23 ديسمبر، 2024 3:58 م

غزة تنزف وتحترق والعالم يتفرج ..!

غزة تنزف وتحترق والعالم يتفرج ..!

جرت العادة عبر التاريخ البشري أن يقف العالم وشعوبه مع الشعب المحتل والمضطهد في انتفاضاته المجيد ومقاومته المشروعة ونضاله العادل للخلاص من الاحتلال ، ولأجل الحرية والاستقلال الوطني . ولكن يبدو أن الأمر في زمن العولمة والثقافة الاستهلاكية تغير وبات في الحالة الفلسطينية الراهنة مختلفاً .

ففي الوقت الذي تنزف فيه غزة وتحترق تحت نار الآلة الحربية والعسكرية الإسرائيلية ، ومواصلة حكومة نتنياهو عدوانها الدموي الشرس الغاشم على القطاع ، منتهكة وضاربة عرض الحائط كل القوانين الدولية ، ومتخطية الخطوط الحمراء بقصف وتدمير المستشفيات ودور العبادة والمدارس والجامعات واستهداف المدنيين العزل ، وتنفيذ المجازر والمذابح بحق الأطفال والشيوخ والنساء ، ونشر الرعب والموت والدمار والخراب ، فأن العالم يتخذ موقف اللامبالاة تجاه ما يجري ويحدث . فلا نخوة ، ولا شعور إنساني ، ولا تضامن ، ولا مناصرة ، ولا دعم للمقاومة الشعبية ضد العدوان .

ثمة صمت غربي وعالمي شائن ، وسكوت وتآمر عربي رهيب ، وسلوك فلسطيني متواطئ معيب ، والعالم العاهر يتفرج على مشاهد الدم الفلسطيني القاني المسفوك من الأطفال الأبرياء ، وسلاطين العرب غارقون في قصورهم وغرف نومهم بين سيقان ونهود الغانيات ، والقيادات العربية تغط في نوم عميق بعد أن فقدت الانتماء للعروبة والثقافة الإنسانية ، وأنظمة الذل والهوان والعار والارتهان العربي مشغولة في دوامة الصراعات والنزاعات الإقليمية ومن أجل البقاء في السلطة وسدة الحكم ، وتعمل على ترويض الشعوب وتدجين المثقفين والمفكرين وقتل روح المقاومة والثورة التي تنبض في الوجدان والعمق الشعبي .

والأنكى من ذلك هو إعلام الردح المصري العكاشي المتصهين الذي يرشق بسهامه المسمومة الشعب الفلسطيني في غزة هاشم ، ويتطاول على المقاومة والبطولة والشهادة ، وكل هذا نابع من العداء لحركة “حماس” ..!

أما عن موقف سلطة عباس والقيادة الفلسطينية المتنفذة القابعة في رام اللـه ، فحدث ولا حرج . وبكل الم وأسف نقول إنها لم تكن بمستوى الحدث والمسؤولية الوطنية والتاريخية ، فلم تشد أزر المقاومة ، ولم تكن سنداً وعوناً لأهل غزة في مواجهة العدوان والتصدي له ، وشرطة السلطة منعت التظاهرات المؤيدة للمقاومة والرافضة والمنددة بالحرب ، ومحمود عباس غدا وسيطاً بين المقاومة وحكومة الاحتلال والاستيطان ..!

ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني في غزة هو عقاب جماعي وحرب إبادة جماعية يواجهها الغزاويون بصدورهم العارية وإرادتهم الصلبة ، وبشجاعة وبسالة

ومقاومة منقطعة النظير ، والتضحية بالشهداء والجرحى ، وتحظى بدعم وتأييد وقح من أمريكا رأس الحية وعملائها في المنطقة العربية وكل الساقطين أخلاقياً ، التي تمارس سياسة الكيل بمكيالين وتقف مع المعتدي ضد الضحية ، وتبرر الأعمال العدوانية الإسرائيلية بحجة الدفاع عن النفس ، وذلك حفاظاً على مصالحها وخدمة أجندتها ومشاريعها التفتيتية في المنطقة .

لا يمكن تبرير أي موقف سياسي لا يأخذ بالاعتبار والحسبان المأساة الإنسانية الرهيبة التي تعيشها غزة المنكوبة والمحاصرة والصابرة والمقاومة جراء العدوان ، وحاجة أهلها الماسة للغذاء والماء والدواء والكهرباء وحاجتهم للحماية الدولية . ولذلك هنالك ضرورة لتحرك دولي فاعل وعاجل لوقف النزيف ولجم الحرب وإعادة الهدوء والحياة الطبيعية لغزة هاشم . وليدو الصوت السلامي الديمقراطي العقلاني اليهودي في وجه نتنياهو وحكومته أن أوقفوا العدوان وانسحبوا من غزة وصافحوا يد السلام الفلسطينية ، لأن التجارب أثبتت أن الحل العسكري فاشل وخاسر ولن يحصد الثمار ولا الأهداف ، والحل السياسي الكفيل بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالحق الفلسطيني المشروع هو السبيل الوحيد لحقن الدماء ومنع الصواريخ وإرساء صرح السلام الشامل والثابت والمقيم .