23 نوفمبر، 2024 3:51 ص
Search
Close this search box.

عودة الأسد البرتقالي الضال …..

عودة الأسد البرتقالي الضال …..

حاولت أن أتمالك نفسي وأظهر بحلة مليئة بالثورية وأنا أتابع حفل أفتتاح المونديال الروسي 2018 لكنها كانت لحظات قصيرة من بعدها اجهشت بالبكاء .

نسيت ان الثورية مصطلح غريب في عالم الكرة وان لا علاقة تربط الخبز وجيفارا والفقراء بالكرة من الناحية الفكرية والفلسفية ربما عمليا هنالك علاقة وثيقة فالكرة العالمية اداة رأسمالية لجني الارباح والفقراء في افريقيا وامريكا اللاتينية يمارسونها بغرض الترفيه والمتعة كتعويض عن مرحلة البؤس والحرمان فمحاولة النسيان التي جسدت شخصيتها لن تعيش وسترحل مع صافرة الحكم وان الدموع لن تحل عقدة هولندا في كأس العالم فبالأمس وصلت الى المباراة النهائية في ثلاث مناسبات 1974 و1978 و2010 وخسرت واليوم لم تتأهل لأنها لم تتخطى حاجز التصفيات الأوربية واكتفت بالحلم على حدود موسكو وستالينغراد وسان بطرسبورغ .

أغلقت التلفاز أشعلت سيجارة وجلست في زاوية ضيقة كي لا أرى ظل الحلم ونظرت الى الجدار على اليسار 3 صور لثلاث أساطير حقيقية اعشقها بجنون صورة لأبي العظيم واخرى لجيفارا والاخيرة لمنتخب الطواحين البرتقالية كل صورة لها حكاية وكل حكاية لها بعد يتخطى الروح والجسد والقلم والحرف .

المجد لأبي العظيم

المجد لجيفارا

المجد للطواحين البرتقالية

2

ورثت عشق المنتخب الهولندي عن أبي العظيم فلقد كان يحدثني دائما عن يومياته في كأس العالم 1974 و1978 اسماء اللاعبين والملاعب والمدن والصحف والمجلات الرياضية التي كانت تواكب الحدث وفي مرحلة الطفولة كنت اشاهد بعض المباريات برفقته منها المباراة النهائية التي جمعت هولندا والاتحاد السوفيتي في نهائي كأس الأمم الاوروبية 1988 والتي انتهت بتتويج المنتخب الهولندي بطلا لأوروبا حمل حينها رود غوليت وفان باستن الكأس رأيت السعادة والبهجة على ملامح أبي العظيم حينها حملني على كتفيه وجال بي جميع أركان البيت وهو يصرخ هولندا هولندا .

مازلت أتذكر طيف الصورة وأشعر بجمالها ونقائها وسحرها في اعماق روحي وقلبي كبرت وكبر عشق هولندا معي وفي المباراة التي جمعت هولندا ويوغسلافيا في امم اوروبا 2000 والتي انتهت لصالح الطواحين البرتقالية صافحت ابي العظيم وقلت له ما ان تفوز هولندا يوما ما بكأس العالم او كأس الأمم الاوروبية سأعيد رسم المشهد من جديد وسأحمل ابنائي على اكتافي واجول بهم كافة ارجاء البيت واصرخ هولندا هولندا .

ضحك ابي العظيم وقال لي

كلام شرف ابني

قلت له

كلام شرف

مضت سنين ولم تحمل هولندا الكأس لكن العهد مازال في دهاليز الذاكرة فهو عقد سرمدي بين الأب والأبن ومتى ما تحقق الحلم سأرد الدين لأبي العظيم وان حدث ولم يتح القدر الفرصة لي لفعلها في قادم السنين فلقد وضعت العقد في عهدة ابنائي وهم ملزمون بتنفيذه فليحملوا حينها احفادي على اكتافهم ويجولوا بهم اركان البيت ويصرخوا هولندا هولندا لعلي أعيد جزءا من فاتورة الطفولة والمراهقة والرجولة لأبي العظيم .

