23 ديسمبر، 2024 10:27 ص

عين الاسد العوراء واحتضار المحتل في العراق

عين الاسد العوراء واحتضار المحتل في العراق

لقد تركز القصف الايراني على قواعد امريكا في عين الاسد والتاجي واربيل. عين الاسد هي قاعدة تملك جناحين للجيش الامريكي والعراقي ولكن الجناح الامريكي يعتبر الاكثر حساسا واهمية مليء بالاجهزة الاستشعارية المتقدمة تعمل على التجسس في محيط دائرة قطرها 500كم تغطي عمليا جميع اقطار الشرق الاوسط مع رادار رصد واستشعار والانذار المبكر وتوجيه الصواريخ المضادة جوا الذي يعتبر الاعقد ما تملكه الترسانة العسكرية الامريكية في جعبتها. هذه القاعدة بمدارجها للطائرات الحربية والهليكوبترات والمسيرات شتى الانواع كانت بمثابة درع اسرائيل المتقدم في بلداننا تتحكم وتتابع حركة الجيوش في العراق وايران وسوريا وما خفي كان اعظم كل ذلك ذهب في مهب الريح في لحظات بصواريخ ايران التي لم يرها عين الاسد. اما قصف القاعدة الامريكية في اربيل فهي رسالة ايرانية الى الامريكيين مفادها ((لا تستطيعون الهروب الى شمال العراق بفكرة ان هذه المنطقة ذات البيئة الصديقة لكم والبعيدة عن قرار البرلمان العراقي بأنهاء وجودكم في العراق)).

يبدو ان ايران اشعرت بصورة غير مباشرة الجانب الامريكي ان هناك صلية صاروخية من النوع الثقيل عبر الجيش العراقي والهدف ان لا يراق دماً ويصبح ترامب محرجا امام الرأي العام الامريكي وعليه الرد بصواريخ وغارات جوية وينزلق الجميع ربما الى حربٍ مفتوحة لا تريدها لا ايران ولا امريكا، لهذا اكتفت ايران بـ (صفعة) اهانت بها امريكا وترامب ومهدت وسهلت الطريق للمقاومة العراقية بضرب القواعد الامريكية التي وهنت بالضربة الايرانية، ويبقى الهدف الايراني هو ثمن الشهداء يتمثل بخروج امريكا المسلح من غرب اسيا كله اي الحرب او الضغوط مستمرة على أمريكا.

لقد شاهدنا كيف جبن الجانب الامريكي بعد تهديد ترامب بأنه سيرد حتما على رد ايران بضرب 52 هدف ايراني من ضمنها مواقع ثقافية ولكنه قبل الصفعة الايرانية لانه وبكل بساطة بالنسبة لترامب ان ميدان المعارك المسلحة ليس من صالح امريكا واسرائيل فهما جربا ذلك وخسرا في كل مكان وانهما غير مستعدين ان يهبا دماً من عساكرهما في حروب قادمة وجربوا الحروب بالوكالة مع داعش والنصرة ففشلا ايضا ولم يبقَ امام امريكا سوى ميدان العقوبات الاقتصادية والمالية التي يجني منها ترامب بعض الارباح السياسية بالضغط الشديدعلى ايران يصبو لزعزعة اقتصادها ولكنها تقاوم ببسالة لليوم رغم الصعوبات.

ينبغى ان لا نعتقد لحظة واحدة ان ايران ومحورها في جبهة المقاومة في المنطقة سيتركان الميدان العسكري بعدما ترامب وفر لهما هذا الحظ الكبير اذ ارتكب خطيئة عظمى بقتل قادة المقاومة قرب مطار بغداد وهذا سبب كافٍ ان تمسك ايران وحلفاءها بالضغط عسكريا على الوجود الامريكي في المنطقة وغرب اسيا لأن هذا الميدان العسكري هو الميدان الوحيد لمحور المقاومة فيه يستطيعون ان يتفاعلون ويتقدمون ويقيهم من تلقي الضربات الخطيرة والمؤلمة بسبب العقوبات المالية والاقتصادية المزعزعة لمجتمعاتهم.

بعد المسيرات العملاقة المليونية كبحر من البشر تشيع جنائز الشهداء في العراق وخصوصا ايران، كانت خطيئة ترامب والفضل يعود له حيث وهب من جريمته تلك في مطار بغداد حياة جديدة للثورة الايرانية وكأنها تعود شابة كما في 1979 من جديد والتقارب الايراني العراقي وحور المقاومة والتنسيق الذي اصبح على قدم وساق فيما بينهم.. انها بكل المعاييركارثة على امريكا واسرائيل ودول الخليج.

في هذه الحالة الشعبية التعبوية المهولة التي تسند ظهر المقاومة تماما، هذه الحالة التي لا يوجد لها نظير في تاريخ الانسان اذ الملايين تخرج مطالبة بالانتقام هذا المشهد الذي لا وصف له، فمحور المقاومة الذي اصبح في اتم الشرعية الشعبية والجهوزية بأن يبادر ويعطي الضربات المميتة للوجود العسكري الامريكي اذا رفض الجلاء وخصوصا رأينا ان امريكا بلعت الضربة الاخيرة لقواعدها في العراق ولم ترد هذا يعطينا صورة واضحة لوهن الجانب الامريكي في منطقتنا. لهذا يحتاج وحدة العمل والكلمة بين فصائل العراقيين الوطنيين لاجل اخراج المحتل.

اما حلفاء امريكا في منطقتنا وخصوصا في الخليج فهم في حالة ذهول تام، بسبب الضربة على قواعد امريكا الاخيرة، ولم ينبسو ببنت شفة ضد ايران، واسرائيل على لسان احد وزرائها صرح ((بأن اسرائيل لا دخل لها امريكا من قتلت هؤلاء الشهداء)) اي تتملص بجبن من مسؤولية الجريمة.

نحن امام احتضار وجودي امريكي واقعي في منطقتنا سلما او حربا فأمريكا لا تستطيع حماية نفسها وهذه فضيحة الفضائح لا سلاحها ولا تكنلوجيتها ولا عساكرها صمدوا امام صواريخ ايران المحلية فكيف لامريكا ان تحمي الاخرين كعرب واوربيين في الناتو او حتى إسرائيل؟

اسرائيل تتسائل ما الحل اذا رحلت امريكا من المنطقة؟ وكذلك تسائلات عملاء امريكا في العراق لا مجال لترامب ان يفكر بهؤلاء فسيتركهم ومصيرهم امام المحاكم الشعبية. اما الخلجان فلا سلاح امريكا “الحديث” (الفاسد) نفع حيث لم يحمِ ارامكو من الضربات الجوية اليمنية ولا الامريكي الراحل سيفعل المعجزات لحماية ملوك وامراء ومشايخ الخليج.

نحن سائرون نحو شرق اوسط جديد هذه المرة حقيقي بدون امريكا وبدون الغرب. والاقطاب المستقبلية اللاعبة هي الصين وروسيا وتركيا وايران والكتلة العربية سوريا والعراق سوية سيلتحق بهما سائر العرب في المنطقة.