17 نوفمبر، 2024 10:37 م
Search
Close this search box.

عون الخشلوك ولميعة عباس عمارة

عون الخشلوك ولميعة عباس عمارة

كنت أراقب بأعجاب اللقاء البابوي بين الحبر الأعظم والدكتور عون الخشلوك ، وسمعت رسالة الخشلوك لبابا الفاتيكان وكانت رسالة وطنية خالصة نقلت مشاعرنا المتبادلة من المكان الذي ولادنا فيه معا ، ظلال نخيل الفرات الابراهيمي هناك عند بوابات أور وناحية قلعة سكر ، يوم كنا انا وصديق العمر والدراسة ( رعد الخشلوك ) نقضي ليل منتصف الطريق في غرفة الضيوف في بيتهم العامرة قبل ان ننطلق معا الى وحدتنا العسكرية في معسكر خالد بكركوك.

هذا اللقاء أظهر ممكنات اخرى للرجل ( الخشلوك ) ليتحول من رجل اعمال وصاحب خطاب وطني في قناة البغدادية التلفازية التي يمتلكها الى صاحب خطاب عالمي عجز ساسة العراق أن يوصلوه الى سادن الفاتيكان الذي ابدى قلقه على ما يجري في العراق وعلى بداية انقراض الوجود المسيحي في العراق عندما أتت داعش المجنونة واحتلت اشهر المدن المسيحية وهدمت كل الاديرة التأريخية في نينوى وارغمت مئات الالوف بالهجرة عن وطن كانوا هم من اوائل صُناع حضارته منذ الحيرة النصرانية والقبائل التي ارتضت بالتوحيد ديانة قبل أن يجيء الاسلام ويلمها الى عباءة الدين الجديد الذي ابقى للديانات الاخرى حقها بممارسة طقوسها بحريتها .

كنت في صدد الحديث عن هذا اللقاء بين قداسة الباب والدكتور الخشلوك عندما جاءني الهاتف الذي يأتي بين فترة واخرى من سيدة رائعة ، اعطت لوطنها الكثير ، وربما هي آخر القامات الخالدة والعملاقة في منجز ثقافتنا الذي تأسس في النهضة الثقافية الادبية الاولى التي انشأها السياب والبياتي وبلند الحيدري وغائب طعمة فرمان وجعفر الخليلي وحقي الشبلي وغيرهم.

صوت لميعة عباس عمارة ، الهادئ والعميق والدافئ هو راحة الأزمنة في خيال خصب لسيدة شاعرة من الطراز الاسطوري وقد بلغت اليوم السابعة والثمانين من العمر ، ولم يزل فيها متوهجا هاجس الخيال المبدع وصور القصيدة وعشق العراق في تفاصيل خواطرها وأغانيها وذكرياتها التي تحتاج الى جهد وطني لأرشفته لأنه ذاكرة وطن ، ووطن من دون ذاكرة هو حجر ميت.

تسامرت في الحديث مع السيدة لميعة عباس عمارة مثل كل أتصال بيننا ، وكان في مسافة الدفيء في صوتها من امريكا الى المانيا هناك ثقة كبيرة في حلم المرأة لتجد من يوثق لها خزينها الهائل من محطات تواريخ وطنية هي مثل اهمية النفط في ادامة المستقبل الحضاري للبلاد .واهم ما في محادثتها معي أنها شبعت من وعود حكومية لها وعلى اعلى المستويات انها ستكرم بما يليق بها ، لكنها وحسب قولها لم ترى سوى اليافطات ومناسبات اتخذ فيها اسمها كبوابة للاحتفاء بالمنجز العراقي مع وعود بالاعتناء بما تملك من تراث وتقول انهم يصرفون الوف الدولارات على هذه المناشط ومنها المربد الاخير ، ولكن أي واحد لم يلتفت الى رغبتها ويعينها في جمع تراثها الأدبي الهائل الذي ما يزال الكثير منه مخبئ في ذاكرتها ، ولم تحصل في مناشداتها وطلباتها سوى على الوعود من السفارة العراقية وممثليها او من بعض المسؤولين في وزارة الثقافة ، حتى راتبها التقاعدي لم تستلمه سوى قبل فترة قصيرة وعبر مكاتب الصيرفة.

هي متألمة من ان البعض لا يراعي هذا الجانب ويحاول ان يستغل هذه الثروة الوطنية لأغراض مادية وخاصة وهذا ما جرى في لقاء تلفازي اجري معها لساعتين مع احدى القنوات وثمة اشكالية في هذا اللقاء وصل به الحد ليكون في ساحة المحاكم ( احتفظ بتفاصيل هذا الحدث ومسمياته ).

وتحدثت ايضا عن حزنها لهذا التغاضي والمتاجرة بالاسم وتحدثت عن حادثة أن واحدة من صورها بيعت بلندن بمبلغ خيالي ربما ربع مليون دولار ، ولكن صاحبت الصورة لم تنل من الرعاية بما يوازي هذه المتاجرة وصنع الهالة الاعلامية للاستفادة من ظاهرة لميعة عباس عمارة كحقبة تاريخية عراقية مهمة ، فهي خزين لذاكرة نادرة تتأمل هي اليوم كثيرا لأنهم لم يعتنوا في هذه الذاكرة جيدا وانها قد تُستغل ولا ترى وتسمع سوى الوعود في الاعتناء بما تملك من خزين هائل يحتاج الى توثيق ومتابعة وصرف عبر تهيئة وتعيين سكرتارية خاصة من شخصين يتابعان هذا التوثيق وارشفته ثم طبعه.

انه مشروع حضاري حملته عبر (شخصي انا ) لأوصله الى الدكتور عون الخشلوك لأنها عبرت كثيرا عن ثقتها به واعجابها بمسيرته الوطنية والإعلامية.

اليوم اضع رغبة السيدة لميعة عباس عمارة ليكون الدكتور عون الخشلوك وحسب رغبتها هو من سيتبنى تدوين الارشيف الثقافي الهائل الكامن في ذاكرة الشاعرة العراقية الكبيرة لميعة عباس عمارة وعبر طريقة يختارها ( هو ) عبر تسجيل كتابي او توثيق صوتي او تلفازي بعد أن يتم تعيين من يساعدها على توثيق ما في جعبتها من ذكريات وحكايات وصور هي شاهدة عيان لعصر أمتد في وعيه منذ ايام دار المعلمين العالية في زمالتها للشاعر الكبير بدر شاكر السياب والى اليوم..

أنها دعوة من الشاعرة وموثقة بصوتها الى الدكتور عون الخشلوك عسى ان تكون الاستجابة سريعة .ورقم هاتف منزل الشاعرة في امريكا معي…..!

أحدث المقالات