فالعهد كالمبادىء لا خروج عنها الا بالخروج من الحياة

3

اشاهد مباريات كأس العالم واتابع مشاهدها الحية بحزن وألم ووجع عبر رسيفر مخصص لمجموعة من القنوات الرياضية المشفرة المدفوعة الثمن بسبب استحالة الحصول عليه من قبل الفئات المقهورة في المجتمعات الفقيرة لهذا أفكر احيانا بالغاء الاشتراك فيه فهنالك جموع هائلة من الفقراء في كل اصقاع العالم لا يمكنها اقتناء هذا الجهاز بسبب عدم امتلاكهم المال لشرائه هنا الضمير الانساني امام امتلاك الاشياء يتحول لسراب وهذا يصيب العالم بالضعف والخمول امام هذه الخردة الالكترونية فالاستغناء والاكتفاء مجرد نظريات اقتصادية وهمية .

فالرأسمالية تسيطر على الكرة العالمية وتتلاعب بها وفق قانون من يدفع يشاهد .

4

الساحة الحمراء تفتقد حضور الهولنديين في هذا العرس الكروي العالمي فالمونديال الروسي بلا هولندا كجوقة فاكهة خجولة تأبى الغناء والرقص بدون البرتقال وهل تحلو لحظات الجسد والروح في الصباح وعلى شاطىء البحر وتحت النجوم بلا عصير البرتقال .

5

رغم عدم تأهل المنتخب الهولندي لكأس العالم في روسيا لكن الروح الرياضية الهولندية صامدة والكبرياء البرتقالي يرفض كل اشكال الهزيمة لذا مع انطلاق مباريات مونديال الدب الأحمر ارتديت فانيلة المنتخب الهولندي ووضعت علم هولندا على الزجاج الخلفي لسيارتي .

قال لي احد اصدقائي وهو من مشجعي منتخب المانيا

لقد انتهى كل شيء هولندا خارج المونديال

قلت له

المعركة انتهت واعترف اننا خسرنا الرهان لكن الحرب ما زالت مشتعلة نلتقي في أمم اوروبا 2020

قال لي

لا احد يهزم الماكينات الالمانية

قلت له

الطواحين البرتقالية ستهزم أحفاد هتلر

6

المنتخب الهولندي صاحب مدرسة كروية عريقة وتلاميذها اثبتوا جدارة وكفاءة في ملاعب العالم لكن ايقونة نجاح اي فريق كروي بحاجة الى عنصرين اساسيين احدهما التنظيم الجيد في صفوف الفريق والحظ فهولندا تملك العنصر الأول لكنها لا تملك الحظ لهذا السبب تقف الكرة الشاملة ويصيبها الشلل وتعيقها المطبات والمشكلة ان الاعلام الرياضي العالمي ينقل الحدث من الزاوية التنظيمية بينما تتجاهل عمق المأساة الا وهي الحظ فالاضواء تكون على الاتحاد الهولندي لكرة القدم والمدربين واللاعبين بينما الواقع الكروي الهولندي يخلو من هكذا حجج وفرضيات فاللوحة مكتملة والالوان موزعة بشكل متناسق ومثالي والفرشاة طرية وناعمة والفنان يراقص الابداع هنا يقف العقل الرياضي عن التحليل والتفسير في النهاية هولندا لا تتأهل أو تخرج بضربات الحظ أو تكون اعمدة المرمى الخط الدفاعي الثاني للفريق الخصم .

فالنحس يقدم خدماته للطاحونة البرتقالية بالمجان

7

للعشق سيجارة وكأس مصدوء ووشاح أحمر للفقر نص ثوري يقاتل العالم للحضارة رحلة مع الفوضى للانسانية الكلمة والحرف لليسار العدل والمساواة والحقوق لجيفارا الحرية والمبادىء للأسد البرتقالي الضال عودة مع كرة العالم الذهبية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات