كتب احد الأصدقاء على صفحته في (الفيسبوك)، “كاللصوص في الليل، علقوا يافطاتهم تمهيداً لسرقة أصواتنا، إحذروا السُراق والفاسدين”، كان هذا تعليقا مناسبا، لانطلاق الحملة الانتخابية للمرشحين التي غزت شوارع البلاد مع حلول ظلام ليلة الموعد الرسمي لانطلاقها، لتتحول بغداد وجميع المحافظات خلال ساعات، الى لوحة كبيرة تضم ألوانا وأشكالا مختلفة لوجوه وهويات تدعي جميعها التغيير ومصلحة المواطن.
من بين جميع تلك “البوسترات” الانتخابية، اثارت فضولي دعاية لأحد المرشحين احتلت مساحة خُصصت لصور شهداء المعارك ضد تنظيم (داعش)، فالمرشح “المغوار” لم يجد مكانا مناسبا غير انتزاع صورة “تخلد” بطلا جاد بنفسه من اجل الوطن، ليضع مكانها “لافتات” تحدثنا عن حجم الأموال التي صرفت، من اجل تلميع صورة شخصيات لا نراها الا في موسم الانتخابات، في حين تذكرنا صور “الشهداء” بقصة دماء اعادت “الهيبة” لوطن، كاد ان يصبح “ملاذا امنا” للقتلة والمجرمين لينشروا من خلاله “سمومهم” لجميع بلدان العالم.
التعامل بهذه الطريقة مع صور “الشهداء”، من قبل شخصيات قدمت نفسها بطريقة “المنقذ” للبلاد، يطرح العديد من التساؤلات التي تبحث عن اجابات واضحة، ابرزها كيف لهؤلاء المرشحين “خدمة” المواطنين وتغيير واقع الحال، في حين كانت خطواتهم الاولى بالوصول الى “كرسي البرلمان” تمر عبر مزاحمة “المُضحين بدمائهم” على ابسط حقوقهم، بوضع صورهم في الأماكن العامة بعد ان “عجزت” الحكومة عن توفير “شبر” من ارض الوطن تكون مكافأة و “رصيدا” لعوائلهم كجزء عن “رد الجميل” ولمنع ضياع اطفالهم في “زحمة البحث عن لقمة العيش”، لكنّ حجم الصور التي انتشرت في شوارع بغداد صبيحة انطلاق الدعايات الانتخابية تجعلنا نفكر “الف مرة”، ونعيد استذكار “الخطب الرنانة” لساستنا، حين ما يتحدثون عن “النزاهة وزهدهم” بالمناصب، قبل ان نلون أصابعنا بالحبر البنفسجي.
ربما تكون الحملة الانتخابية اختلفت قليلا، عن الحملات السابقة في الكثير من الجوانب لكنها لم تغادر التحريض الطائفي، والترويج باسم المذهب والدين، فاحد المرشحين عن تحالف “القرار”، اخبرنا وهو يروج لمشروعه الانتخابي، “لماذا المكون الشيعي، يتمتع بالعديد من المناسبات والعطل الدينية التي تصل الى اثنتي عشرة مناسبة في السنة، يعبرون فيها عن هويتهم، في وقت لم يُخصص للمكون السني اي مناسبة لتعزيز هويتهم”، حديث المرشح الذي “لعب دورا” لا يختلف عن اعلام تنظيم (داعش) خلال السنوات السابقة، وكان يحرض لاستهداف المواطنين على الهوية، اليوم يروج لنفسه بالطريقة ذاتها التي تجعله “منبوذا” لكونه “يصّر” على التغاضي عن “مأسي العراقيين” وماحل بـ”عباد الله”، بسبب مواقفه وغيره من “مرشحي الصدفة”.
الخلاصة.. ان المال السياسي الذي اصبح في متناول جميع الكتل السياسية سواءٌ بدعم داخلي او خارجي، سيهدد نزاهة الانتخابات ويضمن عمليات تزوير لصالح كتل سياسية معروفة، صرفت ملايين الدولارات على حملاتها الانتخابية، لو استثمرتها في اعمار المدن المحررة وتعويض النازحين، لما احتاج العراق لمؤتمر يعقد في الكويت تتبرع فيه ماليزيا بـ100 الف دولار، لبلد علم الانسانية القراءة والكتابة، اخيرا.. السؤال الذي يبحث عن اجابة، من اين لكم يا مرشحينا تلك المليارات التي تحولت لبوسترات دعائية؟