22 ديسمبر، 2024 7:11 م

فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة

فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة

هي الزهراء، الحوراء، الأنسية، الزكية، الراضية، الطاهرة، المباركة، المحدثة، الكوثر، أم أبيها، سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها و… تلك هي فاطمة الزهراء علیها السلام روح الرسول صلى الله علیه وآله وسلم التي بين جنبيه كما كان يقولها ويعرفها خاتم الرسل والأنبياء نبي الرحمة ومنقذ البشرية وسيدها محمد بن عبد الله (ص) .

فاطمة الزهراء.. هي الصديقة الكبرى، عقيلة الرسالة، عالية الهمة، العروة الوثقى، وعاء المعرفة، ينابيع الحكمة ومعدنها، عيبة العلم، مشكاة الانوار، سفينة النجاة، الشفيعة يوم القيامة و… كلمة الله التامة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكثير الكثير كما رواه الصحابة في صحاحهم ومسانيدهم وكتبهم ليس بعشرات بل بمئات الروايات المنقولة عنهم خاصة ما ذكروه عن زوجة النبي الاكرم (ص) عائشة وهي تقول: “ما رأيت قطّ أحداً أفضل من فاطمة (عليها السلام)” و”ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً وحديثاً برسول الله (ص) في قيامه وقعوده من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم” وقالت: “وكانت إذا دخلت على رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه ، وكان النبي (ص) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها” وروي عن عائشة ايضاً أنها قالت: “ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها (ص)” وقالت: “كان النّبي (ص) إذا قَدِم من سَفَر قبَّلَ نحرَ فاطمة (ع)، فقال: ” منها أشمُّ رائحةَ الجنّة “، وعن عائشة: قال رسولُ الله (ص): “إذا اشتقتُ الى الجنّة قَبَّلتُ نحرَ فاطمة “- جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ومثله في سنن الترمذي (باب فضل فاطمة بنت محمد)، وفي ينابيع المودة للقندوزي البلخي الحنفي، ومناقب الصحابة لأبي المظفر السمعاني ذخائر العقبى للطبري ، ص41و44، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ووسيلة المآل، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ، ومجمع الزوائد وغيرها من الكتب المستندة الاخرى.

لم تكن فاطمة الزهراء (عليها السلام) امرأة عاديّة، فقد كانت امرأة روحانية ملكوتية، قائدة نموذجية ومثالية، وإنساناً بتمام معنى الانسان، وامرأة بتمام حقيقة المرأة،حيث تجلّت فيها جميع الأبعاد المتصورة للمرأة والمتصورة للإنسان في فاطمة الزهراء(ع) وكانت موجودة فيها، وهي المرأة المناضلة صاحبة القضية والمدافعة عن انحراف الأمة وحرف الحقيقة وتزوير الحق، ولم تتمكن الحروف والكلمات والاقوال والافكار والجهود التي قالوها وبذلوها من توصيف هذه الشخصية الفذة والفريدة في تأريخ البشرية جمعاء وطيلة القرون العديدة الماضية وتبين عظمة تلك المرأة الصابرة في المحن، فأضحت الفتن وديعة الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) وخامسة أهل العبا (عليهم السلام) وستر الله الكبرى الذي انتهكوه بفعلتهم الشنيعة بالهجوم على دارها فالتحقت الى ربها وهي محترقة القلب، باكية العين، مضطهدة مظلومة، ممنوعة إرثها، مغصوبة حقها، مكسورة الضلع، مسقطة للجنين وهي واجدة عليهم بعدما هجرتهما في حياتها كما ذكرته عائشة وجاء في- صحيح البخاري: 4 / 96(كتاب فرض الخمس)، الطبقات الكبرى لابن سعد: 2 / 315 و8 / 28، مسند أحمد: 1 / 6، وبما معناه في 1 / 214، 2 / 353، وفاء الوفاء للسمهودي: 3 / 995 و 996، مسند أبي عوانة: 4 / 251 ح6679، المصنف لعبد الرزاق: 5 / 472 ح 9774، وتاريخ الطبري: 2 / 236.

أم أبيها فاطمة الزهراء هي نبراس للمرأة المسلمة الواعية الصامدة المجاهدة المدافعة عن الحق والحقيقة الملتزمة بأمور دينها، وهي منار للصمود والمقاومة والتضحية والفداء والتصدي للظلم والزور والتزوير فعاشها المقاومون والضعفاء والمظلومين عبر الزمن ورفعوا أسمها المبارك تعبيراً عن مطالبتهم بحقوقهم المغتصبة والمنزوعة على يد الفراعنة والجبابرة والديكتاتوريات السلطوية هنا وهناك وأضحت (ع) صرحاً للحرية والعدالة ومنبراً لردع الظلم والطغيان والعصيان الألهي فكانت تكبر وتكبر ويكبر ذكرها الجلي وأسمها المبارك على مر العصور والقرون وترادف وتحت الهراوات المدماة لخلفاء الجور وأمراء الظلم وحكام الطغيان وسلاطين العصيان، حتى تصبح بلسماً لجروح كل المقهورين والمحرومين والمضطهدين ليس من المسلمين فحسب بل من سائر الملل والنحل والاديان والعقائد والأفكار هنا وهناك.

“لقد عاشت فاطمة الزهراء عليها السلام حياتها من أجل الاسلام فكان دفاعها عن حق آل البيت (عليهم السلام) في الخلافة وحقها في الإرث ليس من منطلق شخصي وهي تعرف أنها أول من يلتحق برسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولكن صراعها جرى برمته من اجل الاسلام والطريق القويم والالتزام بما جاء بكتاب الله المجيد فمثلما بدأت حياتها بالإسلام ختمته بالاسلام، تاركة لنا أثرا يبقى بقاء الأرض ومن يرثها متمثلاٌ بأئمة الهدى وسنة أبيها (ص) وعطائها المتمثل بخطبتها الشريفة المعروفة بالخطبة الفدكية” – الملل والنحل للشهرستاني.

ففاطمة الزهراء هي فاطمة وما أدراك ما فاطمة.. بذرة الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.. هي جوهر أهل البيت عليهم السلام الطاهر الذي شاء الله عزّ وجلّ له أن يكون مشكاة لنوره يسطع وهاجاً في ضمير الزمان لينير طريق الإنسان على امتداد الدهور.

[email protected]