بأختصار شديد اغلب الكتل السياسية مازلت في نفس قوالب تفكيرها قبيل تشكيل كل حكومة في العراق بعد ٢٠٠٣ ولا تستطيع أن تتصور نفسها خارج طرق المحاصصة و مصالحها المادية و المناصبية و تنفيذ الأجندات الخارجية في تشكيل كل الحكومة بل أصبح سر بقائها هو ترياق التحاصص و تحقيق سياسيات الدول الخارجية وفي جزئنا من هذا المقال سوف تكشف على فاتورة تمرير كابينة الكاظمي في البرلمان بعيدٱ عن التزويق الإعلامي الذي يهرج هنا وهناك بأن الكتلة الفلانية والكتلة العلانية قد تنازلت عن استحقافاتها في التمثيل في الحكومة فهذه كله هراء و مجرد خداع فمثل هذه الإعلانات التي لا تخدع حتى الطفل العراقي الرضيع تطلق قبل تشكيل اي وزارة و حتى قبل تشكيل وزارة عبد المهدي المستقيلة سمعنا عن التكنوقراط والمستقلين الذين سوف يتم اختيارهم إلا أن قوائم اسماء السفراء و قوائم الدرجات الخاصة فضحتهم بل إن وصل تحكم الكتل حتى في تعين مدير مكتب رئيس الوزراء و مرافقية و طاقم السكرتارية الخاص به ولعل أبرز ما تسرب عن حكومة الكاظمي الجديدة هو مطالبة الكتل الكردية ببقاء وزارئهم في مناصبهم مع إبقاء جميع الاتفاقات التي أبرمت مع حكومة عبد المهدي نافذة بخصوص النفط و حصتهم من الموازنة و إعادة انتشار البيش مرگة في كركوك و تمثليهم في الحكومة الاتحادية أما الكتل السنيه فهي الأخرى مصره على اختيار شخوص ممثليها في الحكومة و اختيار وزرات معينة مع رفع تخصيصات محافظاتهم المادية و ضمان عودة نازحيهم وتعويضهم و انسحاب قوات الحشد الشعبي من المناطق السنيه وابقاء قوات الجيش والشرطة فقط بالاظافة إلى التعهد ب أعمار المدن المحررة ..
أما الكتل الشيعية فتعد الأضعف في حلقة التفاوض هذه و الاكثر تشظي و تفكك وانقسام فيما بينها ..
فما بين كتل سياسية شيعية مرتبطة بفصائل ولائية و تتبنى وجهة نظر محور المقاومة شكلٱ ومضمونٱ ترى من أهم أولوياتها اخراج القوات الأمريكية والدولية من العراق و الضغط على المحور الأمريكي – السعودي لغرض تخفيف العقوبات الأمريكية والشبه دولية المفروضة على إيران و مابين كتل شيعية تريد تنفيذ مطالب المتظاهرين الخاصة بالانتخابات المبكرة و مفوضية انتخابات جديدة وقانون انتخابات جديد و تأجيل المطالب الأخرى مثل محاسبة قتلة المتظاهرين و محاسبة المفسدين و التعديل الدستوري إلى مرحلة أخرى ..
أما فيما يخص اللجان الاقتصادية للأحزاب فالجميع متفق تقريبٱ على ابقائها وعدم المساس بها من قبل رئيس الوزراء الجديد ..
هذه أبرز مواد فاتورة تمرير السيد. الكاظمي أو أي رئيس وزراء بديل عبد المهدي وقد لاحظنا أنها فاتورة مصالح فئوية و حزبية بأمتياز و لا ملامح لبناء دولة فيها من ما يعطينا انطباع أن الكتل السياسية الحالية لا يمكن لها أن تغيير سلوكها السياسي حتى بعد أشهر طويلة من المظاهرات والدماء الشابة التي سالت وأعتقد أن مهمة الكاظمي أو غيرة هي مهمة غاية في الصعوبة في ظل هذه المطالبات بالاظافة إلى تعقيدات المشهد السياسي المعقد أصلٱ يبقى الأمر مرهون بذكاء الكاظمي وحنكة و دهاء الفريق الذي سوف يعتمد علية سواء في معركة المفاوضات أو ملف إدارة الدولة فيما لو تم تمريرة كما يجب أن إقناع جميع الكتل أنهم شركاء في حكومة أن نجحت نحجوا وأن فشلت فشلوا و أن مهمة الكاظمي هي إدارة حكومة مؤقتة في فترة انتقالية تشهد بعدها البلاد انتخابات وفق قانون جديد ممكن لنتائجها أن تعيد رسم المساحات السياسية للكتل والأحزاب و قد تغيير نوعٱ ما من تشوهات النظام السياسي الحالي على حد سواء …