23 ديسمبر، 2024 4:58 ص

غياب الدولَة العراقِية وإستحكام سطوة المليشيات/ح3

غياب الدولَة العراقِية وإستحكام سطوة المليشيات/ح3

بعدَ إلحاحِ الكثيرِ مِن الأخوةِ, الذينَ ليسَ الى رفضِ طلبِهِم سبيلٌ, مِن جعلِ حلقةٍ مُتممةٍ الى الحلقتينِ السابقتينِ وتحتَ نفسِ العنوانِ الموسومِ بِـــ (غِيَابُ الدَولَةِ العِرَاقِيَةِ وإسْتِحْكَامُ سَطْوَةِ المِلِيشيَاتِ), وفي الحقيقةِ مَن لم يبلغْ رتبةِ العصمةِ ولا الكمالِ الفكري, بل لا زالَ يَرزخُ بينَ صفحاتِ التسافلِ, لا طريقَ لهُ إلى الكمالِ إلا بلزومِ الجماعةِ والأخذِ بإستشارتِهِم, كيفَ لا واللهُ تعالى أمرنَا بالشورى في حالِ غيابِ مَن تجبُ طاعتهُ لملاكِ العصمةِ بقولهِ : {… وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ …}الشورى 38 …
ومَا أكدَ هذهِ الحاجةِ الى حلقةٍ أخرى, هو كيفَ لنَا أن نفكرَ بالحكمِ وإدارةِ الدولةِ ولم نجعلْ لنَا خيارٌ في الحكمِ, لأننَا أوقعنَا أنفسنَا بينَ علمانيةِ الدولةِ وأرضيةِ التشريعِ الموسومِ بالنقصِ عادةً, وبينَ اليومِ الموعودِ, أي سماويةِ التشريعِ والتطبيقِ ؟!!
وفي الحقيقةِ ليسَ الأمرُ كمَا يَفهمَهُ الكثيرُ, لأنَّ التفكيرَ بهذهِ الحديةِ سيكونُ سبةً على المسلمينَ وقياداتِهِم, لأنَّ ليسَ هنالكَ فرضيةً تسمحُ لهُم ممارسةِ القيادةِ بعدَ عصرِ النبوةِ الخاتمةِ أبداً, لغيابِ الإمتدادِ بينَ السماءِ والأرضِ والمُتمثلِ بالرسولِ الأعظمِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), ولكن طبقاً للقاعدةِ القائلةِ : (ما لا يُدْرَكُ كُلُهُ لا يُتْرَكُ كُلُهُ), وطبقاً لهذهِ القاعدةِ أسستْ الكثيرُ مِن الحكوماتِ الإسلاميةِ التي أتسمتْ بالعدالةِ بصورةٍ عامةٍ كحكومةِ الخلافةِ الراشدةِ بإمامةِ الخلفاءِ أبي بكرٍ وعمرٍ وعثمانٍ وعلي بنِ أبي طالبٍ والحسنِ بنِ علي عليهُم الصلاةُ والسلامُ, بل حتى ما تلا عصرَ الخلافةِ الراشدةِ من حكوماتٍ ظالمةٍ كحكومةِ الأمويينَ والعباسيينَ, فكلُهَا شواهدٌ على إمكانيةِ إقامةِ الدولةِ بعيداً عن التطرفِ في كماليةِ الحكومةِ …
#ولا_يُمكنُ …
أن نتخيلَ أبداً الوصولَ الى اليومِ الموعودِ أبداً إلا بكمالِ العناصرِ الثلاثةِ لذلكَ اليومِ, حيثُ كمالُ الحكومةِ والدستورِ والشعبِ, وهذهِ العناصرُ الثلاثةُ التي تعتمدُ عليهَا إنشاءُ الدولِ وإقامةُ الحكوماتِ, فلا يُمكن أن يُتصورَ أبداً دولةً بلا شعبٍ أو بلا دستورٍ أو بلا حكومةٍ, ولكنَ الفرقَ بينَ دولةِ اليومِ الموعودِ والدولِ ما بعدَهَا -بفرضِ أنَّ إمكانيةِ الوصولِ الى كماليةِ الدولةِ قد تحققَ فعلاً مِن خلالِ حكومةِ الرسولِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ)- النقصُ الكمالي وليسَ الوجودي في