23 ديسمبر، 2024 1:55 م

عيد الغدير عيد الولاية المعرفية الكونية

عيد الغدير عيد الولاية المعرفية الكونية

لايزال عيد الغدير مظلوما كظلامة ألآسلام العظيم وهو خيار السماء لآهل ألآرض لآن أهل ألآرض توزعتهم ألآراء وشطت بهم السبل وأثقلتهم الدنيا بغوايتها وتسربلت لهم بشهواتها فهم صرعى وهم سكارى وما هم بسكارى ولكنهم فارقوا الصواب ولم يفهموا الكتاب ونسوا ماقالته السماء من خطاب ؟

في ذكرى عيد الغدير عيد الولاية : أناس معرضون لايريدون أن يعرفوا ما الحكاية؟

وأناس حسبوا أنفسهم مع الولاية , وما هم من الولاية بشيئ ؟

وأناس عرفوا الولاية فتمثلت لهم حقيقة من البداية حتى النهاية فكانت ضريبتهم أقصاء , وتشريدا , وتهجيرا , وتعذيبا , وظلما فيه كل أنواع الجناية التي جعلت من عصابات داعش التكفيرية ألآرهابية تسبي وتقتل وتغتصب وتخرب وتفسر ألآيات القرأنية بلا دراية ؟

يواجه عيد الغدير أنكارا متعمدا , مثلما تواجه الولاية أشكالا معرفيا يصادر الثقافة القرأنية التي لم تترك حجة لعاقل , قال تعالى ” ولقد صرفنا في هذا القرأن للناس من كل مثل وكان ألآنسان أكثر شيئ جدلا ” .

في القرأن الكريم نصوص جلية كلها تصب في شلال الولاية المعرفي والكوني في أن معا , فلنستمع لتلك ألآيات الكريمة التي قال عن أحداها النابغة الذبياني :-

لقد أعطاك ربك سورة … ترى كل ملك دونها يتذبذب ؟

قال تعالى : ” عم يتساءلون – عن النبأ العظيم – الذي هم فيه مختلفون – 1-3 –سورة النبأ –

” أن الله أصطفى أدم ونوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين ” – 33- أل عمران – وألآصطفاء هذا لم يدخل في ثقافة أغلب المسلمين نتيجة ألآختلاف في فهم الولاية بسبب الروايات الموضوعة لآهل السلطة الزمنية ؟

” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” -34- أل عمران – ولم يعد للذرية الصالحة المصطفاة من مكان في قيادة المسلمين .

” لاخير في كثير من نجواهم ألآ من أمر بصدقة أو معروف أو أصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك أبتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ” – 114- النساء – ولقد عرف عن ألآمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه التزم بدفع الصدقة عندما يريد أن يناجي الرسول “ص”

” يا أيها الذين أمنوا أذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فأن لم تجدوا فأن الله غفور رحيم ” -12- المجادلة –

” ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ” – 115- النساء – ولم يعرف عن ألآمام علي بن أبي طالب عليهما السلام بأنه شاقق الرسول “ص” أبدا , بينما عرف عن بعض الصحابة أنهم شاقوا الرسول “ص” في بعض المواقف , كالذي أعترض على صلاة النبي “ص” على والد أحد المؤمنين بطلب من ذلك المؤمن وكان والده منافقا , وقد خير الله رسوله الكريم في أن يصلي أو لايصلي فأن الله تعالى لايغفر للمنافق .

” أنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ” – 55- المائدة – والدلالة على الولاية واضحة وجلية في هذه ألآية الكريمة , فقد أجمعت الروايات في القرن ألآول على أن سبب نزول هذه ألآية الكريمة هو في علي بن أبي طالب والحادثة معروفة , وألآمر الثاني المستفاد من هذه ألآية الكريمة هو أنه ليس من المعقول أن كل المسلمين يؤدون الزكاة وهم راكعون , وأنما هناك حالة خاصة أشارت لها ألآية الكريمة .

” يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس أن الله لايهدي القوم الكافرين ” – 67- المائدة – وفي هذه ألآية الكريمة دلالة بالغة وقاطعة على البيعة لعلي بن أبي طالب عليهما السلام وأن الولاية له دون غيره حصرا , ومن دلالات هذه ألآية الكريمة أنها خاطبت الرسول “ص” بأن الله يعصمه من الناس ؟ ولم تقل من المؤمنين أو المسلمين لآن الذين سيعترضون على البيعة لعلي بن أبي طالب هم من المسلمين , ولكن ألآية الكريمة سمتهم بالناس ؟ لآن من ينكر الولاية ويشاقق الرسول ولا يتبع أمره هو ليس من المسلمين ولا من المؤمنين ؟

” وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية ألآولى وأقمن الصلاة وأتين الزكاة وأطعن الله ورسوله , أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” 33- ألآحزاب – ورغم كثرة الروايات من الطرفين عن أسباب نزول هذه ألآية الكريمة لاسيما شطرها ألآخير الذي أختلفت صياغته اللغوية عن صدر ألآية الذي كان يتحدث عن نساء النبي “ص” فكلمات : قرن , بيوتكن , ولا تبرجن , وأقمن , وأطعن كانت خاصة بنساء النبي “ص” بينما أصبح السياق اللغوي في شطر ألآية ألآخير من لغة التأنيث الى لغة التذكير فقوله تعالى : ليذهب عنكم , ويطهركم هو خاص بأهل البيت عليهم السلام وهم رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ” وأهل البيت هنا هو أصطلاح خاص شرعه الله تعالى وأمرنا به رسول الله “ص” والخاص حاكم على العام , لآن زوجات النبي أو أي رجل هن أهله وأهل بيته في ألآصطلاح العام , ولآن الخاص حاكم على العام , لذلك من المسلم به في ألآصطلاح اللغوي وفي ألآصطلاح الخاص أن أهل البيت في ألآية الكريمة هم الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين ” وليس زوجات النبي مع التقدير وأحترام لهن , ولآن القرأن يفسر بعضه بعضا , ولا يجوز تفسير القرأن بالرواية والحساب والرياضيات ولا بالرأي , فعندما نقرأ ماجاء في القرأن الكريم عن زوجات ألآنبياء وبعض زوجات الرسول نعلم يقينا أنهن لسن من المطهرات من الرجس والذنوب وعليه فلا تشملهما أية التطهير , قال تعالى :” يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ” – 30 – ألآحزاب –

أما أصطلاح أمهات المؤمنين فهي كرامة للرسول “ص” قال تعالى :” .. وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا أن ذلكم كان عند الله عظيما ” – 53- ألآحزاب –

” ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأت نوح وأمرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل أدخلا النار مع الداخلين ” -10- التحريم – فزوجات ألآنبياء لسن معصومات , وهذا ما لايفهمه أغلب المسلمين من الذين غالوا وتعصبوا لبعض زوجات النبي “ص” دونما سبب وجيه , ألآ التعصب من أجل التعصب , وما يؤكد ذلك قوله تعالى في بعض زوجات النبي “ص” ” أن تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما وأن تظاهرا عليه فأن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ” – 4- التحريم – وفي التفاسير المنقولة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام أن صالح المؤمنين في ألآية هو ألآمام علي بن أبي طالب عليهما السلام وهذا ما تؤكده بقية ألآيات الكريمة مثل ” أفمن كان على بينة من ربه .. ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى أماما ورحمة ألئك يؤمنون به ومن يكفر به من ألآحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه أنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لايؤمنون  ” – 17- هود –  ومثل أية “61” في سورة أل عمران ” فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ” – 61- ” والذين ظهروا للمباهلة مع رسول الله “ص” هم علي وفاطمة والحسن والحسين , فعلي أبن أبي طالب هو نفس النبي “ص” كما في نص ألآية الكريمة .

وأمام هذه النصوص القرأنية الكريمة لايحق لآحد أن يظل مترددا في تشخيص ومعرفة ” الولاية ” بعد رسول الله “ص” لمن , فالنصوص القرأنية متظافرة كلها على أن علي بن أبي طالب هو وصي رسول الله “ص” وهو الخليفة الشرعي طبقا للمعرفة القرأنية التي تقول : أذا حضر النص بطل ألآجتهاد خارجه , والفقهاء وطلاب الفقه يعرفون قاعدة : ” لا أجتهاد في النص ” وأذا أضفنا الى ذلك مصطلحات ” الراسخون في العلم ” و ” أهل الذكر ” و ” أولي ألآمر ” ستجد أنفسنا أمام برهان قاطع ونور ساطع من ألآدلة التي لاتغادرها العقول السليمة , ولا تنكرها المعارف التي يتوحد فيها البشري والكوني , قال تعالى : ” ولو أن قرءانا سيرت به الجبال أو قطعت به ألآرض أو كلم به الموتى بل لله ألآمر جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله أن الله لايخلف الميعاد ” – 31- الرعد – ” ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ” – 13- الرعد- وقال تعالى :” تسبح له السماوات السبع وألآرض ومن فيهن وأن من شيئ ألآ يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم أنه كان حليما غفورا ” – 44- ألآسراء – ولتقريب معنى البشري بالكوني سنورد بعض ألآيات القرأنية الكريمة , قال تعالى ” قلنا يانار كوني بردا وسلاما على أبراهيم ” – 69- ألآنبياء – ” وحشرنا لسليمان جنوده من الجن وألآنس والطير فهم يوزعون ” – 17- النمل – ” قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك فلما رءاه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر فأنما يشكر لنفسه ومن كفر فأن ربي غني كريم ” – 40- النمل – والذي عنده علم من الكتاب هو أصف بن برخيا وهو وصي سليمان النبي عليه السلام , فلماذا يظل البعض معرضا ومنكرا لما أعطى الله تعالى لآئمة أهل البيت وفي مقدمتهم ألآمام علي بن أبي طالب من الكرامات والمعاجز التي ظهرت لهم حتى أصبحت دراية وليست رواية ؟

