يحمل لنا يوم ” الرابع عشر من فبراير ” فرحة للعشّاق تتمثل بحلول ” عيد الحب” أو “فالنتاين” كما يحبّ البعض ممن يغرمون بالكلمات الأجنبية تسميته ،
عيد الحب يعيدني لصورة قديمة لطفل عار له جناحان يحمل بيده سهما يصوّبه لقلب يقطر دما ، ولم نكن نعرف أن تلك الصورة مستوحاة من الميثولوجيا الرومانية والطفل هو (كيوبيد) ابن (فينوس) وكان سهمه يصيب البشر فيسبب وقوعهم في الحب وكما تقول الموسوعة الحرة ويكيبيديا وقد أصيب كيوبيد في أحد الأيام بسهمه فجرحه وأوقعه في غرام امرأة
حكاية موجعة مليئة بالدم والجراح والسهام, تشرحها الصورة التي كنا نراها ملصقة على الحيطان وشيئا فشيئا تعرفنا على تفاصيل الحكاية فتوجعنا لوجع هذا الملاك الطائر ومن يومها إرتبط الحب عندنا بالدم والأسى وحين حاولنا تقليد الحكاية لم نكن نمتلك مهارة التنفيذ لذا تجاوزنا المقدمات ورسونا عند النتائج فإكتفينا برسم قلب ينزف من جراء إصابته بسهم الملاك , إذ أننا حينها لم نكن نعرف هذا المسمى (كيوبيد) مستعينين بأصابعنا على صفحات الرمال أو الطباشير الكلسية على السبورات السوداء في أوقات الإستراحة وكنا نقول لمن يسألنا عن الشيء الذي نرسمه إنه قلب الحب ونسارع الى مسحه خوفا من غضب المعلم فالكلام في هذا الذي ينزف ممنوع !!
وكبرنا وصورة القلب المدمى محفورة في وجداننا , وكنا دائما نحاول مسحها , خوفا من الآخرين , لذا ظلت مشاعرنا حبيسة الصدور , واليوم حين بات الكلام حول عيد للحب مشاعا على كل لسان من الطبيعي أن يواجه كل هذا الرفض من قبل الكثيرين بدعوى أن هذا ليس من تقاليدنا , ولا من عادتنا , وهو بدعة , جاء مع رياح العولمة الشديدة وقد وجدت في الفضائيات مرتعا , وكلما كثر الحديث عن عيد الحب كلما كانت ردة الفعل أكثر عنفا , والرفض أشد , ذلك لأن ثقافتنا تجد في الحب عيبا في الشخصية ينبغي معالجته مع أن لدينا تراثا شعريا هائلا في الحب يتمثل في قصائد البهاء زهير وقيس الملوح وعمر بن أبي ربيعة وأبي نؤاس ونادرا ماتجد شاعرا عربيا لم يكن في الغزل والنسيب , حتى المتنبي لايزال العشاق يرددون أبياته:
“أرق على أرق ومثلي يأرق
وجوى يزيد وعبرة تترقرق
جهد الصبابة أن تكون كما أرى
عين مسهدة وقلب يخفق
مالاح برق أو ترنم طائر
الا انثنيت ولي فؤاد شيق
وعذلت أهل الحب حتى ذقته
فعجبت كيف يموت من لا يعشق”
لذا أجد أن عيد الحب فرصة لنجد شعورنا بالمودة ونعمق هذا الشعور , ونستطيع أن نطوع المناسبة وفق ما يناسبنا فنغلق بوابات الروح على المشاعر السلبية التي تملأ ما حولنا , نقرأ في هذا اليوم نصوص شعراء الحب العرب لنغذي عواطفنا ونملأ قلوبنا محبة ونفتحها على مصراعيها
لكل ّ الجمال والصفاء والنقاء.