هذهِ العناصرِ الثلاثةِ …أي أنَّ الفرقَ بينَ اليومِ الموعودِ وبينَ الدولِ التي بعدَهُ هو في كمالِ العناصرِ الثلاثةِ, لأنَّ العناصرَ الثلاثةِ فيهمَا متوفرةً, وهي الحكومةُ والدستورُ والشعبُ, وفي حالِ إنعدامِ أحدِ العناصرِ الثلاثةِ لا يُمكن أن يُطلقَ عليهَا دولةً …إذاً يُمكننَا وصفُ دولةِ الرسولِ الأعظمِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) بدولةِ اليومِ الموعودِ, أو صغرى لكبرى اليومِ الموعودِ, الذي سيتحققُ يقيناً في المُستقبلِ, وسببُ إنطباقِ هذا الوصفِ على دولةِ الرسولِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), هو إكتمالُ عناصرِ هذهِ الدولةِ, حيثُ الحكومةُ الكماليةُ المتمثلةُ بوجودهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), والدستورُ الكمالي المتمثلُ بالقرانِ الكريمِ, والشعبُ المتكاملُ في عصرهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), بل بلغَ الحالُ بالصحابةِ الكرامِ درجاتٍ عاليةً في الكمالِ, حيثُ وصفَ اللهُ تعالى الكمالَ الذي وصلَ إليهِ ذلكَ المجتمعُ بقولهِ : {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الحشر 9,وكذلكَ قولهُ تعالى :{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح 29 …وفي الحقيقةِ أنَّ الآيةِ الثانيةِ تصفُ الرسولَ محمداً (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) والمجتمعَ الذي عاشَ فيهِ, بل مقتضى سياقِ الآيةِ يُلزمنَا أن نفهَم أنَّ مقدارَ الكمالَ الذي وصلَ إليهِ المجتمعُ أهَلَهُم أن يكونوا مع الرسولِ في الرحمةِ والشدةِ والركوعِ والسجودِ إبتغاءِ مرضاةِ اللهِ تعالى …
#ومِن_هنَا …
نحنُ كمسلمينَ ملتزمينَ أنَّ أيَّ فردٍ مِن أفرادِ المسلمينَ مهمَا بلغَ في رقيهِ ورفعةِ مَنزلتهِ وعلوِ شأنهِ عندَ اللهِ تعالى, لا يُمكن أن يكونَ مصداقاً مُطابقاً للرسولِ الأعظمِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) مِن حيثُ الكمالُ والرقي الذي يُهلهُ الى أن يحققَ شرطَ الحكومةِ العادلةِ, وبالتالي أنَّ غيابَ الحكومةِ الكماليةِ معرقلٌ لتحققِ ذلكَ اليومِ !!!ونفسُ الشيءِ يُقالُ في المجتمعِ الصالحِ المتكاملِ المؤهلِ في حملِ رسالةِ السماءِ كمَا أنزلهَا اللهُ تعالى مِن حيثُ التطبيقِ العملي, فإنَّ غيابَ هذا المجتمعِ سيكونوا معرقلاً لإنشاءِ الدولةِ الموعودةِ تحققِهَا في آخرِ الزمانِ, وهكذا الحالُ ما لو غابتْ كماليةُ الدستورِ فلا يُوجدُ أيِّ إحتمالٍ لهذا اليومِ …#وهذا …يصلحُ رداً قاسماً للظهرِ لمَن قالَ بإحتماليةِ الوصولِ الى اليومِ الموعودِ طبقاً لنظريةِ التطورِ المعرفي والتعلمِ مِن الأخطاءِ, لأنَّ نظريةِ المعرفيةِ لا يُمكن أن تنتجُ لنَا