18 ديسمبر، 2024 5:06 م

عن (صحة صدور) شهادة مشعان الجبوري !

عن (صحة صدور) شهادة مشعان الجبوري !

قرر رئيس مجلس الوزراء اعتماد صحة صدور شهادة الدراسة الثانوية للنائب السابق مشعان الجبوري ، المنسوب صدورها إلى مدرسة سورية في العام ١٩٩٨ .
القرار يثير أكثر من تساؤل ويتعلق بأكثر من اعتبار :
أولاً – هل يحتاج تأييد صحة الصدور إلى قرار من رئيس الحكومة أم يكفي في ذلك تأييد الجهة المسؤولة عن إصدار الوثيقة الرسمية صحة الصدور ليتفرغ رئيس الوزراء لمهامه في تصريف شؤون أكبر وأهم على مستوى الدولة ؟.
لا شك أن هذه المهمة تعود للجهة الرسمية المختصة بإصدار الوثيقة . ومادامت الوثيقة صادرة من جهة غير عراقية فإن مهمة مخاطبة الجهة غير العراقية يقع على عاتق وزارة الخارجية وممثلية العراق في الدولة ذات العلاقة، وهو ما حصل فعلاً ، حيث نشرت في أجهزة الإعلام ووسائل التواصل صور المراسلات الجارية بشأن الموضوع، التي تبين منها عدم صدور الوثيقة أو التصديق عليها من جهة رسمية سورية ، وبالتالي فإن قرار رئيس الوزراء يثير الإستغراب .
وقد ينبري (خبير قانوني ) ليبرر قرار رئيس مجلس الوزراء مستنداً إلى قاعدة قانونية مفادها أنّ ” من ملك الأكثر ملك الأقل ” لكن هذا التبرير
يظل غير وارد لانعدام الضرورة وتعارضه مع مقتضيات تنظيم العمل وتوزيع الإختصاصات والسلطات .
ثانياً – لوحظ من محتوى كتاب مكتب رئيس مجلس الوزراء أنه استند إلى توصيات لجنة تحقيقية شكلت للخوض في موضوع صحة صدور الشهادة رغم صدور قرار من المحكمة الإتحادية العليا في العام الماضي بناءً على دعوى أقامها النائب قتيبة الجبوري تضمن إلغاء عضوية السيد مشعان الجبوري في مجلس النواب بناءً على ثبوت عدم صحة صدور شهادته المذكورة، ورغم كون قرارات المحكمة الإتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة بصريح نص المادة (٩٤) من الدستور !.
ثالثاً – لوحظ أن كتاب مكتب رئيس مجلس الوزراء المذكور موجه إلى مجلس النواب، مما يستخلص منه توجّه النية إلى إعادة صفة العضوية في المجلس إلى السيد الجبوري ؛ وهنا يكبر السؤال عن مدى دستورية مثل هذا الإجراء في حالة صدوره في ظل الصفة الباتة والملزمة التي أضفاها الدستور على قرارات المحكمة الإتحادية العليا على النحو الذي سبق بيانه .
مثل هذا الوضع يشير بوضوح إلى تغليب صفقات السياسة على أحكام الدستور والقانون حينما تقتضي مصالح الأطراف السياسية ذلك، وهو وضع معيب بل خطير لأنه يهز الأسس التي يجب أن تقوم عليها دولة القانون الحديثة .