18 ديسمبر، 2024 10:16 م

غيوم السياسة غيبت النجوم

غيوم السياسة غيبت النجوم

ودعت بريطانيا وزعماء العالم وأفراد من عائلات مالكة من جميع أنحاء العالم الملكة إليزابيث في جنازة رسمية مهيبة، بمشاركة نحو 500 من زعماء العالم من بينهم الرئيس الامريكي جو بايدن— وامبراطور اليابان وزعيم الصين ، فيما بلغ عدد مشاهدات المراسم في التلفزيون البريطاني أكثر من 32 مليون مشاهدة، مسجلة بذلك أعلى المشاهدات في التلفزيون البريطاني حينها، مما جعلها من أكثر الأحداث مشاهدة في التاريخ , ويذكرنا التأريخ بتشييع الاميرة ديانا 6 سبتمبر عام 1997 وتشييع جثمان رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، صاحبة لقب “المرأة الحديدية” عام 2013 في جنازة رسمية مهيبة، واعتبرها محللون بأنها الجنازة الأكبر منذ جنازة وينستون تشرشل والتي تم تشييعها عام 1965، منافسة بذلك جنازتي الأميرة ديانا والملكة إليزابيث الأولى
وعالميا , شهدت مراسم تشييع جثمان الثائر والرئيس الجنوب إفريقي الأسبق نيلسون مانديلا
الذي توفي في ه ديسمبر 2013 مشاركة ما يزيد على 60 رئيساً وزعيماً من كل دول العالم, نهرو والمهاتما غاندي عام 1948
وعربيا تعد جنازة الزعيم جمال عبد الناصرواحدة من أكبر وأضخم الجنازات التي شهدها العالم في القرن العشرين، بسبب حرص عدد كبير من الشعوب العربية على تشييع جثمان الرئيس الراحل,, تم تشييع جنازة عبد الناصر من نحو 30 مليونا على الأقل، من بينهم جميع رؤساء دول الوطن العربي، ورسميا شارك ما يزيد على 60 رئيساً وزعيماً من كل دول العالم في مراسم تشييع الجثمان , تُعد جنازته التي تم تشييعها في 1 أكتوبر عام 1970 واحدة من أكبر وأضخم الجنازات التي شهدها العالم في القرن العشرين، بسبب حرص عدد كبير من الشعوب العربية على تشييع جثمان الرئيس الراحل, والرئيس الجزائري بومدين ابرز زعماء العالم العربي , وابرز زعماء حركة عدم الانحياز والذي توفي عام 1978 –وعربيا ايضا، لا تزال مراسم تشييع الملك الحسين بن طلال الملك الثالث للمملكة الأردنية الهاشمية، الذي توفي يوم 7 فبراير عام 1999 بعد معاناة دامت لسنوات طويلة مع سرطان اللمفومة، حاضرة بقوة في الذاكرة الأردنية– وتم تشييع جثمانه في موكب حضره آلاف الأردنيين، وضم أكبر تجمع للرؤساء العرب والأجانب،
أالستينيات و السبعينات كان يحظى بعالم تلتمع فيه أسماء زعامات بارزة في السياسة والسينما والأدب والعلم، فعرفنا في عالم السياسة عبدالناصر وجواهر لال نهرو وسوكارنو وجون كيندي ونيكيتا خروتشوف وشواين لاي ونكروما وغيرهم، وكنا نقرأ من عباقرة العرب: عباس محمود العقاد وطه حسين والمازني ومحمد حسنين هيكل ونزار قباني وغادة السمان وغيرهم، ومن الأدب العالمي كنا نقرأ البرتو مورافيا واجاثا كريستي وتولستوي ودستيوفسكي واندرية جيد وهيمنجواي وغيرهم، وكنا نتابع أفلاماً لفنانات وفنانين عرب مشهورين مثل: فاتن حمامة ونادية لطفي وماجدة ومريم فخرالدين وآمال فريد ورشدي أباظة وأحمد مظهر وأحمد رمزي وغيرهم، ومن الفنانات والفنانين العالميين صوفيا لورين ومارلين مونرو وانيتا اكبرغ وكيرك دوغلاس وجون واين وغيرهم، ناهيك ما كنا نسمعه من أصوات غنائية عذبة من كل أنحاء عالمنا العربي.
من حق من بقي من ذاك الجيل على قيد الحياة أن يستغرب: لماذا أصبحنا في عالم غابت فيه الكاريزمات وانطفأت فيه إلى حد كبير أضواء كانت تلاحق نجوم أيام زمان في السياسة والأدب والسينما والغناء، ولماذا أصبح معظم الذين يديرون دفاف السياسة في عالمنا الراهن أناساً كانوا مغمورين، وظلوا هكذا بعد أن سكنوا قصور السلطة الشهيرة في العالم، ومضوا بعد انتهاء عهدتهم إلى ظلال من دون أن يتركوا بصمات تضع أسماءهم في سجلات التاريخ، ولماذا أصيب عوالم الأدب والسينما والغناء ببوادر عقم إبداعي، حتى أن كثيراً من قديمهم أكثر جاذبية وعمقاً وملاحة من حديثهم، بدليل أننا صرنا نلاحظ أعداداً ليست قليلة من شباب اليوم تعيش في جلباب أبيها الغنائي والفني، وأحيانا في جلباب جدها.
ومن ذلك يصح ونحن نطل على دنيانا من شباك رصد ومتابعة أن نتوقف عند ملاحظة تقول: إن هناك علاقة بين أحوال العلوم والفنون من جهة، وأحوال السياسة من جهة أخرى، فالمجتمعات يتكون كل منها من مجموعة من النظم الاجتماعية مثل: النظام القانوني والديني والإعلامي والأسري والفني… الخ، وهذه النظم متبادلة التأثير والتأثر، ومن الطبيعي جدا أن تتأثر مما يشهده العالم ومجتمعاته من سياسات يمتد تأثيرها آلياً وتلقائياً إلى كل شيء، وإلى تفاصيل هذه النظم الاجتماعية.
عالمنا الراهن مرتبك سياسياً، وعالمنا العربي على وجه الخصوص هو الأكثر ارتباكاً بين كل أنحاء وجغرافيات العالم، فالنظام الدولي يمر بفترة تحولات غير مسبوقة، وهذا هو المسؤول عن شروخ وضعف أصاب حناجر الغناء، وجعلنا مكياج وجوه نساء اليوم نراها متشابهة، وأحياناً متطابقة، وخلت رفوف المكتبات من الإصدارات الثمينة التي كانت تروي عطشنا للمعرفة وتوسيع الخيال، وتشيخ مزاج الشباب!