حاكماً عادلاً كعدالةِ الرسولِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) ولا كعدالةِ المعصومينَ (عليهُم السلامُ), بل أقصى ما يُمكن أن تنتجهُ حاكماً غايةً في العدالةِ ومتناهي في الحكمةِ, لكن يبقى النقصُ ملازماً لهُ …وكمَا أنَّ التطورَ المعرفي عاجزٌ عن إنتاجِ القائدِ العادلِ كذلكَ الحالُ في عجزهِ لإنتاجِ المجتمعِ المتكاملِ, بل هو أعجزُ مِن هذهِ الناحيةِ, لأنَّ الحكوماتِ مهمَا بلغتْ قدرتُهَا على التقدمِ في سلمِ التطورِ الفردي, تبقى عاجزةً عن التطورِ المجتمعي, وعدمُ إمكانيةِ الرقي بالمجتمعِ والفردِ ناتجٌ عن غيابِ الدستورِ الكاملِ, الذي يتعاملُ على أساسِ تربيةِ الفردِ والمجتمعِ, بل وينظمُ العلاقةِ بينَهُمَا …#لذا …لا أملَ باليومِ الموعودِ الذي آمنتْ بتحققهِ البشريةُ أبداً, بل أنَّ تحققَ اليومِ الموعودِ ضربٌ مِن ضروبِ الخيالِ, لأنَّ غيرَ المؤمنينَ بفكرةِ العصمةِ وإمتدادِهَا عبرَ الأجيالِ الى حينِ تحققِ اليومِ الموعودِ على يديهِ, يلتزمونَ ضمناً بإستحالةِ تحققِ اليومِ الموعودِ, نتيجةً لإيمانهِم بعدمِ العصمةِ فضلاً عن بقائِهَا الى مراحلٍ متأخرةٍ مِن عصرِ النبوةِ والإسلامِ, وإنَّ الإيمانَ بكماليةِ الدستورِ -القرانُ الكريمُ- لا يُحققُ بمفردهِ الكمالَ المطلوبَ للمجتمعِ, لأنَّ تفسيرهُ تتحكمُ بهِ الأهواءُ والرغباتُ الشخصيةُ مهمَا بلغَ صاحبهَا مِن الكمالِ وعلو الكعبِ فيهِ …وبمَا أنَّ المُقدمَ -لا أملَ بتحققِ اليومِ الموعودِ- باطلٌ, فإنَّ التالي يَتَبِعْهُ في البطلانِ -عدمُ وجودِ العصمةِ وكمالِ فردِ القائدِ-, وبالتالي لابدَ مِن وجودِ اليومِ الموعودِ طبقاً للنظرياتِ السماويةِ التي أجمعتْ -برغمِ مِن تحريفِ بعضِهَا- على حصولِ هذا اليومِ في المستقبلِ, بل وعاضدتْ النظرياتُ الوضعيةُ على يقينيةِ تحققهِ في نهايةِ المطافِ, إذاً لابدَ مِن وجودِ العصمةِ وإمتدادِهَا على طولِ التأريخِ لتحققِ شرطٍ أساسي مِن شروطِ تحققِ اليومِ الموعودِ …
#ونحنُ_كمَا_نجزمُ :
أنَّ ليسَ بمقدورِ البشريةِ إنتاجُ أطروحةً كاملةً كأطروحةِ القرانِ الكريمِ, فكذلكَ هي أعجزُ أن تُنتجَ حكومةً عادلةً معصومةً, لذا تكفلتْ السماءُ بكلا الشرطينِ الذينِ عجزتا البشريةُ عن إنتاجهِمَا على طولِ الخطِ, وإنَّ تكليفَ البشريةِ بِهمَا قبيحٌ عقلاً, لأنَّهُ تكليفٌ بغيرِ المقدورِ, وإلا لمَا صحَ مِن اللهِ تعالى الإحتجاجُ بكتابهِ الكريمِ والعجزُ عن الإتيانِ بمثلهِ, بل ولو بسورةٍ مِن مِثلهِ, فلذا تكفلتْ السماءُ الشرطينِ الأوليينِ, فتكفلتْ بالدستورِ نزولاً وبالنبوةِ تعليماً, حيثُ قالَ تعالى مخاطباً رسولهُ الكريمِ محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) : (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ{16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ{17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ{18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ{19}) القيامة …فإذا كانَ الحالُ مع الرسولِ بجهلِ التأويلِ للدستورِ الكاملِ والأطروحةِ العادلةِ ما قبلَ التأويلِ, فكيفَ بالبشريةِ أن تُنتجَ مَن يُمكنُ أن يفهَمَ تأويلهُ بعدَ ذلكَ, إذا لابدَ للسماءِ أن تتكفلَ القائدَ وجوداً كمَا تكفلتْ بنفسِهَا بالأطروحةِ الكاملةِ نزولاً …وهنَا لابدَ مِن الإلتفاتِ جيداً أنَّ شخصَ القائدِ العادلِ الذي تكفلتْ السماءُ بإعدادهِ إما أن يكونَ نبياً أو ولياً, فالسماءُ تُعدُ الأنبياءِ عن طريقِ الملائكةِ كجبرائيلَ (عليهِ السلامُ) بينَمَا تُعْدُ الأولياءَ بطريقةِ الوراثةِ عقباً بعدَ عقبٍ, ولإستحالةِ إرسالِ نبوةٍ غيرَ نبوةِ الخاتمِ (عليهِ السلامُ), كمَا ولعدمِ إحتمالِ نزولِ جبرائيلَ (عليهِ السلامُ) إلا على الأنبياءِ والمرسلينَ, وبمَا أنَّ الوراثةِ لا تكونَ إلا بالإتصالِ المباشرِ وبغيرِ الإنقطاعِ, لذا قالتْ الإماميةُ بولادةِ الموعودِ والمنقذِ (عليهِ السلامُ) مِن أبيهِ الحسنِ بنِ علي الهادي (عليهِمَا السلامُ), وهذا دليلٌ عقليٌ تامٌ, وقد دلتْ عليهِ الأخبارُ المتواترةُ, وبهمَا لا يصحَ القولُ بالنفي الولادةِ مِن أبيهِ الحسنِ (عليهِ السلامُ) أبداً …#إذن :
مابقي على البشريةِ إلا أن ترقَ بنفسِهَا الى توفيرِ الشرطِ الثالثِ, وهو الأقلُ مؤنةً مِن بينَ الآخرينِ, بل لا يصحُ المقارنةُ بينَهُمَا, ولذا صحَ بهِ تكليفُ البشرِ لأنَّهُ مِن التكليفِ المقدورِ …وهنا نرى الكثيرَ مِن الأنبياءِ والأولياءِ والصالحينَ هَمُهُم الأكبرُ والأعظمُ هو توفيرُ هذا الشرطِ, بل كلُّ قطرةٍ سالتْ على طولِ التأريخِ مِن الأنبياءِ والأولياءِ والصالحينَ كلُّهَا في سبيلِ إعدادِ البشريةِ والإرتقاءِ بهَا في سلمِ الإستحقاقِ لرؤيةِ اليومِ الموعودِ, بل وكلُّ التكاليفِ الإجتماعيةِ تقريباً كالأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ شُرعتْ مِن أجلِ الوصولِ بالمجتمعِ للإقترابِ مِن إستحقاقِ ذلكَ اليومِ …وعلى طولِ هذهِ السيرةِ المُقدسةِ التي بُذِلَ مِن أجلِهَا الغالي والنفيسِ مِن قبلِ الأنبياءِ والمرسلينَ نرى العلماءَ الأعلامَ المخلصينَ الممحصينَ المؤمنينَ باللهِ وبالرسولِ يعملونَ على إكمالِ هذا الشرطِ, وإيجادِ القاعدةِ القادرةِ على تحقيقِ الشرطِ الثالثِ والأساسي لليومِ الموعودِ, ولسيرهِم وسلوكِهِم بهذا النحو وعلى هذا الطريقِ الذي سلكهُ الأنبياءُ والمرسلونَ إستحقوا وصفَ ورثةِ الأنبياءِ وقرناءِ الأولياءِ وأفضلُ مِن الشهداءِ !!!