23 ديسمبر، 2024 3:48 ص

عن عودة العراق الى محيطه العربي

عن عودة العراق الى محيطه العربي

خلال الايام الماضية، قام حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، بزيارتين للسعودية و مصر، سعت وسائل الاعلام العراقية و العربية للترکيز عليها بأنها عبارة عن مسعى عراقي من أجل العودة الى محيطه العربي بعد إنقطاع طويل عنه عقب الاحتلال الامريکي للعراق، وهذه العودة، هي في صالح العراق نفسه قبل أن يکون في صالح البلدان العربية، ذلك إن العراق يستفيد من الحاضن العربي کعامل توازن استراتيجي أمام العلاقات الاخرى غير العربية وبشکل خاص العلاقة مع إيران.
الحديث عن ضرورة و أهمية عودة العراق الى محيطه العربي، قد جاء بعد أعوام طويلة من إنقطاعه”الاجباري”عنه بفعل عامل النفوذ و الهيمة الايرانية التي تجاوزت کل الحدود و صارت تفرض نفسها في کل شاردة و واردة، ولأن هدا النفوذ قد أثبت و بصورة عملية آثاره السلبية و الضارة جدا على الاوضاع المختلفة في العراق وکونه قد صار متحکما في کل الامور المتعلقة فيه حتى صار عامل إنتقاص من سيادته الوطنية، فإن الانظار بدأت تتوجه الى ضرورة أن يکون هناك عامل توازن بإمکانه أن يعدل من هذه الوضعية المختلة في العراق.
لم تشهد تأريخ العلاقات بين العراق و البلدان العربية، تأثيرات و تداعيات سلبية لها على العراق کما هو الحال مع العلاقات مع إيران منذ عام 2003، بل کانت هذه العلاقات طبيعية و تسير بصورة إعتيادية تخدم مصالح الطرفين، لکن دخول نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية(أبرهة أمريکا في إحتلال العراق) على خط العلاقات أضرت کثيرا بالعراق، وهو الامر الذي لاحظه المراقبون و المحللون السياسيون في العراق و المنطقة و العالم، غير إن السٶال الذي يطرح نفسه هو: هل إن زيارة العابدي للسعودية و مصر تکفي من أجل تصحيح مسار العلاقات العربية مع العراق و إعادة الحرارة المفقودة إليها؟
طهران التي تجد في تقوية العراق لعلاقاته مع البلدان العربية وبشکل خاص مع مصر و السعودية، خطر و تهديد عليها، ذلك أن الدولتين تفکران بمصالح العراق العليا و بالشعب العراقي، وهما يجدان في إستتاب الامن و الاستقرار في هذا البلد عامل يخدم الامن القومي العربي و بوابة تصد الرياح و العواصف العاتية، ولذلك فإن العلاقات العربية مع العراق لايمکن أن تعود لحالها الايجابي السابق مع إستمرار عامل النفوذ الايراني و الذي يخل بالسيادة الوطنية و إستقلال العراق، إذ إن العراق تعرض و يتعرض لضغوط من جانب طهران في مختلف المجالات ومنها المجالين السياسي و الاقتصادي بحيث يکونا وفق المقاسات الايرانية، وهذا مايعني بالضرورة بقاء الحالة السلبية في العراق، وإن سرطان الفکر الديني المتطرف المسموم المتمثل بنظرية ولاية الفقيه الغريبة و الدخيلة على الفکر الاسلامي، والذي يضرب العراق و بلدان أخڕ في المنطقة لابد من إجتثاثه من الجذور من أجل إعادة العافية للعراق من مختلف النواحي، وإن العبادي الذي لايمکنه أبدا أن يقف بوجه النفوذ الايراني، ليس بإستطاعته أن يکون عراب إعادة العلاقات العربية مع العراق الى سابق عهده، ذلك إن نفوذ هذا النظام وکما وصفته زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، من إنه أخطر 100 مرة من القنبلة الذرية، ذلك إن القنبلة الذرية تنفجر مرة واحدة، أما نفوذ هذا النظام فهو يبقى و يتوسع و ينتشر کالسرطان إن لم يکن أسوء من ذلك!