تصل حد التخويف من المواجهات العرقية والطائفية اذا رحل هذا أو خسر ذاك، فيما الصحيح غير ذلك، لأن عراقيتنا قوية وأخوتنا متماسكة، ولولا هذه الحقيقة لأغرق بعض السياسيين قارب العراق وأهله منذ زمن ليس بالقصير، بعد أن تعودوا النظر الى العراق واهله من ثقب باب مصالحهم  الذاتية شخصية كانت أم حزبية أو فئوية.
وضمن معطيات من هذا النوع، ولأن القادم من الأيام يحمل تحديات كثيرة، ولأن شعب العراق لم يتربى على الاستكانة والمهادنة الى حد بعيد، فلماذا يتواصل يتواصل قبول العراقي بالحد الأدنى من كل شيءن فيما يتنعم سياسيون بكل شيء مقابل جهد لا يرى بالعين المجردة، هل تسرب الوهن الى قلوبنا وعقولنا!!، هل تخلينا عن المشروع الوطني لصالح الانتماء العرقي والطائفي!!ولماذا القبول بالحد الأدنى من الأهتمام الحكومي!! ولماذا نشيد بمواقف غيرنا وننسى أنفسنا ومسؤولياتنا الوطنية!! ولماذا ننشغل بنعرات السياسيين وننسى مهمتنا العراقية!! ثم لماذا ولماذا!!..  قائمة طويلة من التساؤلات تحتاج الى اجوبة من الشعب وليس الحاكم، لأن من مصلحة هذا الأخير دائما الهاء الشعب لتمرير مشاريعه، بينما بات ملحا على العراقيين اعادة رسم المشهد من خلال وقفة وطنية لا تخندقات عرقية وطائفية، مثلما أصبح واجبا شرعيا ووطنيا ايصال رسالة الى السياسيين مفادها ..كفاكم تسويفا لهمومنا فصمتنا لن يدوم!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]

أحدث المقالات