كتبت في الحلقة رقم (26) من سلسلة مقالاتي بعنوان ( عراقيون مرّوا بموسكو ) عن أ.د. حكمت شبّر , باعتباره أحد خريجي جامعة لينينغراد الشهيرة ( بطرسبورغ حاليا) , وقد أثارت تلك الحلقة ردود فعل عديدة , ومن جملة ردود الفعل هذه , ما كتبه لي الزميل محمد عارف ( من بلاد الضباب الواضح!) عن اعجابه الشديد بتلك الحلقة , معتبرا اياها ( … من أجمل أحداث ذاك اليوم !) واستخدم بيت الجواهري العظيم باهداء قلبه ولسانه لنا جميعا , لانه – ( يجود بأصغريه المعدم !) , وأخبرني , انه قام بارسل المقالة الى حكمت شبّر رأسا ( وهو مع العلوية على ثلوج دهوك) , الذي سأل بدوره ( عن كاتب المقالة ) , الا ان حكمت قال , ان المنصب الذي يتذكر انهم اقترحوه عليه هو رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية وليس مدير مكتب رئيس الجمهورية كما أشرت أنا في مقالتي , وكتب لي عارف يقول , ان كامران قره داغي فقط هو الذي يمكن ان يحسم هذا الموضوع , وأجبت محمد رأسا ان يفاتح كامران حول ذلك , واستخدمت بيت الجواهري ( مثله!) قائلا له – ( يا سيدي أسعف فمي ليقولا!) , وهذا ما حدث فعلا , وكتب قره داغي توضيحه الوافي والشافي فعلا باسلوبه الواضح وذاكرته التفصيلية الدقيقة , وقد تبين من توضيح كامران , ان المنصب الذي اقترحه على د. حكمت شبّرآنذاك هو رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية حقا, وليس مدير مكتب رئيس الجمهورية كما كتبت انا بشكل غير دقيق في مقالتي , وهذا هو السبب الذي دعاني ان اعود للكتابة عن موضوعة د. حكمت مرة اخرى , واعتبرت ان ( العود أحمد) كما يقول التعبير الشهير ( وألحقت ذلك حتى في عنوان المقالة ), وذلك انطلاقا من المبدأ السليم – ( الاعتراف بالخطأ فضيلة) , خصوصا و ان سلسلة مقالاتي عن ( العراقيين الذين مروّا بموسكو ) اصبحت الآن ضمن المصادر المعتمدة في توضيح بعض خفايا واسرار ( نواعم!) في تاريخنا العراقي المعاصر , وهي ( نواعم!) مهمة , رغم (نعومتها!) , اذ انها تؤدي دورا محددا ودقيقا وحاسما في كثير من الاحيان , او كما يقول المثل العراقي الجميل والعميق – ( نواية تسند الحب).
ان الفرق كبير طبعا بين منصب ( رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية ) ومنصب ( مدير مكتب رئيس الجمهورية ) , فالاول يجب ان يكون بدرجة وزير ( كما يشرح كامران قره داغي في توضيحه التفصيلي والشامل المشار اليه أعلاه ) , ويقتضي ذلك المنصب سلسلة من الخطوات والاجراءآت الطويلة , بما فيها موافقة البرلمان , الا ان د. حكمت اعتذر عن الموافقة لاسباب امنية في تلك الاوقات الحرجة, وقرر الاستمرار في عمله التدريسي في النجف . ولو وافق د.شبّر في حينه على مقترح كامران هذا , لاصبح واحدا من القلائل من خريجي الجامعات السوفيتية , الذين شغلوا مثل تلك المناصب الرفيعة , علما انه جديرجدا بذلك المنصب , خصوصا وان الرئيس طالباني ( كما أشار كامران في ذلك التوضيح) قد فرح جدا بترشيحه , لانه تذكره شخصيا , فقد كانا سوية في نفس الكورس بكلية الحقوق في جامعة بغداد عام 1959 , بل ان طالباني تذكّر قصيدة لحكمت شبّر كتبها عن طالباني خصيصا بعد عام 1991 .
تحية وقبلات لثلاثي لينينغراد – (شبّر وعارف وقره داغي ) يوم جمعتهم تلك المدينة الروسية التاريخية الجميلة وجامعتها العريقة قبل حوالي الستين سنة , وتحية وقبلات لهم يوم فرقتّهم شذرا مذرا احداث العراق الرهيبة ومواقفهم الفكرية المتضادة تجاهها , وتحية وقبلات لهم يوم عادوا الى مثلثهم الاول القديم , لانه ( ما الحب الا للحبيب الاوّل!!!)…