عادة ما تكون الاعياد والمناسبات السعيدة, محطات جميلة ومشاهد استرسال انساني لتدفق معاني الألفة والمودة بقصد الايصال والاتصال للوصول الى تواشج مجتمعي عبر احياء تلك الطقوس من جهة , وتفكيك ماتجود به تلك العناوين من جهة اخرى , غير ان منطقية تلك المراسيم تبتعد عن جادة فرحها في بلادي النازحة من الجبل الى الخيام, ليمسي عيد الفطر صائما يبحث عن مائدبة افطار في بيوت هجرها اصحابها خوفا من ان يكونوا ضحايا لفتاوي لاتعرف من تراتيل السماء سوى القراءة بالمقلوب.
هكذا اسدلت الستار عن ارجوحة العيد عندما توجهت طفلة موصلية بعمر سبع سنوات بشكوتها عبر احدى الفضائيات وهي تتسائل ! لما نحن هنا؟؟ لماذا قتلوا ابي ؟؟ وكيف لي ان اعيش اليتم في ذمة خيمة, وحقيقة ان ما افصحت عنه تلك المغتصب عمرها ووالدها وديارها , كأنه مشهد كربلائي في حضرة استقبال عيد الفطر المبارك, فكان العيد عليهم مناسبة باكية تقلب عليهم المواجع وتذكرهم بما كان من المفترض ان يكون عليه االفطر لو توفر له منزلا…
عوائل نازحة وديار محتلة ونزيف كريم لاينضب في جريان دمه , فدائما ما تنتهي الازمات في العراق الى ازمات انشطارية ينمو على شرفها شظى التوالد والتكاثر في استمرارها ,وهو ما تميزت بها البلاد في المرحلة التي تلت عملية التغير ما بعد 2003, فكانت الموصل ختام ونتاج لما افاضت به العملية السياسية خلال الحقبة الماضية من صراعات وصرعات افقدت العراق وعيه السياسي وجعلت منه سوقا عالميا كبيرا لتسويق وعرض البضائع السياسية للاجندات الدولية , وبداية للشروع بالتطبيق العملي لتقطيع الخارطة العراقية وتحويلها الى كانتونات داعشية ,وعرقطائفية, لتصبح سنواتنا ومواردنا وحاضرنا وارواحنا وقودا لماكنة صناعة الكرسي في العراق, وهو ما يمكن ان يصلح جوابا للتسأول الذي طرحته تلك الطفلة المنكوبة بطفولتها في ماهية لماذا نحن هنا؟؟؟.