منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وانفراد اميركا بالعالم والازمات تتوالى في هذا الكوكب وقد نال النصيب الاوفى منها منطقة الشرق الاوسط والعالم العربي لما فيه من ثروات ، وموقعه المهم ، واحتوائه وقربه من مناطق ووصلات الصلة بين البحار ، كقناة السويس ، ومضيق هرمز ، وباب المندب ويعتبر مهدا للديانات والحضارات ، ولضعف حكامه وتبعيتهم الى الغرب والى اميركا بالذات اذ سيطرت على منابع الحياة في هذه المنطقة لامتلاكها الالة والتطور في مجالات التكنولوجيا والقدرة العسكرية وابقاءها عمدا متخلفة متراجعة عن طريق قتل علمائها ومفكريها وكفاءاتها ، وعدم السماح بنشوء وتطور وسط علمي ذي بال وتحجيمه ومحاصرته كما حصل مع قتل العلماء العراقيين والمصريين على يد المخابرات الاميركية والموساد الاسرائيلي .
مارست اميركا ابشع صور التحطيم والتدمير في العالم عندما اعطت لنفسها الحق في السيطرة عليه وشن الحروب وتثبيت من تشاء من الرؤساء او قلعهم او تصفية من يخالف سياستها ، جاء في موقع ابوريا الفنزويلي : ( ان الولايات المتحدة الاميركية هي ربما المتورطة قي عملية نقل خلايا مسرطنة الى جسد تشافيز وانها منذ عام 2003 ربما كانت تحضر خطة لنقل نوع من انواع السرطان القاتل الى جسد الرئيس واكد الموقع ان مثل هذا السلاح ربما استخدم ضد سبعة رؤساء لبلدان اميركا اللاتينية ) . واعتادت اميركا على اصطناع الازمات في اي مكان ترغب عن طريق السي اي ايه اخطبوطها المرعب الذي يخنق ويقتل ويدمر وسكوت عالمي عن هذه الممارسات ، واوكلت حروبها الى عصاباتها كما هي الحرب في العراق وسوريا ، والى حلفائها كما هي حرب اليمن بعاصفة خائبة لا تستطيع الا قتل الضعفاء بقيادة عشوائية لال سعود نيابة عن اسرائيل وباموال ، ودماء ، وجيش عربي اسلامي لانتزاع كلمة استحسان من السيد الاسرائيلي .
لم تبقِ هذه الحرب حجرا ولا مدرا في بلد هو في الاصل فقير ولا يمتلك بنية تحتية سليمة وسط استعمال اسلحة محرمة قتلت الاطفال والنساء في منظر دموي رهيب يرفضه العقل ، والمنطق ، والانسانية ، يذكرنا بمنظر القصف الاسرائيلي على غزة بالقنابل المحرمة وقتل الاطفال والرضع ، وكل ذلك خوفا من سيطرة الحوثيين على اليمن ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الاحمر بخليج عدن وبحر العرب والذي يعتبر رئة التجارة العالمية ، وتصدير النفط الى اوربا والعالم . اشعلت الولايات المتحدة حروبا قومية ، ودينية ، وطائفية خطيرة ليبقى اوارها ينضج هذه المنطقة لتكون اكلة سهلة سائغة والاستحواذ عليها بتفتيتها وتقسيمها ، لقد سلبت اميركا حياة الالاف من الناس لتنعم بالحياة وهي مستعدة لالصاق اكبر التهم والاكاذيب باي دولة ترغب من اجل صنع ذريعة ومسوغ لانشاء قواعد عسكرية دائمة في المنطقة لغرض الهيمنة وتوثيق وتدعيم وتثبيت النظام العالمي الجديد مهما كانت النتائج مريعة .
كان العراق ضحية اكاذيب مكشوفة لشن حرب مدمرة ثالثة اسموها حرب العراق او حرب الخليج الثالثة بدات في 20 مارس 2003 لتنهي ما تبقى من جيش ، وبنية تحتية منهكة ، واقتصاد مترنح وتعيث في البلاد الفساد ، ولتخلط الحابل بالنابل ، ولتدمر ثقافته ، وتسرق تراثه واثاره ، وتجهّله بتاريخه ، وحضارته في خطة لها اذرع منها العسكري ، والحضاري ، والديني تمتد الى اجيال قادمة كي لا تعرف عن ماضيها شيئا ، فكل شعب ليس له ماضٍ فهو لا يملك مستقبله .
