18 ديسمبر، 2024 5:08 م

عَبْدُ العزيزِ الحكيم …فوقَ الشُّبهات

عَبْدُ العزيزِ الحكيم …فوقَ الشُّبهات

لا أعرفُ من أينَ أبدأُ، و هل أنا كفؤٌ لإبداءِ رأيٍ في شخصيةٍ أقلُ ما يقالُ عنها، أنها ملحميةٌ؛ كلا.. كلُ أبطالِ الملاحمِ كانَ لهم من يتغنَونَ بأمجادِهم، لكنَّ بطلَنا عمِلَ بهدوءٍ، و نال لقبَهُ بشرفٍ، عزيزُ العراقِ.

منْ يزايدُ عليهِ نسباً؟ أو يدانيهِ تاريخاً؟ لا يجرؤُ أحدٌ على منافستهِ، لا وجهَ للمقارنةِ.

مثلُ كلِ أسلافهِ من آلِ الحكيمِ، كانَ السيدُ عبدُ العزيزِ شعلةَ نورٍ، تشعُّ علماً، وتنيرُ دربَ الحقِّ لسالكيهِ، فكانَ مدرسةً دينيةً و جهاديةً، خرَّجتْ رجالاً مؤمنينَ لا يعرفونَ الخوفَ، أذاقوا الطاغيةَ الهدَّامَ، كأسَ الموتِ قطرةً بعدَ أُخرى، ولَم يكتفوا بعدَ سقوطهِ، بل أثبتوا أَنَّ الثائرَ الحقَّ، يقومُ ليهدمَ الفسادَ، ثُمَّ يعملُ ليبنيَ الأمجادَ، و عادوا الْيَوْمَ ليكتبوا أسماءهم، في طليعةِ الشهداءِ، أسودِ الحشدِالمقدَّسِ.

كانَ ثقةَ الكثيرِ من العلماءِ، كالشهيدِ الصدرِ الأوَّلِ، و السيدِ محمد باقرٍ الحكيمِ (قدِّسَ سِرُّه)، كانَ مهندسُ المجلسِ الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ، ثبَّتَ أُسُسَهُ و نظَّمَ علاقاتَهُ، حتى صارَ أبرزَ أحزابِ المعارضةِ؛ و لهُ اليدُ الطولى، بالضغطِ على التحالفِ الدوليِّ للإطاحةِ باللا نظامِ الصدَّاميِّ.

إستمرَّ بالعملِ، لإرساءِ قواعدِ الديمقراطيةِ في بلادِهِ، فعقدَ اجتماعاتٍ مع زعماءِِ الأحزابِ، للإسراعِ لإعادةِ بناءِ المؤسَّساتِ الحكوميةِ، و إرجاعِ النَّبضِ للشارعِ العراقيِّ، و صدَّ كلَّ المخطِّطينَ لعرقلةِ الأمرِ، فعادَ الناسُ لحياتِهم الطبيعيةِ، بعدَ أقلِّ من شهرينِ.

بعدَ فاجعةِ الجمعةِ، إغتيالِ شهيدِ المِحْرابِ (قدِّسَ سِرُّهُ)، تسلَّمَ هو رئاسةَ المجلسِ، و غيَّرَ اسمَهُ في ما بعدُ إلى(المجلسِ الأعلى الإسلاميِّ العراقي); و حقَّقَ نجاحاً باهراً، في تثبيتِ الديمقراطيةِ، و أسَّسَ لذلكَ بدأً بمجلسِ الحكمِ، والحكومةِ المؤقتةِ، والإنتقاليةِ، وصولاً لإنتخاباتٍ برلمانيةٍ كلَّ أربعِ سنواتٍ.

إتهموهُ بالسعي لتقسيمِ العراقِ، تنفيذاً لمخطَّطاتٍ خارجيةٍ، حينما طالب بالفيدراليةِ، كحلٍّ لإدارةِ البلدِ؛ وها هم اليومَ جميعاً ينادونَ بها، كأفضلِ الخياراتِ، فلو كانوا استمعوا لَهُ، هل كنّا وصلنا لهذهِ الحالِ؟

تفننت دول الجوارِ بالعداءِ لَهُ، و عرقلةِ كلِّ جهودهِ؛ و بعدَ أنْ عجزت عن تحجيمهِ و تضييقِ الخناقِ عليهِ، عمدت إلى اغتيالهِ، بمادةٍ سامةٍ مسرطنةٍ في قهوتهِ، توفيَ على إثرِها بالمرضِ الخبيثِ في رئتَيهِ.

أماتَ متأثراً بمرضهِ؟

أم أُدميَ قلبُهُ، من خيبةِ الأملِ في الشركاءِ؟

أعرفوا قيمتهُ الآنَ؟

أم مازالت ضمائرُهم ترفضُ الاعترافَ، بحقيقةٍ تدحضُ الشبهاتِ؟