عاد غيث التميمي الى العراق بعد أيام قليلة من ظهوره مصافحاً سفير العراق في المملكة المتحدة وتبدو منه ابتسامة تنّم عن شعور بالقلق لم ينجح في إخفاءه، شاكراً السفير على ما ابداه من لطف وعلى المساعدة التي قدمها له. لم يذكر غيث التميمي نوع المساعدة التي قدمها له سعادة السفير سوى في إشارة عابرة: ترتيب أوراق سفر.
من سمع بقصة هذا الرجل يستطيع أن يعرف بالضبط ما هو نوع المساعدة التي قدمتها له سفارة المنطقة الخضراء في لندن. كان المدعو غيث التميمي بحاجة الى جواز سفر عراقي، وصدر له بالفعل جواز سفر طارئ أي جواز سفر يمكن استخدامه لمرة واحدة فقط للعودة الى البلد الأم، ذلك أنه، ولسبب ما، لم يكن لدي التميمي جواز سفر عراقي ساري المفعول.
لماذا يضع ناشط كالمدعو غيث التميمي نفسه في موقف مثل هذا فيما تشهد البلاد ثورة عارمة من المفروض أن يكون هو أحد “قادتها”؟ وكيف يسمح نظام الميلشيات لناشط ذي صوت عالٍ له صولات وجولات في وسائل الاعلام بالعودة للاشتراك في “قيادة” الثورة بينما هذا النظام يغتال ويختطف يومياً قادة الحراك المدني في البلد؟ أليس هذا سؤالاً مشروعاً؟
المستور – الذي يعرفه أصدقاء التميمي ومعارفه في لندن – أنه صدر قرار من دوائر الهجرة البريطانية بطرد غيث التميمي بعد أن تمّ رفض طلبه للحصول على اللجوء السياسي في المملكة المتحدة وعدم رغبة أيّ من البلدان التي تمنح حق اللجوء طبقاً لمعاهدة جنيف 1952 باستقباله. وبعد أن أصبح قرار طرده وتسفيره نافذاً استعان بسفارة المنطقة الخضراء للعودة الى العراق.
أما لماذا صمت نظام المحاصصة والفساد في المنطقة الخضراء عن كشف هذه المعلومات – على الأقل – ليحجّم امكانيات التميمي في المشاركة في الثورة ويكشف سبب عودته مجبراً الى العراق ومن ثمَّ حرق أوراقه، فهذا أمر يدعو الى التساؤل! ثمّة أمر صغير آخر: لقد مكث التميمي في الممكة المتحدة (بريطانيا) أربع سنين كاملة فلماذا صدر قرار تسفيره الآن على وجه التحديد والعراق يغلي بثورة انتشرت في جميع مدنه وقراه وهو الذي يدعي قيادة مجموعة من المجموعات الفاعلة في الحراك؟
ليس واضحاً بعد، كيف سيتصرف غيث التميمي ولكن من الواضح أنّ صمت جماعة المنطقة الخضراء عن أمور يرقصون لها في العادة جذلاً لتصفية خصومهم ومعارضيهم معنوياً والخلاص منهم الى الأبد، لابدّ أن يعني أشياء كثيرة، من ضمنها أن هناك طبخة تمّ اعدادها ليكون غيث التميمي فيها وجبة رئيسية يقدمها نظام المحاصصة والفساد الى معارضيه في ساحات الحراك المدني في بلدنا أو ربما حصان طروادة في صفوف الثوار بعد أن عجز النظام ومن ويقفون وراءه عن القضاء على ثورة الشعب الفتية.
في الايام والاسابيع القادمة سنرى متى وأين وكيف ستتكشف خيوط القصة التي يُحيكها العنكبوت الجوكر مع غيث التميمي الذي عاد الى العراق مرغماً!