(إن الثورات الحقيقية من حيث مضمونها العام هي تحرير الإنسان من عبودية الأنظمة الفاسدة والمستبدة بكل أنواعها وتحرير ذهنه من الأوهام والخرافات من أجل نيل الاستقلال الوطني والحرية والأمان وحقوق الإنسان ) ..
أذكر في العراق في مثل هذا الوقت تقريبا …هبت شرارة ثورية من خيرة الشباب والرجالات المثقفة ومن مختلف الأطياف العراقية كانوا قد خرجوا بلباس الإنسانية… مجردين من أية عباءة حزبية … منسلخين عن الغلاف المذهبي … اجتمعوا من كل صوب, لينادوا بحقوقهم الخدمية كتوفير الكهرباء والماء وصرف الرواتب مع المطالبة ببعض الإصلاحات في مؤسسات الدولة كتخفيض رواتب أعضاء البرلمان والوزراء ومحاسبة الفاسدين وإقالتهم من مناصبهم وهكذا.. كانت مطالبات حقوقية مدنية مشروعة قرب جدار التحرير سلمية حضارية وثم انتشرت بمختلف المحافظات العراقية نترقب مشاهدتها عبر بعض الوسائل الإعلامية كل يوم جمعة …
إلا أن أصبح الأمر جادا ووضعت رئيس الحكومة على طاولة تنفيذ المطالب .. وإذ به يقع في صراع بين سماع الحناجر الحرة المحقة وما بين الانصياع لحبائل الشياطين المتكتلين معه في السلطة .. ومن ذاك اليوم لهذا اليوم لم يتمكن من أجراء إصلاح واحد بل نجد العكس من ذلك تماما فقد تشابكت الأصوات وتأزمت الأمور وأكلت الثورة ولعقت دمائها …
لنكشف ما وراء هذه الحقيقة المرة .. وجود صبية يقتادون أتباعهم في الشوارع والمساجد أو القصور العالية المطلة على الشواطئ وتحت الجسور منهم من يحشد أتباعه بغطاء الدين والموت ومنهم من يحشد أتباعه من مؤسساته الكبيرة ومن نسائه الكثيرات ما بين السمر والشقراوات تحت غطاء الملتقى الثقافي .. ويبدءان بعملية تحشيد الطاقات وتوجيهيها نحو تحقيق أهدافهم.. وبرضا أمريكا وحلفائها تتلاطم الأمواج وتردم المسيرات وبآخر موضة .. تيار ابيض ركب موجة شارع التحرير وتسطح على بحر الثورة وسيرها للحصول على ست وزراء مغلفين جدد غير الذين فاح عطرهم النتن بالفساد والتلكؤ الشديد في إدارتها بينما التيار الأصفر لنفس السبب قد وافق على تشكيلة جديدة عابرة حكومة بغداد صوب أربيل تشتمل نفس المكونات بشرط أن تحافظ على الاتفاقيات النفطية والإستراتيجية التي تعاهدوا عليها مع الحليف بارزاني لذلك جاء الإيعاز الأمريكي بتغيير الوجوه الوزارية مع كروسات حمراء على وزراء حزب كردستان والإبقاء على وزيري الدفاع والداخلية أيضا وإخماد الثورة ..
من المعيب حقا أن يتخاذل رئيس الحكومة وهو في بلد ديمقراطي وقد خوله الشعب باتخاذ الإجراءات الإصلاحية اللازمة ..مع العلم إن تغير وزراء أمر طبيعي وضمن الصلاحيات القانونية لرئيس الوزراء حتى الجار الشقيق سوريا والتي هي في حرب وحدها ضد 90 دولة يضربوها بكل قوة ووحشية رغم هذا أستطاع الرئيس الأسد من تغير وزرائه وقيادات جيشه باستمرار.. السيسي الرئيس المصري تمكن ولأكثر من ثلاث مرات أن يجري تغييرات في كابينته الوزراية منذ توليه الحكم وهكذا .. أما عجز رئيس حكومة العراق يبرهن على ضعفه وحرصه الشديد على منصبه الأعرج …
بات الحل الأمثل لإصلاح الوضع الراهن في العراق هو تفجير ينبوع ثورة مدنية جديدة بعصيان مدني عام …لإسقاط النظام برمته .. فحكومة مستوردة من أمريكا تطحن في أربيل وتدار في بغداد بمنخل حزبي لا تنتج غير الفساد .. فكل مؤسسات الدولة قد فشلت.. لأنها تلوثت بجراثيم الأحزاب لا سيما وكل حزب له نسبة من وزارات الدولة ومؤسساته توظف أشخاصا لصالحها لا على أساس الكفاءة بل على أساس الحيلة والموالاة بدليل ما يحدث من عجز في المنظومة الأمنية للدولة ناجم عن زج أناس تزكيهم الأحزاب ليكونوا قيادات وضباط وأفراد بمؤسسات الدولة الأمنية وفق المحاصصة والموالاة الكثير منهم مستعد ليتقاضى أبسط الأجور مقابل أن يمرر عجلات مفخخة تشتت أجساد الأبرياء وتعبث بأمن وسيادة الإنسانية والوطن ..
يقول إيما نوبل
لا احد يستطيع إلزامي بطريفتي كما هو يريد كما يؤمن هو ويعتقد إن هذا هو الأفضل لي وللآخرين لأصبح فرحا وسعيدا كل منا يستطيع البحث عن سعادته وفرحه بطريقة التي يريد وكما تبدو له نفسه الطريق السليم بشرط أن لا تمس بشي حرية الآخرين وحقهم في الشيء ذاته . …
(َوَلكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)….
.