الكاتب الشيعي في العراق يتجنب الخوض في شؤون السياسيين والمسؤولين السنة !! والعكس كذلك لاترى الكاتب السني معنيا بسوى التلميح عن بعد وفق ما تتطلبه حالة التوزان أو التوافق بين هذه الفئات المتنازعة او المتنافسة او المتآخية على السلطة ، غير ذلك حرّمت السياسة السنية العراقية على القلم الشيعي كما حٌرّمت السياسة الشيعية على القلم السني وهكذا مع الجميع ، وكأن الخوض في شؤون اي طائفة ثقافيا او سياسيا اصبح من أعمال السيادة ،.
حتى عام 2010 كات الإشارة الى الطائفة تاتي على استحياء في الحوار السياسي والاداء الاعلامي ، وكانت لفظة سني او شيعي تسبقها عادة عبارة ( آسف اقول ذلك ) وهي بقايا من البيئة الوطنية العامة التي تجمع أهل البلد بمكوناتهم المختلفة المحترمة في هوية جامعة هي الوطن .
لكن الذي حدث حدث ، ونحن أمام فئوية بدات تتضخم حتى اصبحنا كتلا منفلتة لا مكونات طبيعية ، السنة العراقيون لهم جدلهم وخلافاتهم وايضا كتّابهم ومحللوهم وإعلامهم ، بل إن الطبقة السياسية الشيعية أو الكردية تكتفي بمراقبة مايحدث بين السنة من مزايدات وتنافس وربما صراع ، ليقدموا وزراءهم ومسؤوليهم الى الادوار النهائية للعبة السياسية ببغداد .هذا الاتفاق الذي اصبح منهجا في العراق ، كيف يتم اختراقه ؟
حين يقدم الشيعة رئيسا للوزراء أو السنة رئيسا للبرلمان أو الاكراد رئيسا للجمورية ، تظل الجهة التي قدمته متحكمة بمستقبله السياسي وربما متربصة له تحت طائلة التهديد ، في الوقت الذي يجب ان يتحرر المسؤول العراقي من قيد الكتلة والطائفة حال ترشحه من قبلها ، ويصبح الاداء الوطني العام هو الفيصل والمقياس الذي يحدد صلاحية المسؤول من عدمها ، كي لانسمع تلويحات من المتاجرين باستجواب هذا وذاك دون حق، مما يجعل عملية الاستجواب الاساسية الصحيحة المنتجة الضرورية ورقة لللابتزاز السياسي .
اللافت في الامر ان هذا يحدث مع المسؤولين الذين يحصدون نجاحا بارزا على الصعيد الدولي والوطني ، وكأن الجميع اتفق على أنْ أي نجاح يكشف فشل الآخرين ، وقد اشرت في كتابة لي بُعيد انتخاب رئيس مجلس النواب الحالي السيد محمد الحلبوسي ، ان السنة في حراكهم الخاص قدموا للمرة الاولى في تاريخ العملية السياسية (شاباً) من الجيل الجديد لمنصب متقدم ، فيما ظل الشيعة والكرد يعتمدون على الحرس القديم جدا في هذا الأمر ، وبعد اقل من عام على عمر الحكومة نشاهد كيف كان لمجلس النواب دور دولي وعربي وتنشيطي وطني فيما ترهلت مفاصل الدولة الاخرى لانها مازالت تعمل بحكمة الحرس القديم البطيئة .. الحلبوسي الذي نجح في السباق السياسي السني ، وادار دفة برلمان من اصعب برلمانات العالم بحكم تناقضاته واذرعه الداخلية والخارجية ، ينبغي ان يمثل نموذجا سياسيا لشباب العراق الجدد وهم يتصدون للمسؤولية ، لنشهد شبابا عراقياً قياديا متصالحا داخل مكونه ومع نفسه ومع شعبه ، في حالة تنهي هذه الفئوية والتشعب الذي يشهده العراق منذ اكثر من خمسة عشر عاما على احتلال العراق واسقاط النظام الديكتاتوري الذي حكمه وانطلاق ماسمي بالعملية السياسية.