23 ديسمبر، 2024 1:46 ص

للكراسي ما لها وما عليها , وللكراسي مَن فيها ومَن يحوم حولها , وللكراسي وحوش تتوسدها , وثعالب وأرانب وكلاب تتفيأ بظلالها وتأكل من فتاتها.
والكراسي رمز القوة , ولكل قوة دوائر تدور وهي مركزها.

وبين الكراسي وما حولها مسافات طويلة وقصيرة , لكن الكراسي تهجع في ركام العواء والضجيج الصادر من الموجودات المنجذبة إليها , والتي يكون مصيرها مقرونا بوجود الكراسي , وما تستحوذ عليه ويتساقط منها لعدم قدرتها على حمله وهضمه.

وللكراسي كلاب تحميها, وهذا ديدنها وسنة المآسي في مجتمعات تدوس القانون ولا علم لها بدستور , وكل ما فيها يمضي على سكة العدوان والثبور.

والعاويات حول الكراسي أنواع وأهواء , ومصابة بداء الإنكلاب والإستذئاب , فلا قدرة عندها سوى العض , وهو سلوك إنعكاسي متحفز , لا يجيد غير النهش والإلتهام , ولا يعنيه في الأمر إلا القضم.

ومن مميزات سلوك الكراسي أنها تشعر بالأمان يكثرة المحاوطين لها والمرتزقين منها , لأنها تُشعر أصحابها بالأهمية والقوة والسطوة والقدرة على بسط القوة , وتأمين الطاعة والخنوع.

فالعاويات حول الكراسي , تهتم بمصالحها وشهواتها وشراهاتها , فتأخذ سيدها إلى حيث تريد , وتوهمه بما ليس فيه , وتسرق منه كل شيئ حتى منصبه الذي هو فيه بعد أن تنتهي صلاحيته , ويعطي ما يتمكن من العطاء السخي الغبي.

والحقيقة المريرة التي نتجاهلها , أن البشر يضع في الكراسي ما يوائم أمّارة السوء الفاعلة فيه , ويحقق بهم ما فيه , لكنه يبدي سلوكا مغايرا لطبيعته المتعارضة مع ما يؤمن به ويعتقده , فيجد في الكرسي وسيلة للتعبير عن إرادته المنحرفة , وكأنه قد تحرر من المسؤولية والإثم , لأن المسؤول عما يحصل هو الذي يجلس في الكرسي وحسب.

أي أن البشر يميل إلى التبعية المنافقة , اللازمة لتسويغ ما لا يتفق وما يؤمن به , فيكون السوء فعلا سائدا ومتكررا ومبررا بالذي في الكرسي , وعندما تتحقق الإرادةالبشرية السيئة بواسطة سيد الكرسي , فأنها تنقلب عليه وتفتك به للتخلص من عذابات ما فيها من المشاعر والأحاسيس التي تتقاطع وما تريد أن تتظاهر به.

ولهذا يتعممون ويفسدون , ويرتكبون الخطايا والآثام , والمسؤول هو المعم الذي يقلدون , وأنهم مأمورون ولا يمتلكون حرية الخيار , وبهذا يخدعون أنفسهم , وما هم إلا مجرمون وفاسدون وظالمون.

وتلك نوازع الكراسي ومرام العاويات , حول كل رمز وصوت وصنم!!