فاما الحضاري فهو سرقة التراث ، والاثار ، والحضارة لقطع الاجيال الحاضرة والمستقبلية عن تاريخها لتنشا جاهلة محبطة لا تمتلك الثقة بنفسها ولا شق طريقها وتمييعها وسهولة السيطرة عليها ، وما سرقة المتحف العراقي الا شاهدا على ذلك وفقدان 170.000 قطعة اثرية ابان الاحتلال الاميركي وعدم حمايته بحجة عدم وجود العدد الكافي من الجنود في اكبر عملية سطو في التاريخ لاثار دولة بمشاركة اميركية وذلك باتخاذ المواقع الاثرية كبابل واكد معسكرات لقواتها وتدمير معبد نابو ونيما اللذين يرجعان الى 6000 سنة قبل الميلاد ، وسرقة الاثار التي تبين التطور الحضاري للعراق واستقرارها في اسرائيل .
والذراع الديني الذي بدات بوادره بالظهور على السطح من خلال العلاقات الاسرائيلية مع آل سعود ورضوخهم لمطالب اسرائيل وتدخلهم بامور الدين الاسلامي وتاثيرهم على قرار المؤسسة الدينية ” الوهابية ” هناك وليس بعجيب ان نرى سفارة اسرائيلية في الرياض وعلم الدولة العبرية يرفرف في مكة والمدينة ، وبالاخص بعد القرار الاميركي بتمرير مسؤولية السعودية في هجمات الحادي عشر من ايلول على الكونغرس الاميركي ومساومتها على اموالها المودعة والتي تبلغ اكثر من 750 مليار دولار في اكبر عملية خداع وسرقة في التاريخ البشري .
كانت كذبة ارتباط العراق بالقاعدة وامتلاكه اسلحة الدمار الشامل من صنع المخابرات الاميركية والموساد الاسرائيلي في عملية اغتيال لكل ومضة ضمير او قدحة عقل ، وسحق ومحق لكل الاخلاقيات ، والمواثيق ، والدساتير في حالة رجوع مخيفة الى عصور الجهل والتخلف ولكن بثوب جديد كغزو الفضاء ، والوصول الى المجرات، والقنبلة ، والصاروخ ، والاباحية ، والمخدرات تحت مسميات الحرية الشخصية ، وحقوق الانسان بعد ان دهدوا بالانسانية من قمة عليائها الى حضيض مدمر اكلت نتائجه من خلال ما تعيشه اليوم من حروب وامراض جسدية ونفسية فلتت عن السيطرة ، والمعاناة من وحش الامراض السرطانية الكاسر الذي ياكل الكبار والصغار وامراض اخرى عجيبة لتدخل الانسان في تركيبة الحياة . وضعت اميركا موعدا نهائيا لبداية الحرب على العراق وفرق التفتيش الدولية لاتزال تقوم بعملها في هذا البلد وهي اشارة الى قيام الحرب لا محالة وعدم احترامها لهذه اللجنة والاخذ بقراراتها بوجود او عدم وجود اسلحة من خلال مسرحية كوميدية بامتياز بطلها بوش المعروف بغباءه وقصر افقه السياسي تحت حجج واهية . صرح رئيس لجنة التفتيش الدولية انذاك السويدي هانز بليكس قبل وقوع الحرب : ( انه لم يتم العثور على اسلحة دمار شامل في العراق ) ، وفي حزيران يونيو 2004 انتقد الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلنتون بوش في مقابلة مع جريدة تايم ماكزين قائلا انه كان ينبغي التريث في بدء الهجوم لحين اكمال فريق هانز بليكس مهامه في العراق .
كان من اسباب شن الحرب نشر الافكار الديمقراطية – كما تدعي اميركا – في الشرق الاوسط وتغيير انظمة الحكم وتخليص الشعوب لتعيش الحرية في ضحك على الذقون وتجميد للعقول ، لقد ذاق الشعب العراقي الحرية الممزوجة بالمعاناة والحياة المحشوة بالالم ، وانهار الدماء الجارية وحالات النهب والسرقة السارية وعلى اعلى المستويات من خلال برلمان مريض وحكومة ضعيفة ، اغرقت البلد في مستنقع الفساد الاداري ، والسياسي في حالة هشت لها اميركا وبشت لابقاءه على هذه الحال للامعان في اضعافه وانهاكه وتقسيمه وفق خطة مرسومه وحالة معلومة ارادت بها اميركا ان تبقي الوضع مترجرجاً فضفاضاً ليمكث في نفق قتامي مظلم لم تمر به دولة في هذا العصر عندما القت قنبلتها وولت لتتشظى موتا عندما قبلت له نظاما اداريا مبنيا على القومية ، والطائفية ، والمناطقية ، والاثنية لم ترتضه هي لنفسها في ادارة شؤونها .
جعجعت اميركا بالعراق وحبسته في دائرة الفساد افتك الاسلحة وامضاها فهيأت الظروف لصنع برلمان خائر في دراما هزلية فريدة من نوعها وجعلته ينخر جسد الوطن من الداخل في تشجيع منها ورضىً بهذه الحالة الكارثية بواسطة اعضاء لم يكونوا من علية القوم واشرافهم ، ولم يكن هدفهم بناء وطن ولا خدمة دولة دخلوا مصلتين سيوفهم مشرعين رماحهم لمكاسب مادية رخيصة ، فدمروا البلاد وهتكوا العباد واوصلوه الى مستوى لا يحسد عليه ، كالارضة عندما تنخر فريستها ، الداخل فيه يجد نفسه مقيدا فاما ان يكون واحدا من الحالة العامة السائدة واما ان يرجع من حيث اتى لايقدر على اصلاح حالة قد اكلها سرطان الفساد ووصلت الى درجة ميؤس منها ، او يرضى ان يكون مفردة اصلاحية شاذة غير مسموعة لا تلبث ان تزول بالتهديد او الوعيد او التصفية .
كانت الحرب ضد العراق للهيمنة على سوق النفط ، وضمان عدم حصول ازمة في ذلك ، ولتطبيق مرحلة جديدة لتغيير خارطة العالم ، وفرض الارادة الاميركية وتقسيم المنطقة الى دويلات صغيرة حسب خارطة برنارد لويس اليهودي ، ولمصالح شخصية لاصحاب رؤوس الاموال اليهود ، فعند هؤلاء الاستعداد الى تدمير الانسانية من اجل الوصول الى ما يريدون وتطبيق ما يخططون تذكر سوزان لينداور ضابط الاتصال في جهاز المخابرات الاميركية في كتابها (الاجراء الاقصى) : ( قام رجل الاعمال والملياردير اليهودي سلفر ستاين بتاجير البرجين في يوليو 2001 ولمدة شهرين في الوقت الذي بدانا نتلقى فيه تحذيرات بوقوع العملية الارهابية لقد غير سلفر ستاين بوليصة التامين بحيث تولتها شركات يايانية بدل المحلية فكان عليها بعد الحادث ان تجمع سبعة مليارات دولار … الى ان تقول وحسب دراسة اجراها مركز باكلاند فان الملياردير اليهودي كان يتناول فطوره كل صباح في البرج الشمالي لكنه تغيب في يوم الحادي عشر من سبتمبر عن مكانه المعتاد كما قرر نجلاه اللذان كانا يعملان في المجمع عدم الحضور ) ، يدل ذلك بوضوح على علمهم بالعملية في استخفاف بارواح الناس وممتلكاتهم انطلاقا من النظرة اليهودية للبشرية على انهم “جوييم” بمعنى غير اليهود في نظرة استعلائية للبشرية .
دبرت المخابرات الاميركية احداث الحادي عشر من ايلول وكانت اسرائيل تعلم بها – والصقتها بابن لادن الذي تربطه علاقة مع صدام كما تدعي – وباتت حقيقة معروفة في العالم بعد التحليلات والتحقيقات من اكبر المختصين في مجال البناء والمهندسين والطيارين وخبراء المتفجرات والمحللين السياسيين ومن له علاقة بذلك ، وان سقوط البرجين بشكل عمودي وبهذه الكيفية “السقوط الحر” ليست من ارتطام الطائرات بل من فعل متفجرات الثرميت التي لها القابلية على اذابة الفولاذ وضعت في اسس البرجين وتم تفجيرها بطريقة ما بالتزامن مع ارتطام الطائرتين بالبرجين في منظر يوحي للناظر ان البناء انهار من ارتطامهما بهما اذ ان مجموعة من سيارات الفان البيضاء جاءت ونقلت هذه المتفجرات قبل ايام من التفجير ونصبتها عند الاعمدة .
وجدت اميركا وحليفاتها في صدام صيدا سهلا وارضا خصبة لتمرير مخططاتها وسياساتها مذ دفعته الى حرب ايران اذ راته الخادم الوديع والشرطي المطيع ثم خدعته باجتياح الكويت الى ان اتخذته ذريعة لضرب العراق ليكون نقطة البداية في تقسيم المنطقة واشعالها لتتخذ شكلا جديدا وفق الارادة الصهيونية الاميركية من اجل فك دويلة اسرائيل من عزلتها وجعلها السيد الحاكم في المنطقة لما نراه اليوم من انبطاح للقيادات العربية والتقارب غير المسبوق مع الدولة العبرية وتقبيل اعتابها طمعا في رضاها وكسب ودها في انقلاب خطير للموازين والسياسات وتطبيق دقيق لخطط عالمية مرسومة للاستحواذ على المنطقة وتغيير جغرافيتها واضعافها .
