18 ديسمبر، 2024 8:39 م

عيد المعلم وبريق الماضي

عيد المعلم وبريق الماضي

 الأول من آذار يحمل خصوصية لدى الكثير من العراقيين، لاسيما المعلمين الذين سيتذكرون هذا اليوم، والأمل يحدوهم في تحقيق جزء من أحلامهم المسلوبة في زمن غابت عنه المعجزات.

مرَ هذا اليوم رتيباً  كأنه يسير على خطى سلحفاة، ولعل هذا الانقلاب والتحول من حالة الفرح إلى الحزن، ناجم عن الوضع الذي يعيشه المعلم اليوم. هذا الملاك السماوي الذي نزل بكل هيبته وبريقه إلى الأرض ،ولكنه فقد الكثير من هذا البهاء الأسطوري في حين غرة تحت وطئة غياب معالجات حقيقية لكثير من قضايا المجتمع العراقي بعد أن انفرط عقد منظومة القيم الاجتماعية، وأصبح المعلم يشعر بالاضطهاد المعنوي نتيجة عوامل بعضها متراكمة، زادتها بلة الأوضاع الحالية التي جعلت من حامل الرسالة الإنسانية يصاب بالغربة والأسى، ويتحسر على تلك الأيام الخوالي التي كان فيها محط تقديس واهتمام لا نجد منها سوى بعض الحكايات التي ينقلها من عاش تلك الحقبة الزمنية المزدهرة.

القضية ليس مادية فحسب كما يصور لها بعضهم، بل هناك عوامل روحية غابت عن اهتمام الدولة والمجتمع ، ولعل النظرة التي تحمل في طياتها علامات الشفقة وأحياناً الاستهزاء بقصد أو بدون قصد التي تحاول بعض الفئات تروجها عن المعلم ،هي من جعل بعض الأجيال المعاصرة تحاول أن تجرد صانع المعرفة والعلم من بهاء صورته، وترسم أخرى مشوشة كرستها بعض المعرقلات التي جعلت منه مقيداً بالأغلال، بعدما صال وجال في سوح الوغى المعرفية تفر منه كتائب الطلبة احتراماً وإجلالاً لهيبته وقدسته.

قضية المعلم اليوم ، ليست تخص شريحة من موظفي الدولة غايتها الحصول على امتيازات معينة – وان كان هذا حق مشروع – بل هي قضية مجمع يصلح بصلاحه ،ويزداد علواً وتقدماً كلما شعر هذا الشخص انه محط اهتمام تقدير حكومي ومجتمعي يناسب وحجم المهمة التي يحملها، ويسعى للقيام بها متحديا كل الظروف في سبيل إيصال رسالتها الإنسانية. ربما يكون لسان حال المعلم ” أعطني ما استحق، أعطيك مجتمعاً يصنع المستحيل “، ولكن الزمن لا يعود إلى الوراء، وكلما تقدم إلى الأمام طحن بأسنانه ما تبقى من كيانه ومملكته التي بناها عبر سنوات طويلة، والخشية أن يتحول المعلم إلى ذكرى عطرة تُشاهد في المتحف البغدادي.