23 ديسمبر، 2024 2:23 م

غياب الرؤية الستراتيجية في العلاقة مع الوﻻيات المتحدة

غياب الرؤية الستراتيجية في العلاقة مع الوﻻيات المتحدة

هذه اﻻيام، ثمة سجاﻻت محتدمة بين العراقيين في مواقفهم من الوﻻيات المتحدة، فبين من يرى ان داعش وقبلها القاعدة الأم ليسا سوى العوبة امريكية، ومن يجد ان هذه القراءة ﻻتتسق مع سجل الوﻻيات المتحدة في محاربة اﻻرهاب وحلفها ضد داعش، فإن هناك فريقا ثالثا يرى ان الدولة اﻻعظم تتحرك وفق مصالحها في عالم شديد التعقيد في مصالحه وصراعاته.
الساسة العراقيون، وذلك ماينعكس على علاقة بلدهم مع الوﻻيات المتحدة، ينتظمون في ايضا ضمن المحاور المذكورة، وغالبا مايفتقد اغلبهم، وجلهم رجال دولة، للرؤية وحتى اﻻرادة  لصياغة علاقات عراقية امريكية اكثر واقعية ترتكز الى فهم بواعث ومحركات السياسة الخارجية اﻻمريكية والتعامل معها وفق مصالحنا الوطنية، اذ مايزال البعض منهم سيما من اصدقاء ايران يرون في امريكا شيطانا اكبر يستحيل أنسنته، بينما يغرق القوميون الفاشيون واليساريون العقائديون في توصيفاتهم التاريخية للامبريالية مقابل بعض الليبراليين الذين يغرون باﻻرتماء التام في احضان ابناء العم سام .
تقوم السياسة اﻻمريكية على دعامتين اساسيتين : المصالح والقيم، وهناك اعتقاد راسخ داخل الوﻻيات المتحدة ان مصالح الأمة ﻻتتقاطع مع قيمها، وان حصل هذا التقاطع فإن مصالح امريكا هي قيمها العليا. قد تبدو هذه المقاربة مفرغة من الاخلاقية اﻻ انها ليست كذلك فاﻻدارة اﻻمريكية مسؤولة عن تأمين المصالح الوطنية والدفاع عنها، وهو واجب اية حكومة اخرى في العالم .
ان فهم هذه الفلسفة التي تجد تطبيقاتها من خﻻل نظام سياسي واداري امريكي مستقر ومؤسسات راسخة يمكن ان يشكل دليل عمل لصانع القرار العراقي في التعامل مع هذه الدولة وقيمها ومصالحها، فالعراق الذي يقع في بؤرة اﻻمن والمصالح الحيويين للوﻻيات المتحدة ﻻيملك بديل الافلات من هذه الحقيقة، وان خياراته في الوقت الحاضر، على اﻻقل، تنحصر في العمل على خلق توافق بين القيم والمصالح اﻻمريكية فيه واﻻفادة من ذلك بديلاً عن دفع المصالح اﻻمريكية للتقدم على القيم، وهو لﻻسف مالم يلق اهتماما من الحكومة والسياسيين العراقيين تحت خطل الحسابات والفشل في التخطيط  وادارة الصراع، والهوس بالشعارات الاستهلاكية الجوفاء، وادارة الظهر لمصالح البلاد الحقيقية.