الغصّةُ موجودةٌ اصلاً منذُ سنينٍ ثلاث , وهي مستقرّة بين البطينين والشرايين والأوردة , ولا من مجالاتٍ لمعاجتها بالأدوية او العمليات الجراحية .!
لكنّما منذُ اُثيرت قضية الأستفتاء وما سبقها من رفع العلم الكردستاني على اسطح المؤسسات والدوائر الحكومية في كركوك , فهذه الغصّةُ آخذةٌ في التورّم والتضخّم .! , وفي واقع الحال وبعيداً عن المشاعرِ والعواطف المكبوتة , فكلّما اتعمّقُ بالتفكير في قضية سقوط كركوك في حزيران 2014 في زمن الحكومة السابقة , ومن دونِ معركة ولا اطلاق رصاصةٍ ولو عشوائية , فأكادُ اُصابُ بدوار البحر والبر والجو .! , وإذ معروفٌ وبوضوح أنّ كركوك بعيدة ببعضِ مئاتٍ من الكيلومترات عن الموصل التي سقطت بأيدي الدواعش آنذاك , ومعروفٌ ايضاً أنّ أوامراً عسكريةً صدرت من بعض الضباط ” معظمهم من الكرد ” بسحب القطعات العسكرية المتواجدة في المدينة , كي تدخلها البيشمركة المتهيئة سلفاً والتي كانت مرابطة على حافات وتخوم كركوك , وكلّ هذا قد سبق وملأ صفحات وشاشات وسائل الإعلام , لكنّ اللغز الطلسمي يشتدّ ويحتدّ عن لماذا لم ترسل القيادة العامة للقوات المسلحة او رئاسة الوزراء قطعات ووحدات عسكرية بديلة لإسترجاع كركوك في اليوم الثاني لسقوطها او حتى بعدها بأيامٍ معدودات .! بل نتمادى ونقول بعد اسابيعٍ وشهور .! , وكان احتلال هذه المدينة في شبهِ تجاهلٍ من الإعلام الرسمي للدولة , وامسى احتلالها كأمرٍ واقع وكحقيقة مسلّمة لا يمكن تغييرها .! , ومن المفارقات الحادّة أنّ التغافل عن كركوك منذ ذلك التوقيت وما بعده لم يكن بسبب الموصل وداعش , فَلَم تجرِ معاركٌ هناك ولم يجرِ الهجومٌ مضاد لأستعادة الموصل إلاّ في زمن العبادي , والأنكى من ذلك فقد اُثير حينها موضوع التحقيقات حول سقوط الموصل وَمن هم القادة العسكريون والمسؤولون السياسيون المتهمون بسقوط هذه المحافظة , واجريت بالفعل تحقيقاتٌ مكثفة بهذا الشأن , لكنه لأسبابٍ حزبيةٍ تتعلّق بالسلطة آنذاك فقد جرى اغلاق ملف التحقيق واخفاؤه , ولا ندري فربما جرى حرق اوراق الملف .!
لكنّ الغصّة التي اضحت تتفاقم وتتعاظم , هي لماذا عدم اجراء تحقيقٍ دقيقٍ عن الذين تسببوا بخروج الوحدات العسكرية من كركوك , وهم ليسوا من الأكراد جميعاً , وما هو السّر في ذلك .! ولماذا السكوت عليه , وكأنه تمهيداً سيكولوجياً لترفرف الأعلام الكردية في كلّ زوايا كركوك او محافظة التأميم التي الغت الحكومة العراقية أسمها , وكأنّ التأميم وصمة عار .! وكأنه ايضاً ليس اعادة ملكية النفط للشعب العراقي , وهو أمرٌ لا علاقة له بالسياسة او النظام السابق .!
وَ , كركوك تنطبقُ عليها حرفيّاً مقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر : < ما يؤخذ بالقوة لا يُسترد إلاّ بالقوة > .!