ومَا علينَا نحنُ المكلفونَ والتابعونَ لؤلئكَ المخلصينَ الممحصينَ مِن العلماءِ إلا أن نُعينَهُم على تأديةِ واجبِهِم المقدسِ الأقدسِ, مِن خلالِ السعي الحثيثِ والسيرِ خلفهُم بخطى متوازنةٍ ومستقرةٍ لتوفيرِ هذهِ القواعدِ الشعبيةِ المهيئةِ لإستقبالِ أقوالِهُم وأفعالِهُم مستقبلاً, وأمَا أمرُ كمالِهِم فموكولٌ إليهِم أدامَ اللهُ ظلَ الباقينَ ورحمَ اللهُ تعالى الماضينَ …في حالةِ إستطعنَا أن نؤدبَ أنفسنَا على دعوةِ الناسِ الى محاسنِ كَلِمِهِم, والى جميلِ آلائهِم وإحسانِهِم, لرأينَا العجبَ العجابِ مِن إلتحاقِ الكثيرِ في ركبانِهِم والسيرِ خلفَهُم والإقتداءِ بهِم, وبالتالي إستطعنَا أن نعينَهُم بورعٍ وإجتهادٍ وعفةٍ وسدادٍ كما أعانَ الصحابةُ الكرامُ الرسولَ الكريمَ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) في التمهيدِ لدولةِ العدلِ الإلهيةِ سابقةً …#وهنا …يجبُ على الجميعِ الإلتفاتِ, بمَا أنَّ الخطابَ الإلهي المقدسَ لم يأتنَا بالكفِ عن الدعوةِ كمَا جاءَ الأنبياءِ والمرسلينَ السابقينَ على نبوةِ الخاتمِ الأمينَ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), كما في قولهِ : (فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ{61} قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{62} قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ{63} وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ{64} فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ{65}) الحجر, لذا يتحتمُ علينَا البقاءُ على الدعوةِ وفي الدعوةِ الى آخرِ نفسٍ نتلقاهُ, لأنَّ الخطاباتِ التي توجهتْ إلينَا هي خطاباتٌ مُطلقةٌ في الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ والمداومةِ على الدعوةِ الى جهةِ الحقِ التي نعتقدهَا …#إذن …فالتقاتلُ والتناحرُ والتسابقُ دوماً يكونُ بينَ الأطرافِ المتقابلةِ حقاً في الخارجِ, فالأنبياءُ والصالحونَ والأئمةُ والمرسلونَ يقابلهُم الشيطانُ وأبليسُ وقبيلهُ ومردةُ الجنِ, وعلى ماذا يكونُ هذا التماحرُ ؟ وعلى أيِّ شيءٍ يحتدمُ هذا الصراعُ ؟ وفي أيِّ شيءٍ تُستدامُ هذهِ المعركةُ بينَ جهتي الحقِ المطلقِ والباطلِ المُطلقِ ؟هل لكسبِ إبليسَ والشيطانَ ومردةِ الجنِ الى فسطاطِ الحقِ وصاحبِ الحقِ, وجعلُ هؤلاءِ يُعلنونَ التوبةِ والإستغفارِ والرجوعِ الى الرشدِ والصوابِ ؟؟؟
أم العملِ الجادِ والسعي الحثيثِ وبذلِ الغالي والنفيسِ مِن قبلِ هؤلاءِ الى زجِ الأنبياءِ والأولياءِ والصالحينَ والأئمةِ الطاهرينَ الى جانبِ الباطلِ والإنحرافِ في نهايةِ المطافِ, وجعلِ هؤلاءِ المقدسينَ الأقدسينَ مِن عديدِ إبليسَ والشيطانِ في نهايةِ المرحلةِ وفي نهايةِ الحياةِ ؟؟؟
