من بين أكثر الصحفيين الرواد في مصر يتربع محمد التابعي( 1896-1976) على عرش صاحبة ألجلاله فقبل ان يتفرغ للكتابة في( روز اليوسف) أسس مجلة( أخر ساعة) الشهيرة وشارك في تأسيس جريدة( المصري )و يعد صاحب مدرسة رائده في الكتابة الصحفية لأسلوبه الرشيق وقدرته على اكتشاف مواطن الخلل في العلاقة بين السلطة والشعب ومعرفة طبيعة المصريين ومزاجهم وما يحرك غضبهم ضد القادة والحكام.. حيث تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل حسنين هيكل،و الأخوين مصطفى وعلي أمين،و كامل الشناوي،و إحسان عبد القدوس،و أحمد رجب وغيرهم. ويكفي ما قاله عنه تلميذه مصطفى أمين بان « مقالاته كانت تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط علي الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار).
تذكرت مقال التابعي الشهير ( نحن نصنع الطغاة ) الذي يتهم فيه الشعوب والناس الخانعين القابلين بالذل والمهانة والراضخين لسياط (أولي الأمر) بأنهم هم من يفرعنون الطغاة… حييت التابعي وذكراه العطرة وصدق نبؤته وانأ أشاهد بألم يعتصر القلوب واندهاش بالغ مثل ملايين الناس على الأرض شريط المواطن المصري الذي استأثر بأولوية الإحداث في وسائل الإعلام العالمية يوم الأحد الماضي حيث يظهر رجل في نهاية العقد الثالث من العمر سحله رجال الاجهزه الأمنية المصرية عاريا وانهالوا عليه بالضرب بالعصي والإقدام بلا رحمة وأجبرته وزاره الداخلية بعد عرض هذا الفلم الفضيحة تحت وطاه الخوف والتهديد ان ينفي تعرضه للرصاص المطاطي الذي أصاب قدمه نافيا ا ن يكون كلاب السلطة قد نهشوا جسده و انهالوا عليه بالركل والضرب بالهراوات وجردوه من ملابسه و قاموا بسحله لمشاركته مع أللمتظاهرين الغاضبين الرافضين لسياسات الإخوان المسلمين وانفرادهم بالسلطة. هذا الفلم اثأر امتعاض وغضب الرأي العام العالمي واغلب زعماء العالم وأحرج دعاه وعرابي مشروع الربيع الاخواني في الشرق الأوسط ودفع الكثيرين في الغرب على التساؤل عن طبيعة وطريقه تفكير شعوبنا العربية ولماذا يلتزم الضحية الصمت بعد ان فقد كرامته وشرفة بتلك ألطريقه المهينة في دوله إسلامية محافظه .
إصر المتظاهر الضحية حمادة صابر في البداية وهو تحت وقع الصدمة والخوف على امتداح بساطيل و(حنية) ورقه عصي قوات السلطة الاخوانية في مصر واعترف على طريقه عادل إمام الساخرة انه هو المذنب لأنه رفض الصعود لعربة قوات مكافحة الشغب!!! وكان مبارك لم يرحل أبدا وهو يراقب من زنزانته ما يحدث لشعب ثار علية… حماده صابر اتهم وهو في قمة الرعب المتظاهرين بأنهم هم من عذبوه و لولا إصرار زوجته وابنته وابن شقيقه الذين هددوه بالبراءة منه اذا لم يقل الحقيقة…. لولاهم لما اعترف بما جرى له من انتهاك أخلاقي وجسدي فاشي في ظل العهد الجديد رغم ان الشريط المصور( يكذب الغطاس) لا بل ان خوفه من قول الحقيقة زاد من ورطه نظام مرسي وقاده الإخوان المسلمين في مصر الذين سقط برصاصهم العشرات ولم يكن قتلهم عشوائيا بل ان اغلب الشهداء اختطف وعذب بوحشية وسادية و جرح المئات منهم خلال بضعة أيام وحدثت حوادث اغتصاب وهتك إعراض منظمة ومقصودة راح ضحيتها العشرات من المتظاهرات على يد مجاميع من حليقي الشارب ومطلقي اللحى والجلباب القصير وهو ما أشعل غضب المصريين وأعاد للأذهان فيديو الفتاة التي جردت من ملابسها في أحداث قصر العيني نهاية عام 2011!!!
