22 ديسمبر، 2024 9:36 م

لكل قوة هدف وقدرات تريد التعبير عنها والإحساس بوجودها ودورها المؤثر في الحياة , ولا توجد قوة في تأريخ الأرض لم تعبر عن قدراتها وتمتد إلى حيث تستطيع الإمتداد والتمكن.

وتلك سنة التفاعل البشري فوق التراب , ولا يوجد عيب في هذا السلوك , وإنما البشرية مجدته وكرمته وحسبته السلوك الأمثل , الذي يؤكد عزتها وكرامتها ويؤلف مجدها ويرسم خارطة إنتصاراتها , ويوقد كبرياءها وجبروتها الترابي الذي ستهب عليه عاصفة هوجاء ذات يوم فتسحقه وتقتسم راياته.

لكن العيب في الأهداف التي تصاب بحالة التفسخ الوجودي والتفتت الحضاري , وتصبح هشة قابلة للإختراق والإفتراس والخنوع والذل والإمتهان والهوان , وإستلطاف دور الضحية في الحياة والتمتع بدموع المظلومية والتداعي والخسران.

العيب في المدمنين على الضياع , والدافنين رؤوسهم في قبور الأجداث , والمتصملين في توابيت الأفكار التي تفوح منها عفونة الإندثار.

العيب في المجتمعات التي تتنازل عن قيمها وأخلاقها ومبادئها ودينها وعقائدها وألفتها وأخوتها , وتحني ظهرها لكي يركبها المستعبدون لها , كأنها الحمير أو البغال فتوصلهم إلى غاياتهم ثم يتركونها في البيداء , أو يطلقون عليها رصاصات الرحمة والخذلان والغدر والإمتهان.

العيب في الأشخاص الذين يبيعون أوطانهم وقيمهم ومبادءهم ببضعة صناديق من العملات الورقية الخضراء أو الزرقاء , أو ببعض قطع الذهب والفضة المسروقة من بنوك أوطانهم.

العيب في الذين يتقنعون بالدين وهم يتعاطون السحت الحرام وينشرون الفساد في الأرض , ويعتبرون ما يحصلون عليه من المالكين لهم رزقا من ربهم , ويقولون لأنفسهم إن ربهم يرزق مَن يشاء بغير حساب.

العيب في أولئك الُمصَنَّعون في مختبرات تدمير الذات والموضوع , والصولة على ما هو صالح ونافع للناس , فقد غُسلت أدمغتهم وتم تطهيرها من الفضيلة وحقنها بعوامل ومرتكزات الرذيلة.

العيب في حملة رايات النفس الأمارة بالسوء , والمتناطحين فوق كراسي الذلة والهوان , لأنها تمنحهم المال الوفير وتحقق رغباتهم الدونية المسعورة.

العيب في المجتمعات التي تتعبد في محراب الكراسي وتستلطف المآسي ولا تعرف إلا التأوه والتظلم , وهي المخدوعة برجال دينها ورؤساء أحزابها وفئاتها , والمدثرة بالجهل والأمية , والمأسورة في الحاجات اليومية القاهرة لها , والمذعورة تماما من الخطو إلى أمام بإرادة مستقلة وروح وطنية إنسانية عزيزة قوية.

العيب في المجتمعات التي تجهل قدراتها وثرواتها , وتستكين للطامع بها , وتؤهل من بينها أشخاصا يؤدون طقوس ومراسيم تحقيق مصالح الآخرين الهادفة إلى تدمير الوطن والمجتمع والدين.

ولهذا فهي تستحق أن تُسمى ” عيوبستان” , أي موطن العيوب والخطوب والبهتان.