23 ديسمبر، 2024 10:57 ص

نعم ، الشمس وقحة جدا و لا تخجل ،فعلا، حين تطل على عشاقها بحدقات  مفتوحة حارقة و رموش قاتلة كسيوف مسلولة تستبيح عشاقها الموت عشقا او انتظارا لديمومة العشق الازلي ….! تتوق نحوه  عناصر البقاء جميعا في كل ثانية من ثواني الزمن ، عشق سرمدي التكوين لا مفك من ظلمه و جبروته القسري وتنحسر الامكانية لفراقه…!… تتحرك بغنج ودلال لحظوي يخدر النفوس ويثمل الارواح المترنحة في طوفان سرمدي يذوب حتى يضمحل في اديم مفاتنها المرصع بأشرعة من اطياف ملونة بجمال  يسلب العيون  نواظرها التي لا تغض الطرف من انبثاق الفجر حتى استهلال ساعة الغسق بعد تعب ليوم طافح بالحس يعتاش فيه سكان الكروية بتجاذب رباني لا ينفك مخلوق من فراقه او الاستغناء عنه ، احيانا تتجمل الشمس وتخاصم المخلوقات المشدودة نواظرهم بحبال الانبهار في ضوئها الاخاذ ، فتغمض نصف عين فقط فتنتشر العتمة ويبدا العشاق بالابتهال والتضرع لخازن الفردوس كي تفتح هذا النصف من جديد ليمرغ الخلق خدوده المتعبة في طوفان المتعة والخير والجمال ….!؟

  القمر مخلوق خجول ، بخلاف الشمس ، فهو يستحي كثيرا فيغض الطرف وهنا منبع خلافه معها ، يقال ومن مقربين ، نجوم وكواكب، انه يحسدها ويغار منها كثيرا ، اكد اخرون انه لا يجاريها جمالا وفتنة كونه ذكر والذكر لا يقاس فيه الجمال بدرجات الانثى ، لذا فهو يلتف بعباءة الليل و يبدأ رحلته عقب انسدال جفونها المتعبة ويسرح في غياهب الاثير بعيدا ليعطي الضوء الاخضر للقاء العشاق والمحبين تحت عباءته الخافتة الساحرة ويشهد كل نبضة قلب وعهد حب ،وهكذا صار القمر عنوانا للمحبين وملجأ للهائمين شوقا ، يسبح في اثير الاحساس والنشوة تحو موعد لكوكب او نجم ويسهد الليل حبا وشوقا  ، تختلس النجوم والكواكب وملائكة الاثير مشهده الوردي حالما يقترب الليل من جدار الضوء ، يتسلل خلف جفونها المنسدلة برقة وفتنة وهدوء وهو يغطي جزءا من وجهه بشكل هلالي بظن احدا لم  تراه ….!!؟

 يحكى انهما كانا شمسان في سماء واحدة ، ذكر وانثى ، عاشا قصة حب مجنونة يتحاكى بها سكان السبعة من كواكب ونجوم وملائكة ومدار جدلهم لقرون خلت كما يتحاكى سكان الارض بحكاية قيس وليلى ، حتى اقترنا وخلفا الكواكب التسعة ، بعيدا عن نواظر ابليس الذي كان منشغلا بحكاية ادم وحواء ومن فوق عقدة العلائق المقدسة طالت انفه نسائم الحب فمد يده نحوهما فتفككت عرى الوفاق وتبعثرت ، حين زرع شجرة الفرقة ودق اسفين العداء بينهما و الى الابد ، اقتسما اليوم بالتساوي نهار وليل  واستمروا على هذا الجفاء والمظاهرة لحين الساعة، ربما سيتبدل الزمن  وينتصر الخير وتعود الضفتين لتحتضن النهر ويتوحد العطاء وتضمحل بذور الشر وتموت شجرة الفرقة وتنمو بذرة الحب بينهما من جديد….!

تضحك الشمس احيانا من افعالنا المخجلة وتصرفاتنا التي تتجاوز حدود المألوف وجدران الذوق ، وتقهقه بصوت عال كالرعد وحين تعلو قهقهتها ، تخجل وهي تلحظ الكواكب و الملائكة و النجوم ، تنظر نحوها باستغراب فتغطي وجهها بشال من غيوم سوداء وتنزر عينيها مزن من غيث رطب يداعب اوراق الاشجار و الزهور ويمسح عنها غبار الزمن و التعب المثقل بوفر رباني من المن و تعلو طيور السلوى السماء ، ويروي هذا الغيث الظمأ المستشري في عروق المخلوقات حين ينفذ ويبلغ غاياتها ويندفع بقوة ربانية ليلقي سره المتكامل فيها ويغلق دائرة الطبيعة المهندسة بأصابع الخالق لتكون فيضا من ربيع في جميع الاجساد ليستمد عنفوان النمو حفيظته المحسوبة سلفا ويقتفي اثر السريان في النسوغ المتحركة بكل الاتجاهات و التي تؤمن ديمومة البقاء وسر الخالق في كرويته…..!!..تستقبل المخلوقات دموع الشمس الضاحكة ونور جمالها الوهاج لصناعة الامل في الحياة والغذاء بالنفوس فتحمر الخدود والشفاه وتتجسد الاجساد وتخضر الاوراق ويتصاعد المواء والبكاء لمولود جديد من امل منتظر يحتضن الاستمرار و يستعد كل مخلوق بتأدية واجبه الطبيعي الملقى على عاتقه بشكل عفوي في دورة متكاملة تتسيدها الشمس والقمر بالتعاقب ، انهما نور الله الدائم فينا…!؟

 يوما غير محسوب مسود المعالم ، ستغضب الشمس ، من افعالنا الباهتة والتي لا تحتمل، غضبا شديدا وتغمض عينيها والى الابد…!؟…حينها يودع الجمال الدنيا وتذهب الحياة ويغطى الظلام الاثير والافق وتتجمد البحار والمحيطات والانهر وتسقط اوراق الاشجار وتذبل الزهور وتبدأ بالاختفاء ويحتل التراب والهواء ويضمحل الخط الفاصل بين السماء والارض وتنحسر الطيور والمخلوقات وتتحجر ولم ينقذ الحياة هذه المرة نوح ولا سفينته وحتى تدخل الانبياء والرسل وملائكة السماء و طرد الشيطان من الدنيا لا يجدي نفعا….!؟…. الكل سيخضع لميزان العدل ، وما ينفع الا زرع وفير مسبق من خير قد يبدأ حصاده ذاك اليوم……..!؟ ازرع خيرا  في وطنك….ستفرح الشمس  وستفتح عينيها من جديد…!؟