بالتأكيدِ أنَّ هؤلاءِ لا يطلبونَ بعضهُم أبداً, لأنَّ كلاهُمَا عرفَ الحقَ حقَ معرفتهِ وعرفَ الباطلَ حقَ معرفتهِ, فإتخذَ كلٍّ منهمَا طريقهُ بإختيارهِ وبمشيئتهِ, فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الصوابِ أن يُفكرَ الرسولُ الكريمُ ولا النبي الأمينُ ولا الأئمةُ الطاهرونَ ولا العلماءُ المنتجبونَ يوماً مِن الأيامِ أن يدعُ الشيطانَ وأبليسَ الى الحقِ لغرضِ الإلتحاقِ بهِ, وبالمقابلِ ليسَ مِن العقلِ ولا مِن الصوابِ أن يُضيعَ الشيطانُ وأبليسُ ومردتهُ ثانيةً واحدةً أو لحظةً عابرةً في التغريرِ بهؤلاءِ المقدسينَ !!!لأنَّ هؤلاءِ المقدسينَ لم يكونوا بحسبانِ أهلِ الباطلِ مِن حيثُ الإنحرافِ وإمكانيةِ الإنحرافِ, لذا خرجوا مِن المعادلةِ الأبليسيةِ في الإغواءِ مِنذُ البدايةِ, حيثُ قالَ اللهُ تعالى في محكمِ كتابهِ العزيزِ حاكياً عن هذهِ الحقيقةِ ومصوراً لهَا بأجملِ صورةٍ وأبهَى عباراتِ : (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{34} وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{35} قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{36} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{37} إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{38} قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{39} إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{40} قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ{41} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ{42} وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ{43}) الحجر …#إذن …التسابقُ بالهدايةِ والإغواءِ يقعُ على مُحتملي الهدايةِ والأغواءِ مِن غيرِ إبليسَ والأبليسيينَ والشيطانَ والشطانيينَ, ومِن غيرِ المُخْلَصِنَ عامةً مِن أنبياءٍ ومرسلينَ وعلماءٍ صالحينَ وأئمةٍ هداةٍ مهديينَ, بل أنَّ هذهِ الطبقةِ خارجةً مِن عمليتي الهدايةِ وطلبِهَا والغوايةِ والسعي فيهَا, بل يقعُ المصابُ على الطبقةِ القابلةِ لهُمَا معاً, وهي أنا وأمثالي مِن الناسِ الذينَ يهتدونَ بهدى الأنبياءِ ويضلونَ بغوايةِ المنافقينَ التعساءِ …
إذن فالعملُ على كسبِ أكبرِ عددٍ من هؤلاءِ الذينَ وقعتْ عليهِم عينُ أبليسُ والشيطانُ وضمهِم الى فسطاطِ الحقِ والهدايةِ والصلاحِ, سيجعلنَا مُعجلينَ وساعينَ حقيقيينَ في التعجيلِ في تحققِ اليومِ الموعودِ, لأنَّ أمرَ تحققهِ منوطٍ بكسبِ أكبرِ عددٍ ممكنٍ مِن هؤلاءِ الذينَ يُمكن التعبيرُ عنهُم بالوسطيينَ بينَ الحقِ والباطلِ …