بعد أشهر قليله على استلام الإخوان للسلطة في مصر وصدامهم مع شباب الثورة الذين عصفوا بنظام مبارك يوم 25 يناير وكان الإخوان المسلمين حينها مجرد متفرج خائف ينتظر الانقضاض على الفريسة السلطوية وفقا لاتفاق سري مع الإدارة الامريكيه كشف بعض خباياه سعد الدين إبراهيم الذي كان إحدى قنوات الحوار بين إتباع المرشد و(الشيطان الأكبر) يثار تساؤل هام حول قناعة الغرب بما يحدث في مصر وغيرها من طوفان أصولي خاصة بعد إحداث مالي والجزائر . ربما لم يدرك جلاوزه مرسي الذين استعادوا أنيابهم وهراواتهم الموروثة من حقبة مبارك انهم بتعريتهم لهذا المواطن وكشف عورته إمام الناس بلا حياء او رادع ضمير وسحله بطريقة لا تختلف عما يفعله الفاشيون والمحتلون إنما أزاحوا أخر قناع عن وجوه دعاه الدين وخديعة شعار (القران هو الحل.. شرع الله عز وجل) الذي ظللوا به الفقراء والمهمشين وسكنه المقابر والمدن القصية في الصعيد وعروا فكر الإخوان وأماطوا اللثام عن حقيقة هذه الحركة التي أسسها نجل يهودي مغربي بتوجيه من المخابرات البريطانية وكانت أول حزب يؤسس ميليشيا مسلحه في مصر بعد ان تحالفوا مع القصر الملكي ومع عبد الناصر والسادات تكتيكيا وتورطوا باغتيال وتصفيه خصومهم بناء على أوامر خارجية او حقد وغل اعمي. عندما وقعت هزيمة حزيران عام 1967 كان الشيوعيون في السجون يبكون ويبعثون برسائلهم لعبد الناصر لكي يصمد ويواصل القتال ويشدون من معنويات جيشهم بينما كان الإخوان شامتين فرحين بهزيمة خصمهم اللدود.
مشهد المواطن المصري المغلوب على أمره والمتردد بين الخنوع والرفض غالبا ما تكرر على مسرح تاريخ الصراع البشري خاصة في عالمنا العربي حيث يظهر الشعب وهو يهتف باسم الحاكم المستبد الذي يبطش جبارا على صدره المنهك وبنثر على موكبه الورود ويهتف له( بالروح بالدم) بينما الدماء تتدفق من تحت عجلات مركب البطريرك في خديعة متبادلة ربما صدقها الجلاد وتوهمها الضحية ضانا انه بخنوعه ونفاقه إنما يحمي نفسه من سوط الجلاد ومخبريه وزنزاناته ومشانقه وانتهاك عرضة….. لكن الى متى؟
هل يقارن الإنسان بين قيد الاستبداد الذي يبقيه وأسرته جسدا حيا جائعا خائفا بلا كرامة و ثمن التضحية من اجل الحرية التي تنتزع الروح وترفع الإنسان الى عليين ليكون خالدا في فردوس الله وتمنح الشعب سيادته ورغيف كرامته النقي بيديه لا صدقه من قبل الغرباء الذين لا يعطون شيئا بالمجان وإنما يرهنون تلك الشعوب لمشيئتهم من خلال تبديل الوجوه السلطوية وتغيير الديكور والشعارات فقط,. لم يذكر لنا التاريخ ان العبيد حرروا أوطانا.
مشروع الإخوان والتيارات الأصولية سقط في اول اختبار له في ليبيا الممزقة وتونس حاضنه الإرهاب ومزرعة تفريخ الانتحاريين وفي اليمن التي تمضغ الدم والقات معا وفي سوريا التي تحولت الى أنقاض ورهينة بيد جبهة ألنصره ومدافع الأسد وتمرغ بالوحل في العراق لأنه ساهم في تشويه صوره الإسلام الحقيقي وكفر الناس بالديمقراطية والدين وكشف للأعمى أنة مشروع أريد له ان يقام على أنقاض ألدوله المدنية التي تحترم كرامة وحرية الجميع وخياراتهم وكان نابعا من مصالح لمشروع الغربي الصهيوني الذي يسعى لتفتيت هذه ألامه وشعوبها المتعايشة بإطلاق وحش الطائفية والتكفير كوسيلة وحيده لأعاده تقطيع خارطة المنطقة وتحويلها الى كانتونات تعيش في ظل دوله الأمير والمرشد والسلطان والخليفة والمرشد وأحبارهم من مفتي القتل والسحل وسمل العيون والتطبيل والقتال وراء المغول والعودة الى أخلاقية الكهوف وثقافة الطلقة والسوط والدراويش !!!
الا يشعر العرب اليوم في ليبيا وتونس ومصر والعراق وسوريا واليمن ان الدول الكبرى أجلستهم على قازوق صنعته من غباءهم وجهلهم .. شحذته ودببته بتخلفهم وتعصبهم الأعمى اخترق دبرهم و مزق أحشائهم وأحال أوطانهم الى خنادق متناحرة يذبح بعضهم بعضا … وهم يحزون رؤس جيرانهم وأصدقاءهم ورفاق عمرهم وطفولتهم بلا رحمه مما تأنف عن فعله الوحوش الكاسرة وهم يهتفون( الله اكبر) متخندقين للطائفه والعشيرة والمذهب بدلا عن الوطن الذي لم يعد متنعما حتى بالأمان في ظل الأنظمة المستبدة .
لا حرية لفقير.. ولا كرامة لجائع.. ولا وطن لغريب.. ولا ديمقراطية مع الطائفية والعشائرية وانتهاك كرامة المتظاهرين وسحلهم في الشوارع وفضح ما ستره الله . صحيح يا إخوانا المصريين ( إلي اختشوا ماتوا)….
يا ريس !!!