9 أبريل، 2024 11:06 م
Search
Close this search box.

غياب العدل خراب العقل!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الأقوال المأثورة “العدل أساس الملك” , والتأكيد على موضوع العدل نهج بشري متواصل منذ الأزل , وتوسعت فيه الرسائل السماوية والدنيوية , وتعمق فيه المصلحون والمفكرون والعقلاء في جميع الأمم والشعوب.
وعندما نتساءل لماذا للعدل هذه الأهمية في الحياة البشرية , ولماذا يصعب تحقيقه والعمل بموجبه , رغم المحاولات الحثيثة لإبتكار صيغ تعبيرية عن العدل , إبتداءً من شريعة حمورابي وما قبلها وما بعدها وحتى اليوم , يبدو الجواب متنوعا ومنطلقا من آراء وتصورات.
وفي الآونة الأخيرة تم إجراء تجربة على قردين موضوعين في قفصين منفردين متجاورين , وقام صاحب التجربة بتقديم قطع من الخيار لكل منهما , فكانا يأخذانها بنفس راضية وهدوء وسكينة , وعندما بدأ بإعطاء أحد القردين حبة عنب والآخر قطعة خيار , ثارت ثائرة القرد الذي يُعطى قطعة خيار , وتنامى غضبه وتعاظم مع إصرار الشخص على إعطاء القرد الآخر عنبا وإعطاءه قطع خيار , والتفسير الناجم عن هذه التجربة أن الإحساس باللاعدل غريزة شعورية في المخلوقات كافة ومنها البشر , وهذه الغريزة أساسية ويمكنها أن تتسبب بسلوكيات غاضبة وعدوانية هائلة وفقا لدرجات ذلك الشعور , أي أن العدوانية والغضب تتناسبان طرديانا مع غياب العدل , فإذا كنت عادلا بدرجات عالية , تكون العدوانية بدرجات منخفضة , وإذا إنتفى العدل تتفاقم العدوانية.
ومن هذه التجربة البسيطة , يتبين بوضوح ان العدل حقا أساس المللك الصالح الصحيح , وكلما غاب العدل من سلوك السلطة أيا كان نوعها ومستواها , تفاقمت المشاكل وتعاظمت الخطوب وتشعبت وتعددت وتطورت وتعقدت وترابطت بحالات أخرى متنوعة.
وما يجري في الواقع البشري عموما والعربي خصوصا هو غياب العدل , وسيادة الإستئثارية والإقصائية والحيف والأنانية والإستحواذية وضعف القانون وهيمنة الفساد والفاسدين , والإمعان بإغتصاب الحقوق وإستشراء الإهانة والظلم والقهر والحرمان , وغيرها من مفردات وعناصر العدوان على البشر وتجريدهم من حقوقهم الإنسانية.
وعندما يشعر الناس بالظلم وغياب العدل والإنصاف , فأنهم يعبرون عن ثورتهم وغضبهم بسلوكيات لا تخطر على بال , ويتم الإستثمار فيها من قبل الظالمين لتسويغ ظلمهم وإستبدادهم , وبهذا تدخل المجتمعات في دوائر مفرغة من التفاعلات الإهلاكية الخسرانية المروعة.
وهذه جوهر العلل والمعضلات وعاهة العاهات وما عداها ثريد حول صحون الويلات!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب