تزداد الأحتجاجات في الشارع العراقي نتيجة لما آلت اليه أمور البلاد من أزمات اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد وجود العراق الذي كان يعد البلد الأغنى ليصبح البلد الأفقر في العالم وتلك معادلة غريبة !
الكثير من المراقبين والباحثين أنتقدوا صمت الشعب العراقي وهو يتعرض لأكبل عملية نهب وسلب لثرواته من قبل جهات جائت من الخارج على انها معارضة للنظام البعثي وأذا بها تتصرف بشكل اكثر قساوة واجرام لتجعل من العراق ساحة مفتوحة لأنعاش القتل والترويع والقمع والسلب والنهب تحت لافتة العملية السياسية الجديدة المسماة بالديمقراطية ! ونتيجة لتلك السياسة القذرة كان النقد العلني يدفع بصاحبه الى أَن يتعرض لمشاكل تصل في احيان كثيرة الى دفع حياته وعلى هذا الشكل بنيت دكتاتوريات جديدة عاثت في العراق فساداً وصلت حدوده الى مخاطر تقسيم العراق بحجة الأقلمة والفدرالية . ومع استمرار هذه الحالة نجد ان الخدمات قد غابت بالكامل ونشأت أحياء فقيرة كانت مجبرة على ان تسكن في عشوائيات بعد ان انشغل الحكام الجدد في عمليات السرقة المنظمة لثروات البلد وعمليات شراء الذمم وترويض السذج ليكونوا يداً ضاربة لأحزابهم في حال تعرضها لتهديد شعبي قد يأتي ذات يوم ليطالب بحقوقه التي اغتصبت . من قبل تلك الأحزاب التي كانت تعيش في الشتات تطلب المساعدات فأصبحت اليوم تملك المليارات من الدولارات .
حالات القمع التي مارستها تلك الأحزاب غيبت الخط الوطني وخطابه المعروف والذي غالباً ما يطالب بهيبة البلد وأبناءه . لكن تلك الأحزاب التي تحكم العراق فضَّلت ولائها للأجنبي على ولائها للعراق فهي لاتستحي من اعلان ارتباطها بهذه الدولة أو تلك كما لاتستحي من أن ترفع صور لشخصيات غير عراقية بحكم الولاء المطلق لتلك الشخصيات والعمالة لها !
وبعد أن وصلت ميزانية الدولة الى الأفلاس وانتشر الجوع بشكل لافت مع ان العراق ثري . انتفض الشارع من جديد بعد اكثر من 12 سنة على حكم الأحزاب الطائفية والتي شرعت المحاصصة لأجل النهب والسلب !
وكانت الشرارة من البصرة الفيحاء التي خرجت بخطاب وطني حقيقي استهدف حزب يدير المحافظة بشخصياته وزعاماته ولتطالب الجماهير بأعادة العراق الذي اختطف في غفلة من الزمن . لتشتعل حركات الأحتجاجات الشعبية في باقي المحافظات الوسطى والجنوبية ولنسمع من جديد الى شعارات وطنية رافضة لكل التدخلات الخارجية التي ساهمت بتدمير العراق من خلال جعله ساحة لتصفية الحسابات . وهي المرة الأولى التي يتناول فيها الشارع الجنوبي وبالسخرية والنقد شخصيات كانت قبل اشهر قليلة تعد رموزاً وخطوط حمر لمن يتناولها بسوء . وبشعارات واضحة انتقد الشارع الجنوبي أغلب الأحزاب الأسلامية التي تدير الحكم بشكل سيء في العراق من المجلس الأعلى وزعيمه عمار الحكيم الى حزب الفضيلة الى حزب الدعوة وزعاماته الى مايسمى بالأصلاح وزعيمه الجعفري والمتتبع لمسيرة الأحتجاجات سيجد أن الشارع الجنوبي قد فقد ثقته بالكامل بتلك الزعامات وهو يطالب بأحالتها الى المحاكم الدولية أن لم يتمكن القضاء العراقي من مقاضاتها لما سببته من ويلات للشعب العراقي الذي يواجه الأرهاب نتيجة لسيلسة تلك الأحزاب الطائفية التي زادت من اعداء العراق وأنعشت الأحقاد ضد الشعب من اجل ان يبقى الوضع على ماهو عليه وتبقى تلك الأحزاب تمارس اعمالها في تقسيم خيرات البلد بينها وتحويلها الى البنوك الخارجية .
من اهم الدروس والعبر والنتائج الأيجابية التي جائت بها التظاهرات والأحتجاجات المستمرة للأسبوع السابع هي عودة الخطاب الوطني الحقيقي للشارع الجنوبي . هذا الخطاب الذي غاب لسنوات بفعل الترهيب الذي تمارسه احزاب السلطة اليوم اصبح واضحاً ومتفوقاً على خطاب الأحزاب الطائفي الذي جلب للعراق الدمار .
حاجز الخوف الذي بني من تلك الاحزاب ومليشياتها قد تهدم اليوم فالمواطن يعرف ان الأحزاب التي حكمته كانت قد استغفلته واستخدمته من اجل نهب ثروات البلد ولتنشر الجوع والفقر بين الناس ولهذا نجد ان ثورة الجوع لايمكن لها ان تستكين خاصة اذا كانت الحكومة مبنية على اساس طائفي ومحاصصاتي وان المشاركين فيها هم من سرقوا الشعب ., وبرغم كل المحاولات من تسييس التظاهرات او ايقافها او قمعها نجد ان الشارع هو الذي يقود نفسه وهو عازم على المضي في الأحتجاجات . وبالنتيجة فان الشعوب ستنتصر باذن الله . عاش العراق وعاش شعبه الأبي.