23 ديسمبر، 2024 2:02 ص

غزو العراق: ما دور.. إعلام التضليل في مفاقمة التجهيل..؟!

غزو العراق: ما دور.. إعلام التضليل في مفاقمة التجهيل..؟!

هل نريد الصراحة على قساوتها، أم أُختها الجارحة؟.. أم نريد نفاقاً وكذباً لا حدود لهما، وكلمات لا معنى لها ولا يؤمنون بها، ولا يمسكون بعروتها، أو يطوفون حولها، أو يصلون على قبلتها..؟! الكل يطالب بالحقيقة ولو قست، والصراحة وإن هي أدمت.
إنها القصة التي رواها خصوم العراق وشعبه وصدام حسين عام 1992، أي أولئك الذين خدمتهم القصة يوم لفقت وتستروا وراءها- كما تستروا وراء هدف تحرير الكويت وضرب العراق عام 1991 فغزو وتدمير العراق عام 2003- ليخفوا أهدافهم ومصالحهم الأُخرى.
ملخص القصة كما روته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية هو أن أعضاء في “الكونغرس” الأميركي قد أعطوا الموافقة على الحرب ضد العراق بالإستناد إلى قصة ثبت تلفيقها، وأنهم ما كانوا ليعطوا الموافقة بغيرها، وشكلت سبباً وحافزاً أخلاقياً وإنسانياً لقرار الرئيس الأميركي بضرب العراق وتدميره.
ماهي هذه القصة- الإكذوبة.. يقول “جون مكارثر” ناشر مجلة “هاربر” وأحد المدافعين الأحرار في نيويورك عن حقوق الإنسان أن مؤسسة: ((هيل ونولتون للعلاقات العامة)) التي تعاقد معها آل الصباح حكام الكويت لخلق المناخ الملائم للحرب، قد استخدمت شهادة طفلة أخفي اسمها الكامل والحقيقي عن أعضاء الكونغرس والرئيس الأميركي عمداً، لتقول أمام أعضاء الكونغرس أنها شاهدت بعينها الجنود العراقيين ينتزعون الأطفال الرضع من حاضناتهم ويلقون بهم أحياء في الشوارع ليموتوا. ولم تنس ((نيره الصُباح)) ابنة الشيخ ((سعود ناصر الصباح)) سفير الكويت في أميركا آنذاك أن تقسم وأن تحدد عدد الأطفال الذين شاهدت الجنود العراقيين ينتزعونهم من حاضناتهم ويرمونهم على الأرض، فهم خمسة عشر رضيعاً!!
ويؤكد “مكارثر” في تقريره أن أطباء المستشفى الذي ذكرت “نيره الصُباح” أنها شاهدت الحادثة بأن عينها فيه، قد نفوا الحادثة جملةً وتفصيلاً. فلا صحة للقصة الملفقة ولا أصل، وإنها ليست أكثر من أكذوبة تمت فبركتها للمساعدة على خلق جو معادٍ للعراق وشعبه وقيادته، وإعطاء مبررات لتلك الحرب التي قاد إليها سوء التقدير وسوء القرار.
لم تنته القصة بعد. فعضو الكونغرس الأميركي عن الحزب الجمهوري (جون إدوارد) وعضو لجنة حقوق الإنسان التي استمعت إلى شهادة المحروسة (نيره الصباح) قال أنه لو عرف اسم الفتاة كاملاً قبل أن تدلي بشهادتها- أي أنه لو عرف أن الفتاة هي أبنة سفير الكويت صاحب المصلحة في الكذب- لما سمح لها بالإدلاء بها.
وتتالت فيما بعد الاعترافات على كرسي المغفرة لن بعد فوات الأوان- أي بعد ضرب العراق في 1991-، فـ(توم لانتوس) رئيس لجنة حقوق الإنسان في الكونغرس أكد أيضاً- كما نقلت وكالة (رويتر) وهي وكالة أنباء إنكَليزية لا عراقية أو صدامية أو بعثية- أنه لا يعرف اسم الفتاة.؟!
ومما أثار الصحافة الأميركية- الأميركية لا العربية!!- أن الرئيس الأميركي قد استشهد بهذه القصة الملفقة ست مرات في خطبه الرسمية، وقد استخدمت ذريعة لتضليل سياسي كبير بهدف إثارة الرأي العام وجعله يتقبل حرباً قذرة كبرى ضد بلد صغير.
شركة (هيل ونولتون) اليهودية الأميركية فبركت قصصاً أُخرى، وحبكت مؤامرات أخطر ضد العراق وشعبه وقيادته الوطنية آنذاك، يوم أوكلها شيوخ الكويت بأن تقوم بتعبئة الأجواء وإعطاء أصحاب القرار القذر المبرر الأخلاقي النظيف.!
ثمة قصة أُخرى- تتصل بما هو تحت الحزام ودائماً يربطونها بشهوة ووحشية المقاتل العراقي- جرى تداولها ثم طمرها مروجوها لعدم فائدتها خلال الأزمة ما بين 1990- 1991. قصة اغتصاب (المضيفات) في أحد فنادق الكويت من قبل جنود وضباط عراقيين. فقد ذكرت (مضيفة تونسية) أنه قد اغتصب العراقيون في الفندق الذي كانت فيه أمامها (مضيفتين إنكَليزيتين) وحين جرت أجهزة الإعلام بفضولها المهني إلى المضيفتين الإنكَليزيتين وقد وصلتا إلى لندن قادمتين من الكويت نفت المضيفتان الحادثة، وأكدتا معاً أنهما عوملتا معاملة طيبة ولم يمسهما أحد.!
شكراً لـ(نيويورك تايمز) و(رويتر) و(جون مكارثر)، فقد كشفوا لنا واحدة من تلك الأكاذيب الصغيرة التي تصنع القرارات الكبيرة.!
ختاماً تحية لشهدائنا.. والحرية لأسرانا وأسيراتنا.. والشفاء لجرحانا