18 ديسمبر، 2024 8:55 م

المعروف بديهياً إن الأنظمة الديمقراطية تستند على قاعدة الحريات المطلقة لشعوبها وجماهيرها والكل يعلم إن أصل كلمة (الديمقراطية ) تعني حكم الشعب من هنا لايمكن بأي حال من الأحوال التفريق بين الديمقراطية والحرية، فمتى ماوجدت الحرية وجدت الديمقراطية والعكس صحيح، بغض النظر عن شكل نظام الحكم سواءً كان ملكياً (دستورياً) أم جمهورياً،
وكما يفترض إن لا تكون هذه الحريات مقيدة بشروط، أو تختص بجانب دون آخر إلا إذا كان هناك تعدّي أو تجاوز على حقوق الآخرين في مثل هذه الحالات يكون هناك تقنين لهذه الحريات تلافياً لما يعكّر الهدوء والاستقرار وتماسك الدولة والمجتمع،
إن من أبرز الحريات التي تؤشر إشارة واضحة ودقيقة على أن النظام الذي يرعاها هو نظام ديمقراطي صحيح هي حرية التعبير والنقد التي تمثل مرتكزاً مهماً من مرتكزات الدولة الديمقراطية ليس من جانب تشخيص الحالة الديمقراطية فحسب وإنما تعتبر أداة فاعلة ومؤثرة جدا في تسير رتابة الحياة اليومية للدولة بكافة مؤسساستها وهيئاتها ودوائرها في ظل النظام الديمقراطي،
فحرية التعبير والنقد من خلال الوسائل المعروفة (المقروءة، والمسموعة، والمرئية) كفيلة بأن توفر رقابة صارمة لكل السياسات والإجراءات التي تنفذها الأجهزة التنفيذية وبالتالي الوصول إلى الأهداف والمقاصد المبتغاة،
ومن الدلائل التي تبين أهمية الحرية في ظل النظام الديمقراطي هو إن أغلب الدول الديمقراطية هي دول متقدمة ومزدهرة في الجانب الاقتصادي والأمني والعلمي والعسكري فضلاً عن الجوانب الأخرى وأنها بالإضافة إلى ذلك تعتمد على نفسها في كل هذا التقدم والازدهار،
وكثيرا ما رأينا فعالية حرية النقد والتعبير في الإطاحة بالحكومات الفاسدة أو المسؤولين الفاسدين أو المقصرين في مثل هذه الدول المتقدمة.
لو تأملنا مثل هذه الحرية تحديداً في بلدنا نجدها ليست بالصيغة المعتمدة لدى الدول المتقدمة بل هي ناقصة إن لم تكن معدومة فالكثير من الأخطاء أرتكبت، والكثير من المفاسد حدثت، والكثير من التجاوزات حصلت، وفي أكثر من مجال إلا أننا لم نشهد دورا للنقد ضمن حرية التعبير خصوصاً للشخصيات المسؤولة ذات القاعدة الجماهيرية والحزبية، والسبب واضح هو الخشية من ردود الأفعال الغاضبة التي لا تسمح بتوجيه النقد إلى من تراه يدخل ضمن عناوين العصمة والقداسة وهي بذلك تُقيّد تماماً حرية النقد والتعبير هذا إلى جانب حالات التصفية التي حصلت لبعض الإعلاميين والكتاب والناشطين بسبب دورهم الإعلامي في فضح بعض أوجه الفساد لدى المعنيين، مما يعكس حالة مناقضة تماماً لشعارات الديمقراطية والحرية.
لذا لاغرو من أستشراء حالات الفساد وتشظيه إلى إلى أبعد مايكون حيث فاق الأمر كل التصورات والمصاديق إذ لم يتوفر نظيرها في أكثر الدول فساداً وهذا مؤيد بأستبيانات قد صدرت من منظمات أممية ودولية ومؤسسات ذات أنشطة مجتمعية تشير إلى تقدم الفساد المالي والإداري عندنا إلى أرقام مهولة، يتضح إن من أبرز أسبابه وهو فقدان حرية التعبير والنقد إزاء الظواهر المشخصة التي تلامس الأوتار الحساسة.