فمَن مِنا لا يرغبُ أن يحضَ بشرفِ عملِ الأنبياءِ والأولياءِ والصالحِ العلماءِ الذينَ وقعوا بالطرفِ المُقابلِ لمعادلةِ إبليسَ والشيطانَ في عملهِ بحرفِ الناسِ وجرهِم عن الحقِ الى الباطلِ ؟!!#وهنَا …لابأسَ أن أبينَ لكم شيئاً مهماً جداً عَلَهُ سيكون سبباً في شحذِ الهممِ …إنَّ أخشَ ما يخشاهُ أبليسُ اللعينُ, هو تحققَ اليومِ الموعودِ, لأنَّ تحققَ اليومِ الموعودِ يعني قتلَ وموتَ وهلاكَ أبليسَ, لأنَّ مهلةِ الربِ سوفَ تنتهي بتحققِ ذلكَ اليومِ, وهذا يعني أنَّ أبليسَ سيكونَ في عدادِ الأمواتِ والمقتولينَ ومِن أصحابِ النارِ, حيثُ قالَ تعالى : (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{36} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{37} إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{38}) الحجر …وبتحققِ اليومِ الموعودِ ستنتهي المهلةُ التي أعطاهَا اللهُ تعالى لإبليسَ, وتنتهي المدةُ التي قطعهَا اللهُ تعالى على نفسهِ لإبليسَ, إذن إنَّ تحققَ اليومِ المعلومِ والموعودِ هو بعلمِ اللهِ تعالى كائنٌ لا مُحالةٍ, كمَا أنَّ يومَ البعثِ والنشورِ هو بعلمِ إبليسَ كائنٌ لا محالةِ, لذا طلبَ أبليسُ مِن اللهِ تعالى أكبرَ وأطولَ فترةٍ يُمكنُ أن يعيشهَا المخلوقُ, فطلبَ المكوثَ الى آخرِ يومٍ ممكنُ أن تعيشهُ البشريةِ, بل طلبَ أكثرَ مِن ذلكَ, طلبَ البقاءَ الى ما بعدِ نهايةِ البشريةِ حيثُ يستمرُ بعمليةِ الأغواءِ لهُم وهم أمواتٌ وليسَ بأحياءِ, ويستمرُ الأغواءُ والتضليلُ لهُم الى أخرِ لحظةٍ يحتملُ فيهَا الأغواءُ …
ولكنَ آخرَ فترةٍ أمهلهَا اللهُ تعالى لإبليسَ هو اليومُ الموعودُ, وبالتالي أنَّ أبليسَ إن فشلَ في تمحيصِ والإختبارِ الإلهيينِ وإنَّ مصيرهُ الموتُ والهلاكُ والمكوثُ في العذابِ الأليمِ, لكنهُ لم يفشلْ أبداً في تأخيرِ تحققِ هذا اليومِ وهذا الموعدِ, بل عملَ على تأخيرهِ بكلِّ ما أوتيَّ مِن قوةٍ وقدرةٍ على الإغواءِ الى تأخيرِ اليومِ الموعودِ, وهنَا لايُتَوقعُ أنَّ تأخيرَ تحققِ اليومِ الموعودِ إلا بإغواءِ الناسِ وجرهِم عن أهلِ الحقِ وفسطاطِ الحقِ, لأنَّ سلطانهُ على هذهِ الطبقةِ الوسطيةِ وأمَا الطبقةُ المُخْلَصَةُ فهي الطبقةُ المُستثناةُ مِن البدايةِ وليسَ الى إغوائهِم مِن سبيلٍ, فلا يُحتملُ أنَّ العملَ على جرِ هؤلاءِ سيكونُ مؤثراً في الموعدِ لتحققِ اليومِ الموعودِ …#إذن …
تحققُ اليومُ الموعودُ يتوقفُ على كسبِ العددِ الكبيرِ مِن هؤلاءِ الوسطيينَ الى فسطاطِ الحقِ, وتأخرهُ يتوقفُ أيضاً على إبعادَ هؤلاءِ عن فسطاطِ الحقِ, فهل لنَا الشرفُ أن نكن مِن المعجلينَ الى تحققِ اليومِ الموعودِ بالإستعجالِ والسعي لتحققِ العددِ الكافي لإعلانِ هذهِ الدولةِ, وبالتالي سنُعلنُ ثورةً ليسَ بوجهِ الظالمينَ فقط, بل بوجهِ أبليسَ والشيطانَ وجنودَهُمَا …