هذه مقاربة نسبية لعيوب شخصية السياسي العراقي التي تعاني من نقص عدة صفات أبرزها الأركان الثلاثة :
– القيم الإنسانية .
– الوطنية .
– الكفاءة .
وهذه الأركان تتواجد داخل وعاء مقومات الشخصية العقلية والعاطفية والسلوكية ، منذ اللحظة الأولى لولادة الطفل العراقي تواجهه مشكلة غياب التقاليد السياسية الوطنية لتربية الأفراد الراغبين في ممارسة النشاط السياسي ، مؤسف ان نظرة المجتمع العراقي للنشاط السياسي هي إمتداد الى النظرة لشيخ العشيرة ، وزعيم المنطقة ، ( والشقاوة) والأخطر من هذا تختفي بين طيات ترديد الجماهير مفردات : هيبة السياسي ، وقوة شخصيته ، ورمزيته .. تختفي تفضيل الثقافة الإجتماعية السياسي العدواني القاسي القادر على إخضاع الشعب ، بمعنى الجانب السلطوي هو الذي يطغى على العقل الجمعي في التنشئة التي يتربى عليها السياسي ، ويتم إهمال الجوانب : الإنسانية ، والوطنية ، والكفاءة ، ثم تأتي التربية الحزبية التي تربي المتحزب على التعصب والدخول في الصراعات الدموية على السلطة ، وتبرير الخيانة الوطنية بمبررات شعار (( الأممية )) لدى الشيوعيين ، و(( والقومية العربية )) بالنسبة للتيار القومي ، ثم (( وحد الأمة الإسلامية )) لدى الإسلاميين!
بخصوص الأركان الثلاثة :
– القيم الإنسانية :
السياسي العراقي هو نتاج مجتمع متخلف عدواني تغيب عنه القيم الحضارية ، وهو كائن إنفعالي تسيطر عليه الأنانية وحب الظهور ( وعبادة الأفكار وتجاهل مصالح البشر ) ولهذا لانجد حضورا جديا في فكر وسلوك السياسي للجانب الإنساني ، لاحظ طوال تاريخ الدولة العراقية منذ حوالي 100 سنة قوانين الضمان الإجتماعي تكاد تكون معدومة ، ولاتوجد رعاية للفقراء وكبار السن ، والأرامل والأيتام ، ففي الثقافة الحزبية ، وثقافة المجتمع وشخصية السياسي الذي في السلطة .. ما يشغلهم هو الصراعات والأفكار والأمور البعيدة عن الإهتمامات الإنسانية !
– الوطنية :
آخر شيء يهتم به السياسي العراقي هو الجانب الوطني ، بل -غالبا – ما يكون السياسي عدوا صريحا ومدمرا لبلده العراق ، الوطن بالنسبة للسياسي هو وسيلة للوصول الى السلطة والمال ومزايا أخرى ، والخطير في الأمر ان غياب الوطنية عن السياسي الماسك بالسلطة إنعكس على موظفي الدولة والشعب الذين دمجوا ما بين السياسي الفاسد ومابين الوطن وتعاملوا مع العراق بلامبالاة وكسل وفساد وخيانة .
بإسم ( النضال ) حمل السياسي الشيوعي السلاح ضد الوطن وقتل أبناء القوات المسلحة ، وساهم بزعزعة إستقرار البلد تلبية لأوامر موسكو ثم أوامر الكورد ، وبتحريض من مصر وسوريا أقدم السياسي القومي على حمل السلاح والقيام بالإنقلابات العسكرية وتنفيذ المجازر والحروب ، وبإسم ( الجهاد ) الجماعات الإسلامية الشيعية حملت السلاح ضد وطنها وقاتلت مع إيران ضد العراق ، ثم دمرت بلدها وسرقة ثروات العراق وسلمتها الى إيران ، وكذلك فعلت الجماعات الإسلامية ( السنية ) حينما تحالفت مع إرهابيي القاعدة وداعش في الخارج وأدخلتهم الى العراق وتعاونت معهم لقتل أبناء الشعب العراقي !
– الكفاءة :
الكفاءة تنطلق من جودة التعليم وسلامة الممارسة والجو السياسي النظيف الوطني الذي يشكل الخبرة والكفاءة ، و السياسي العراقي بدون مهارات ، وليس لديه رؤية لخدمة بلده ، وهو -غالبا – يقفز من الأماكن الخلفية الى السلطة عن طريق الإنقلابات أو بمساعدة دول خارجية ، وهو يفكر ليل نهار في كيفية الحفاظ على السلطة وتحطيم خصومه ، وغير مستعد للتعلم كي لايقال عنه جاهل ، المفجع اننا في العراق على مدى 100 عاما من عمر الدولة لم ننجب سوى شخصية واحدة من حيث الكفاءة والرؤية الواضحة السليمة لبناء البلد هو الشهيد نوري سعيد ، وهذا أمر شنيع يدل على عقم المجتمع العراقي في إنجاب رجال الدولة الأكفاء .
ختاما .. من المثير للشفقة والسخرية معا ان يعول بعض العراقيين على نتائج الإنتخابات في إصلاح الأمور وعلاج المشاكل البنيوية في الحياة السياسية التي تبدو أكبر من كافة الحلول في الوقت الراهن !