18 ديسمبر، 2024 11:23 م

“عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا” الإسراء : 79
“قالت الحنابلة: معناها أن يقعده الله على عرشه , وقال غيرهم: بل هي الشفاعة , فدام الخصام , واقتتلوا جماعة كثيرة”
وذلك في بغداد سنة (316) هجرية , في زمن المقتدر بالله (295 – 319) هجرية , وقتل بسببها خلق كثير!!
التأويل من أهم أسباب الفرقة والتصارع بين المسلمين , وسببه إعمال العقل بالنص القرآني , وما دامت العقول مختلفة فأن ما ستؤوله سيكون مختلفا حتما.
والمشكلة ليست في التأويل لوحده , بل في أن أصحابه يرونه الأصح والأقوم , وسواه باطل , أي أن التأويل يتسبب بالغلو والتطرف , والتوهم بإحتكار الحقيقة.
التأويل طاعون الدين والمنطلق التدميري له , فالواقع السلوكي يشير إلى أن المؤولين إخوان الشياطين , أو يتفوقون عليهم.
ليؤول مَن يؤول كما يرى ويملي عليه عقله , وعليه أن لا يقر بضرورة الإجماع على ما أوّله , لأن في ذلك الأساس للتدمير وسفك الدماء.
والمشكلة التي تواجه الدين , أنه وسيلة للتسلط على الناس والقبض على مصيرهم , وذلك المرام قائم منذ بداية المجتمعات البشرية والدول , فكانت تتخذ من القوة الغيبية أداة للهيمنة على الناس , وبموجب ذلك يتحول الملك أو السلطان إلى إله , أو صاحب تخويل من قوة غيبية ما.
وهذه اللعبة نجدها قائمة في كل العصور , واليوم تتمثل بنواب الرب , والممثلين للرموز التي تقدست وكأنها ليست من طين.
فالعديد من الرموز الدينية تحولت إلى موجودات ضوئية متفاعلة مع الخيال الضارب في متاهات التأويلات الخالية من البراهين والأدلة العقلية , ومتمسكة بالتواصل مع خرافات ذات تطلعات أسطورية , متفاقمة التأثير والتمرير عبر الأجيال.
وبموجب سلوك التأويل تعدد الدين الواحد وتحول إلى فرق وجماعات متصارعة , وكل منها يريد فرض تأويله على الآخرين , وبهذا تكمن مصيبة الدين , التي يستثمر فيها أعداء الدين!!
وما عادت تنفع ” لكم دينكم وليَّ دين”!!
د-صادق السامرائي