أننا في ذكرى البيعة والولاية لعلي بن أبي طالب عليهما السلام نريد أن نجعل من هذه المناسبة مناسبة طافحة بالمعاني المعرفية التي تنظر الى الكون برؤية موحدة عبرت عنها ألآية الكريمة :” وما من غائبة في السماء وألآرض ألآ في كتاب مبين ” – 75- النمل – وقال تعالى ” وأذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من ألآرض تكلمهم أن الناس كانوا بأياتنا لايوقنون ” – 82- النمل – هذا هو الفهم المعرفي للكون ” دابة من ألآرض تكلم الناس ” وعندئذ لاينفع المعرضين تكذيبهم لحقائق القرأن ومشاهد الكون المسبح للله , أن عيد الغدير سيظل يلاحق الذين ينكرون ثقافة القرأن , والذين أخذوا ببعض الكتاب وأعرضوا عن بعض ؟ وهذه النصوص التي ذكرناها في دراستنا هذه هي من الوضوح بحيث لاتحتاج الى مزيد من البيان , فلماذا نستبدل النصوص بالروايات وقد نهانا رسول الله عن ذلك , ولماذا نعطي القدسية لغير المقدس ؟ ولماذا نعطي لغير الراسخين في العلم ما للراسخين في العلم ؟ ونفعل نفس الشيئ مع أهل الذكر ؟ ولا يوجد أحد من أئمة المذاهب ألآسلامية من ألآمام أبو حنيفة الى الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل لايوجد أحد منهم يقول أنه من الراسخين في العلم , أو أنه من أهل الذكر ؟ أو يقول أنه من أولي ألآمر ؟ كل ذلك حدث وجرى بعدهم , لقد كان ألآمام أبو حنيفة يقول : تعلمت من حلاق في مكة خمسة أخطاء , والحلاق قال لابي حنيفة أنه أخذ العلم من رباح بن عطية فقيه مكة الذي أخذه من علي بن أبي طالب ؟ وألآمام الشافعي هو من قال شعرا في حب أهل البيت :-

يا أهل بيت رسول الله حبكم .. فضل من الله في القرأن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن أنكم .. من لم يصلي عليكم لاصلاة له

وعندما سئل ألآمام أحمد بن حنبل عن الخلفاء , فلما ذكروا عليا , قال هذا من أهل البيت ؟

وللولاية في ذكرى عيد الغدير معاني غابت عنها بعض ألآفهام نتيجة لماذكرنا من ألآنقلاب الفكري الذي أصاب الكثير من المسلمين حتى غاب عنهم القول الصواب , والقول الصواب سيعرف يوم القيامة .

للولاية في العقيدة ألآسلامية مكانة معرفية عميقة تجعلها تتقدم على فروع الدين : كالصلاة والزكاة والحج والصوم , والسبب في ذلك كما شرحه ألآمام محمد الباقر وألآمام جعفر الصادق : هو أن الولاية تختزن العلم والمعرفة والتقوى والهداية , فمن يصلي ويصوم ويحج ويزكي , وهو لايعرف التفاصيل والجزئيات لكل عمل عبادي من تلك ألآعمال العبادية فأنه يقع في الممارسة الخطأ التي تجعل عمله باطلا لايستفيد منه يوم الحساب , ولكن بالولاية ومن خلالها أي بوجود ألآمام المعصوم المنصوص عليه في الكتاب وفي سنة رسول الله “ص” أما الكتاب فقد ذكرنا كثيرا من النصوص القرأنية في سورة أل عمران وفي سورة النساء وفي سورة المائدة وفي سورة ألاحزاب وفي سورة النبأ بما فيه الكفاية , وأما عن سنة رسول الله “ص” فقد قال “ص” : أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي , ثم قال “ص” لاتتقدموا عليهم فتهلكوا , ولا تتخلفوا عنهم فتندموا , ولا تعلموهم فهم معلمون ” وكل الشواهد والدلائل من تاريخ المسلمين تدل على ذلك , ولكن البعض ظل معاندا ؟

في ذكرى عيد الغدير نقدم الولاية في مفهومها المعرفي والكوني هدية للذين يبحثون عن الحقيقة الضائعة بين ركام الخلافات التي ما أنزل الله بها من سلطان , ونقدمها للذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه , وألئك هم الذين قال عنهم تعالى ” أن ألآرض يرثها عبادي الصالحون ” وهذه الخاتمة السعيدة ستتحقق على عهد ألآمام المهدي المنتظر “عج ” الذي مكن الله تعالى له كما مكن لذي القرنين في ألآرض وهو أول مهندس سدود في العالم ,وأول من ساح في ألآرض حتى سمي بالرجل الجوال في كتب أهل الكتاب , قال تعالى ” ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا – 83- أنا مكنا له في ألآرض وأتيناه من كل شيئ سببا ” – 84- الكهف –

فالولاية هي العقل المعصوم والعلم المنظوم والفهم المعلوم , والحياة مع هذه الخصائص تكتمل سعادتها في الدنيا وألآخرة , لذلك يكون ألآحتفاء بها عيدا حقيقيا لآنه يصنع الفرح الحقيقي , والعيد هو الفرح الحقيقي.