وقع العراق ضحية الحروب والازمات منذ سيطرة البعث الدموي على الحكم وخصوصا مدة تولي صدام امور البلد الذي اطلق على نفسه القابا اكبر من حجمه واوقع القتل ، والاعدام ، وهتك الحرمات والاعراض في السجون ، والدم ، والدمار في كل زاوية من الوطن ، ولم يبق بيت في العراق الا واكتوى بنار ظلمه ، والحروب العبثية التي احرقت الاخضر واليابس ، واتباع سياسة التطبيل والتزمير ، وإعلام الغناء واناشيد القادسية الفاشل ، والشعارات الفارغة وكم الافواه ، واصطلام الاذان ، وجدع الانوف ، وقطع الالسن لكل من تراجع في الدفاع عن قادسيته ضد ايران ليعيش ذلك المواطن محبطا منعزلا يعاني طيلة حياته من شعور بالنقص ، وسبب في فرض حصار اقتصادي على الشعب طال سنين واذل الناس وسامهم الخسف واذاق حتى الارض العذاب بقطع نخيلها وتجفيف اهوارها ، وهدر ثرواتها ، واستئصال كل من يخالف سياساته العنترية وحركاته الاستعراضية وتعامله العشائري مع قضايا البلد عندما مكن ثلة فاشلة فكريا واداريا من الرفاق عديمي الكفاءة من شؤون الدولة لا يمتلكون حتى شهادات بسيطة فاوقعه في دوامة من الاحداث والمفارقات الى الان يذوق المواطن طعمها المرّ من خلال فوضى الداخل وكيد الخارج لانهاء تاثيره وتدجينه وفق ارادة القوى العالمية .
قدم صدام البلاد الى اميركا على طبق من ذهب عندما عرض عليها عروضا مغرية من اجل ابقاءه على سدة الحكم وعدم شن الحرب ، تذكر سوزان لينداور في كتابها ( الاجراء الاقصى ) : عرض العراق على اميركا عن طريق قنوات سرية عروضا مغرية منها :
– في اكتوبر عام 2000 وافق العراق على استئناف بعثة المفتشين عن الاسلحة .
– في اكتوبر عام 2000 وعد العراق بمنح شركات نفط اميركية كامل الامتيازات في القطاع النفطي .- وعد العراق بشراء مليون سيارة سنويا على مدى عشر سنوات .
– وعد العراق بمنح اميركا الاولوية في مد شبكات اتصالات وصيانتها .
– وافق العراق بمنح اميركا الاولوية للحصول على عقود تطوير الاحوال الصحية وتوريد المعدات الطبية .- وافق العراق على منح المصانع الاميركية في انتاج مختلف المواد والمعدات للعراق .- وافق العراق على ان يصبح شريكا اساسيا لاميركا في مكافحة الارهاب وبامكان اميركا ان تنفذ اي عملية خاصة تراها مهمة للحفاظ على امنها . لم ترتض اميركا بهذه العروض السخية الا باحتلال العراق وضربه وتخريبه ، وثلم كرامته ، وشرخ وحدته ، ونهب امواله ، ونفطه ، والعبث باسراره وكم نقلت من اسرار الوزارات العراقية الى اسرائيل وانشاء اكبر مقر للتجسس في العالم في بغداد تحت عنوان السفارة الاميركية غايتها كشف اسرار الدولة ومعرفة كل صغيرة وكبيرة في هذا البلد ولتستكمل سيطرتها على بقية المنطقة ولتكون على مقربة من ايران وسط دخول وخروج للعاملين هناك من دون رقيب ولا حسيب ولا يجرؤ احد في الاعتراض على سلوكية موظف بسيط فيها في هتك واضح لكرامة البلد وسيادته والا فما معنى ان تكون اكبر حتى من السفارة الاميركية في بكين .
تمر المنطقة الان في احرج مرحلة واخطرها ومن ضمنها العراق الذي يعوم على بحر الفساد الاداري والسياسي والتهديد بالتقسيم في اشرس مرحلة واخطرها تمر بها الدولة منذ تاسيسها فهل سيثبت العراقيون ارادتهم ويقلبون الطاولة ويفشلون ما يراد بهم من كيد وهل سيمزقون خرائط التقسيم في وجوه اصحابها ويثبتون للعالم انهم اصحاب حضارة وتاريخ ليوقفوا التدمير الذي يمر به الوطن لا ينتظرون التغيير هذه المرة من الخارج بل ينبع من الداخل ومن حبهم لوطنهم الذي علم البشرية الحياة .