20 ديسمبر، 2024 2:53 ص

غاية إبعاد الأكفاء في العراق الجديد

غاية إبعاد الأكفاء في العراق الجديد

 قد نختلف مع انسان في فكره ولانتبع مايتبع من مذهب او مشرب او قد لا نرى مايراه من تبنيات شخصية ، ولكننا لايمكن ان ننكر كفاءته او صلاحه او حسن ادارته -إن كان كذلك- سواء كنا ممن يقعون تحتها او من غيرهم ، وحينئذ واذ يقودتا الإنصاف واتباع الحق الى قول مانقول او شهادة مانشهد فإننا سنحد من اختلاط الأمور وسيكون لنا دور في ردّ الباطل وصد الفوضى في مفاصل المجتمع ، وهذا منهاج مهم يجب اتباعه في كل شان.
وإذ إن بلدنا محاط بالمتآمرين والفاسدين داخلا وخارجا ، وواقع تحت سيطرة شبه كاملة لقوى إقليمية لم يعد أمرها قابلا للنقاش ، فإننا نرى حولنا هذه التدخلات والتغيرات والتغييرات في مناصب مهمة ودوائر حساسة لصالح المتواطئين ومن يأمرهم ، مثل بعض مناصب الدوائر الخارجية كالسفارات والدوائر الداخلية كالمنافذ المالية والحدودية والبنوك والمطارات ،
وكل هذا مفهوم ومعقول ، ولكن ان تتدخل الجهات المذكورة باعفاء وتنصيب علماء الدين والتحكم بمناصب علمية او مواقع اعتبارية ليس لها نفع مادي ولكن تأثيرها المعنوي الرمزي كببر فهذا يلفت الانظار ويدعو للتوقف والوقوف على الأسباب والغايات ، نتفهم السباق على تولي رئاسة هيئة الوقف السني او الشيعي لدرجة التقاتل ولكن مالغاية من التصادم مع المجمع الفقهي العراقي مثلا ، ومانراه اليوم من الحركة الدؤوبة للتدخل به وتغيير رموزه والسيطرة عليه ، هو مؤسسة شرعية مستقلة لم تؤسسها الدولة في الأصل ، ونحن إذ لانستغرب من حركة الجهات السياسية والبرلمانية لتغيير مساره فإننا نستغرب كل الإستغراب من بعض المشايخ المحترمين “الطامحين” هذا التناغم والتجاوب مع تلك الجهات الداخلية والخارجية الهادفة لتغييره ومن ثم حرفه عن منهاجه ، رئيس المجمع او كبيره “كما يصطلحون” لا غبار عليه ولا مساءلة ولا عدالة ولا اي شيء ، فقد كان مبعدا أيام الدكتاتورية وانكفأ مختارا ولم ينخرط في اي نشاط ذلك العهد ، ثم ايام الديموقراطية لم يقتسم المغانم ولم يشترك في المطامع ،ولم يتخذ انحيازا سياسيا ولم يدعم جهة دون اخرى ، ومثله رفاقه من العلماء العاملين ،
أناس منشغلون بكتاب الله ونقل الفتوى والفقه ومسايرة النوازل ومايطرا للامة المسلمة من حاجات شرعية ، فما هو المطمع في ان ينهض بعض المشايخ من خارج المجمع الفقهي ويستنهضون معهم الجهات السياسية المشبوهة للتدخل والتشويش على هذا المنبر المعتدل الذي ربما هو أفضل وأهدا من مثل مكونه الى الآن من الجهة الشرعية غير السياسية ،
انا ارى انه يراد له ان يُسيس لكي يحققوا هدفين قادمين : الاول لكي يساهم في الدفع الانتخابي لأطراف معينة تريد استثماره لاحقا وهي ابعد ماتكون عن الدين ، والثاني هو إسكات صوته المدافع عن حقوق مكونه والمطالب برد المظالم عنه ، والثالث الذي أضيفه انا هو استبدال رئيسه وكبير علمائه برجل اقل التزاما واقل اعتدالا واقل علما وحكمة ليكون المجمع كله بعد ذلك اقل احتراما ويتحول الى لعبة بيد السفهاء والطامعين والفاسدين كما غيره من مؤسسات كثيرة اخرى. وبالتعاون مع رجال يتزيون بزي الدين.
ومن هذا يجب الحذر وتجب الوقفة ويجب التصدي بالفكر والكلمة لمنع الطامعين المتسترين بالدين من خدمة الطامعين المستغلين للدين ، وليبقى لدينا منبر واحد على الأقل نطمئن به ونلجا اليه .

أحدث المقالات

أحدث المقالات