18 ديسمبر، 2024 8:12 م

في ما كنت أستعد للسحور ونية صوم يوم جديد من أيام رمضان المبارك التي تمر سريعة، حتى بدأ العد التنازلي لمغادرة هذا الشهر الفضيل، طرقت الباب، وإذا بجاري يطلب مني مرافقته الى المستشفى كونه يشعر بضيق تنفس وحالة إختناق، ولأني لا أملك سيارة، كوني من أصحاب الدخول المحدودة، ومن الذين يلتزمون بتقاضي الراتب الشهري ” اللي ما بي بركة”، أو محسود، وعين الحسود تبلى بالعمى، أو ربما، وهذا هو الأرجح، أن الراتب وحده ما يوكل عيش على قول المرتشين، وسراق المال العام والخاص، المهم نرجع للسالفة أعطاني ” سويج” سيارته، وانطلقنا في ساعات الليل الموحشة الى مستشفى الشيخ زايد في ساحة الأندلس، وكان إيجاد موقف للسيارة مشكلة حمدت الله عليها أنني من رواد الكيات، “وين ما تضيق أنزل وأدكه مشي”، ممنوع الوقوف عند بوابة المستشفى أو قربها، قيل لي هناك موقف للسيارات على بعد فرعين، لكني وجدت الموقف مغلق، فاضطررت ومع حالة جاري الذي إشتدعليه الخناق، أن أركن السيارة قرب مقر إتحاد الأدباء، ومن دون أن ألتفت الى صيحة من هنا أو هناك، أسرعت بجاري الى طواريء المستشفى، وهناك إستقبلوا الحالة، وأجروا لها الإسعافات الأولية، أوكسجين وحقنة موسعة للقصبات نام صاحبي في أثرها، بينما إنشغلت أنا في البحث عن شيء أتسحربه، وكانت فرصتي الذهبية في بسكت بلامعالم وعصير لاماركة مسجلة له، رجعت الى صاحبي وسألت الطبيب عن حالته؟، فأجابني بسؤال : يدخن؟ .. قلت : نعم، لكن أركيلة، وكنت أظنه سيحدثني عن مضار التدخين، الا أنه قال لي : يبدو أن التبغ الذي يستخدمه مغشوش !!، لكن الدخان عموماً سكائر أو أركيلة مضارها معروفة، لاتحتاج أصلاً الى غش صناعي، قلت له، غير أنه أفادني بمعلومة أن الغش في السكاير مثله مثل أي غش آخر سواء في الأغذية المعلبة أواللحوم المستوردة وحتى الأدوية.وأستطرد الطبيب الذي كان يجد في حديثه معي فرصة لقضاء وقت خفارته التي طيرت الحالة التي جئته بها النوم من عينه قائلاً : هذه السكائر خطرة جداً وهي تصيب الجهاز التنفسي والهضمي بامراض كثيرة بسبب عدم جودتها وزيادة نسبة النيكوتين والقطران فيها عن المستوى العادي واكثر امراض التدرن تأتي بسببها.
 سألته : الا توجد رقابة صحية على هذه المواد الخطرة كما تقول؟.
 أجابني بحسرة : لاتوجد رقابة صحية، ولا تقييس وسيطرة نوعية، فكل شيء قابل للإستيراد حتى المواد المسرطنة، وقبل أن يكمل تدارك بحسه الأمني الذي يعيش ويراقب ففي داخل كل واحد منا رجل أمن وحارس بوابة : لكن ماذا تفعل الحكومة إزاء حجم الفساد الكبير “الله يساعدهه” وبهذه الدعوة الأخيرة أمّن نفسه من المساءلة واحتطاط لكل كلمة قالها كما في العرف العسكري ” حيطة وحذر”.
خرجت من المستشفى وصاحبي يتنفس الهواء بدون ضيق، لكني كنت أشعر بضائقة نفسية وأنا أستعرض في مخيلتي كل ما موجود في السوق وأستشعر خطره على نفسي وأولادي والأطفال والكبار وأتساءل بصوت عال : أين جهاز التقييس والسيطرة النوعية؟ وأين الأجهزة الرقابية ؟ وأين المواصفات والمقاييس العراقية لتحديد معايير الجودة.القضية خطرة، وإرهاب من نوع آخر، إذا لم نتداركه ونخضع السلع والمنتوجات المستوردة للرقابة.