18 نوفمبر، 2024 3:26 م
Search
Close this search box.

عِمامة عُمرها الخليقة..!

عِمامة عُمرها الخليقة..!

مَضت العِمامَة تَتنفس الإصلاح، مُنذ ذُبحَ الحَق تحتَ السقيفة، أوردتها المقطعة في كربلاء، دم العِمة الذي رَسمَ السلام، سلامٌ معَ النفس ولها، إصلاح الرسالة ونقلها، بالعِمامة، بشرايينها بين طياتها، وهي تلتف حولَ رؤوسٍ كسرت رقاب الكفر، وتصدت للظالم فأذلته.

العِمامَة تدور وتدور، تطرق باب كل زمن جائر، وريثة الأنبياء والأوصياء، حكمتهم وإيمانهم، تبحث عن من يعرف قدرها، يخشاها، يمضي معها في سِفر الأصلاح الذي أختارته، كالقصيدة.. تبحث عن الذي يُكمل نَظم أبياتها.

عِند أيِ منعطفٍ تأريخي، في لَحظة أستقراء البشرية، نجد الساحر والمشعوذ، العابد والزاهد، المُغنية والحسودة، الباغي والسارق، الشريف والوجيه، إلا أن المصلح أرتدى العِمة؛ نبياً كان أم رسولا، نذيراً أو بشيرا، في اليهودية والمسيحية والإسلام، العِمامة تحدثت، هي من خلق الخوف من الخالق، حتى آدم.. مُعمم، وموسى وعيسى ومُحمد (عليهم صلوات ربي أجمعين)، كُلهم مُعممين.

إن الهُجوم الكبير الذي يستهدف العِمامة، حركة منزوعة الإنصاف، تصاعدياً أو تنازلياً، لو أردنا الخوض بتأريخها، لوجدناها مَصدراً للتقرب من سمو الذات، القرب من فلسفة الخلق، مجاورة روح الرب العالية، بما تأمر بهِ وتنهى، بالذي تُجيز بِه وتمنع.

إذن.. العِمة بريئة، والمُتهم الوحيد من يرتديها، فرق كبير.. بين موسى النبي، وحاخام يُفجر الأقصى، فجوة واضحة بين المسيح عيسى، وكاهن يحلل العبودية، ويختلف خاتم الأنبياء مع من رجل دين من أمته، يسرق ويقتل ويسبي.

مِثل القرآن.. لِلعِمامة من يحفظها، عِدل القرآن لا يضيع، عِلمهم رسالتهم تقولهم إصلاحهم، لا يضيع، تناسلت العِمة مثلنا نحن البشر، هناك في زمنٍ بعيد، كان الأنبياء الأجداد، ثم الأوصياء والأئمة والسفراء، ثم الطوسي والصدوق والعلّامة الحلي، والحبوبي والحكيم والخوئي، وهكذا؛ تستمر، في الإمام السيستاني، وَجدت سِراجاً وهاجا، تحكي لهُ سِفرها الطويل الصَعب، ويطعمها مثل الأحياء، حكمةً وحنكةً وعقلانيةً وشجاعة.

عاشت العِمامة مع السيد السيستاني، ما لم تألفه سابقاً، خمس وعشرون عاماً من الحروب، مثلهن من تسلط الظالم والكافر والفاسد، أكثر منهن من العوز والجوع والمرض، بلاد قُدر لحاملها أن يكون قائدها؛ قائد بلا وسيلة؛ بلا سلاح يواجه بِه أعتى مجرمي العالم، بغير مُخلصين إلا ما ندر، وهنا وهناك، كلما ازدادت الأوجاع، شَمرت حكمته بذراعيها؛ تحتضن وطن.

“خيرَ خلفٍ لخيرَ سلف”، عِمة تزور المصائب.. فتمحيها، طائفية وأحتلال وحرب أهلية وفتن، أين هي الأن؟! ماضٍ قريب مشتعل، عراق بلا هوية، قتل على الهوية، اين هي الآن؟! والعِمة نفسها التي أتهموها بالسرقة.. سرقوها! أوَ لم يسرقوا عِمة السيد باقر الحكيم؟! هو ومئات من أسرته وأبناء مشروعه، هل وجدوا من يُخلص العراق من صدام لولاه؟! وأخيه المظلوم السيد عبد العزيز، أو لم يكن ذراع المرجعية التي بنت ديمقراطيتهم هذه؟!

اليوم، في العراق تحديداً، لدينا من نفخر بعمامتهم، تحية لِعمامة مُحسن وجهاد باقر ومظلومية عزيز العراق، تحية لمن يختار الجبهات مستقراً للعيد، ويمشي مجروحاً بنزف الجرحى، ببكاء الأيتام، يقف عند كل شارع؛ ترحماً لشهيد، تحية لمشروعه وحنكته وحكمته وخدمته، تحية لعمامة السيد عمار الحكيم.

أحدث المقالات