23 ديسمبر، 2024 9:22 ص

غياب المالكي وإطلالة رؤوس الشر من نوافذ الديمقراطية

غياب المالكي وإطلالة رؤوس الشر من نوافذ الديمقراطية

لقد بدأ الاعلام الداعشي وبشكل مبكر ترديد عبارة ” حكومة العبادي الصفوية”، التي بدأت تأخذ محلّها من الواجهات الاعلامية لما يسمى بـ “الاعلام المساند للثورة” المدعوم من جهات معادية للعراق، رغم ان الحكومة الجديدة لم تتشكّل بعد، الأمر الذي يدفعنا الى اتخاذ الحيطة من التطرّق الى ما يُعد انسياقا خلف هذه الأطراف في اطار دفاعنا عن العراق ونقاط القوة فيه، وخصوصا لما كنا وما زلنا ننظر من خلاله الى السيد نوري كامل المالكي كأحد أبرز تلك النقاط، فضلا عن ثقتنا الكبيرة في المواقف التي يتخذها الرجل طبقا لحقائق تفصيلية قد لا نكون ملمّين بالكثير من جوانبها، ومن بين تلك المواقف دعوته الصريحة لمسانديه بالوقوف مع الحكومة العراقية الجديدة التي ما زالت تحث الخطى الى التشكّل وسط تحديات كبيرة ومتعددة ، لم يشأ السيد المالكي لنفسه ولا لمسانديه ان يكونوا تحديا مضافا آخر بوجه التشكل أو عقبةً في طريق سلاسة الأداء فيما بعد، وهو الموقف الذي اخترنا ان نكون عليه أيضا.

ورغم أن السيد المالكي كان واثقا من أدواته القانونية والدستورية، ألا انه وكما اتضح في خطابه الأخير بأنه على يقين أيضا بوجود أطراف على أهبة الاستعداد لإستغلال الموقف بالضد من العملية السياسية والمسار الديمقراطي، فما كان من طريق أمامه سوى تكريس المفاهيم الديمقراطية عبر ترسيخ مفهوم التداول السلمي للسلطة كجرعة أولية للدفع بالأمور الى الأمام بدلا من التقهقر الى الخلف نحو الأساليب الديكتاتورية.. وهي خطوة أراد أن يضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية وخصوصا من اندفع عشوائيا لركوب الموجة المضادة للمالكي دون ادراك منه لما تنطوي عليه النوايا من سوء يُقصد به النظام السياسي الديمقراطي في نهاية المطاف.

وهو ما يتضح اليوم في ثنايا الخطاب المعادي الموجّه نحو حكومة في طور التشكيل (والذي أشرنا مسبقا لما يمكن ان يكون عليه) وما يقابل هذا الخطاب أيضا من استهداف لحكومة مضت دون ان تنال استحقاقها، ويشكل الامعان في استهدافها ضربة استباقية لأية حكومة جديدة أو أية شخصية تتصدى للمسؤولية في هذا الاطار.. بعبارة اخرى، يشهد الوضع في المناطق الساخنة اليوم ارباكاً كبيراً يجد فيه الكثيرون ممن تعاونوا مع الحكومة العراقية السابقة لمحاربة الارهاب في موقف لا يحسدون عليه وبالتالي هو ما يرجّح موقف حواضن الارهاب على مواقف الصحوات ويضعهم في زاوية ضيقة قد تتسبب في تشريدهم وتصفيتهم بطرق بشعة، وهو ما جرى للبعض منهم.. خاصة وان بعض الدول الداعمة للارهاب هي الأخرى دخلت على خط تأييد الحكومة الجديدة  أملا في حماية الحواضن في هذه المناطق، وذلك ما يمكن ان يتسبب في تعقيد مهمة الحكومة القادمة على الجانب الأمني وليس تسهيلها او دعمها كما يعتقد البعض.

وللأسف نرى اليوم الكثير من الامور وهي تجري بالضد من مصلحة العراق والعملية السياسية في العراق، فبدلا من المطالبة بمحاكمة رؤوس حواضن الارهاب في المناطق الساخنة، يلمس الجميع اتجاها لرفع الغطاء القانوني وايقاف الدعم المادي عن الجهات المحاربة له كالصحوات على سبيل المثال التي باتت مكشوفة الظهر ومهددة على أكثر من صعيد.

في حين ونتيجة استهداف حكومة المالكي بالطريقة التي رأيناها جميعاً، والتي يسعى البعض للدفع بتصعيد الخطوات التي تستهدف شخص المالكي وبما يمكن ان ينتج عنها من اضعاف لأي شخصية تتصدى لمسؤولية رئاسة مجلس الوزراء، وذلك ما يبدو جليا في المحاولات الحثيثة لتعقيد مهام رئيس مجلس الوزراء المكلف بتشكيل الوزارة عبر الزج بمطالب أطراف محرمة دستوريا كـ (قيادات البعث الصدامي المُهان) والتي يرى البعض في مشاركتها ومن أمثال المُدان طارق الهاشمي ضمانة لعدم التقسيم والحرب الأهلية في العراق.. وذلك ما يتضح ايضا فيما نقلته بعض وسائل الاعلام التي تحدثت عن (ورقة تفاوضية) أرسلها المجرم الهارب عزة الدوري الى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري والمتضمنة لشروطهم الاساسية التي يسبق تنفيذها عملية اشتراكهم بالحكومة القادمة.. وبما يعني ان الغاء الدستور العراقي بات هو الضمانة المثلى لعدم وقوع الحرب الاهلية والتقسيم.. وأضحى كل من حكم وفقا لهذا الدستور مطلوبا للقانون ..  ولا ندري عن اي قانون يتحدث هؤلاء؟ .. لا شك انهم يتحدثون عن قرارات مجلس قيادة الثورة التي يحلمون بتطبيقها مجددا في العراق!.

أن ما يجعلنا اليوم في موقف مساند للحكومة الجديدة ليس تلبية لنداء المالكي وحسب، بل هي الحرب الممتدة التي ابتدأت على المالكي وبانت ملامح استهدافها للحكومة الجديدة.. والممتدة دون شك الى تحجيم جميع الأطراف المساندة لتطبيق القانون بالضد من الارهاب في الفترة السابقة والتي من الممكن لها أن تشكل سندا للحكومة الجديدة في الطريق لتحقيق الأمن والاستقرار.