17 نوفمبر، 2024 7:24 م
Search
Close this search box.

فاجعة خلط الدين بالسياسة!!

فاجعة خلط الدين بالسياسة!!

ليس كل سني اداري ناجح بحكم غياب المرجعية الدينية، وليس كل شيعي عقل تجاري متميز، خاصة مع تقلبات العرض والطلب حتى في المفاهيم و الأولويات  بعد زلزال 2003،  و الغاء حدود الممنوعات، و في المقابل فان العراقي غير المؤدلج بعقد الأغلبية و المذهبية والحزبية يمثل شعلة ذكاء تجتهد وتصيب في أغلب التخصصات، ما يشكل ردا حاسما على المتمترسين بالمذهبية والحزبية في اختيار أو بيع وشراء المناصب ، و توزيع المسؤوليات باختصاص أو بدونه، بعقلية تلغي المهنية و تنتصر لعمليات الترضية الحزبية والمذهبية، ما يبرر استمرار الخلل واتساع دائرة الفشل المتراكم.
وليس كل من ارتدى عباءة الدين التزم حدود الله في خلقه،أو انتصر للمحرومين والمظلومين قبل بطانته “الانشطارية”  في المغانم، فهناك من يحاول توظيف الدين لمكاسب شخصية قبل أي شيء أخر، ليصبح أمام الجامع غنيا بالصدفة، وصاحب “آثر السجود صناعيا” مرحبا به وتدفع له الأخماس و الأسداس و الأضاحي وغيرها من حلقات الهيبة الدينية في غير محلها، فبدلا من تفريخ الرفاق بالأمس نجد أنفسنا حائرين من الأعداد غير المألوفة من رجال دين في عمر الزهور!!، و صدق رجل دين قال لي قبل سنتين” هل رأيت ملا جامع مليونير في يوم من الأيام، الآن هناك أعداد لا تحصى من أصحاب الملايين في دور العبادة، انه زمن اللامعقول “.
 ونحن هنا لا نقصد التقليل من هيبة الوارثين للأيمان والنصح ومعرفة حدود الله بالتجربة والموعظة الحسنة، مثلما نقدم كل الأحترام والتقدير للشيوخ والسادة الذين لم ينشغلوا بهموم وملذات الدنيا بقدر اجتهادهم في العمل الصالح والدفاع عن الأخوة في الله والوطن والبيت الواحد ، لذلك لم يعرضوا مكانتهم الدينية في سوق التنافس السياسي وغيره، رغم أنهم لم يقدموا المنتظر من حكمتهم لمنع التخندقات المذهبية بشكل صريح ، و دعوة المواطنين الى مقاطعة كل الحالمين بلون عراقي واحد.
و نكرر القول بأن المشكلة ليست في طريقة تفسير الدين ،فهو واضح و معروف، لكن كيفية توظيفه لتحقيق المكاسب بأسرع وقت و بدون التفكير بالخسارة، لذلك هناك أنواع من المحابس والعباءات والعمائم ، التي لم يركب أصحابها البحر لا حاجين أو معتمرين  أو غازٍين في سبيل الله ،بل طمعا بما يكتنزه هذا البحر من مغريات حياة دنيوية، و الأنكى الأجتهاد في أسباب الوصول اليها حتى لو كان ذلك في شق صف المسلمين، مثلما يحدث في العراق من اجتهاد طائفي غير مقبول، يؤسس لفتنة تحرق الأخضر قبل اليابس و تثقل النفس بالهموم، لذلك نكرر التأكيد على أهمية دور الحكماء قبل ” وقوع الفاس بالراس” لا سامح الله، وضرورة خروجهم على المألوف في اصدار الفتاوى و التحريم، فالوقت يمر سريعا  والمواطن يعيش في دائرة الخوف من المجهول، ما يجعل من أسبقية انتفاض المرجعيات  فريضة دينية واخلاقية لتكفير قتل المسلم لأي سبب، فكيف الحال عندما يذبح العراقي بسكين غدر خارجي تحت مرأى و مسمع المرجعيات والوجهاء وأصحاب البيوت والزاد والكرامات!! المصيبة أخطر مما يتوقعها البعض، بسبب حالة من التراخي في الواجب والمسؤولية.
و ليس كل من ركب موجة السياسة أصبح عارفا بمخاطرها و أولويات بوصلتها، أو اختيار توقيتات الأبحار مع أو عكس التيار، فهناك خطأ في كل الحسابات، لذلك يصدرعن سياسيين في العراق ما يشيب له الولدان ، يتحدثون في أي شيء غير الدفاع عن أخوة العراقيين، يجاملون الغير على حساب أستقرار نفوس الشعب و رفع الخوف من العيون والعقول، لا بل هناك من يتعمد اثارة المشاعر الطائفية لأن أحدى رئتيه لا تتنفس بدونها، وهي كارثة مركبة بسبب تأخر ردود أفعال المرجعيات الدينية والحزبية، ولأن البلاد تدار بعقلية لم تلد من رحم المعاناة والنضال و أخوة العراقيين بل رمت بها الأقدار على قارعة زمن مهجور!! وهو أمر لا ينطبق على الجميع فهناك تاريخ لا يحق لأحد التغاضي عن محطاته الكبيرة، فنحن نؤشر الاستثناءات كي لا تتحول الى أمر واقع مفروض!!
وعلى هذا الأساس،  و نتيجة لتراكم الخلل فاننا نضع بين قوسين كبيرين جدا الأسباب الموجبة لاستمرارالعمل بالتوافقات والمحاصصات، بعد فشلها في كل الأختبارات، و كيف ننتظر موقفا سديدا و حازما من شخص يرفع شعار الطائفية بيد ويعلن رفضها بالأخرى، و من يضحك على من، المواطن يعرف اللعبة وبيادقها جيدا، وهو أكثر حكمة و عقلانية من أغلب السياسيين، ما أفشل مخطط الحرب الأهلية بأقل الخسائر، ولماذا يخاف السياسيون التقرب من الدستورو كأنه نص آلهي، ولماذا لا يعترف المسؤول بفشله و يستريح بعد أن أثقل كاهل المواطن بلا حدود!! وكيف تتحول المؤسسات الحكومية الى دار عجزة للتزكيات الحزبية والمذهبية، بينما كفاءات الوطن تنعش دولا متقدمة جدا، و تنتظر أيضا فرصة العودة الى بلادها دون الخوف من وصفات القتل الجاهزة، التي حولت العراق  الى بيت مهجور باستثناء عويل السياسيين بنصف عباءة الدين والعكس صحيح أيضا، ما يبرر استمرار القتل على الهوية والتفجيرات الطائفو سياسية واقليمية!! لا نريد سياسي أو رجل دين “نص ردن” نريد العودة الى عراقيتنا و لنضع جانبا خصوصية مذهبيتنا، التي لم تكن عائقا أمام عشق عراقي مكتمل مشاعر الحب والوفاء!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
shaljubori@ yahoo.com

أحدث المقالات