17 نوفمبر، 2024 1:24 م
Search
Close this search box.

عن سياسة الحذر من إيران

عن سياسة الحذر من إيران

هناك حالة من عدم التکافٶ و التعادل في المعادلة السياسية القائمة في المنطقة حيث إنها تميل و بشکل واضح جدا لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على حساب بلدان المنطقة المتضررة و بصورة أکثر من واضحة من دور هذا النظام و تدخلاته غير العادية في أغلب بلدان المنطقة.
لو أجرينا عملية مقارنة بين الدور الايراني في المنطقة قبل عشرة أعوام مثلا و بين دوره في الوقت الحاضر، لوجدنا إن الفرق شاسع جدا بينهما، فيما لو قمنا بعملية مقارنة بين الموقف العربي من الدور الايراني في المنطقة في نفس الفترتين، فإننا لو إستثنينا الموقف السعودي الذي بدأ بالتحرك بعد أن طفح به الکيل على أثر التدخل الايراني في اليمن، فإننا نرى الموقف العربي لايزال على حاله نوعا ما و کأنه يراوح في مکانه، حيث يغلب عليه طابع الحذر من الدور الايراني و يترقب مليا ردود الفعل الامريکية و الغربية من طهران و أية تطورات مهمة تجري على صعيد الملف الايراني حتى يتخذ موقفا جديدا منها.
الخطأ الکبير الذي تقع فيه العقلية السياسية العربية دائما هي إفتقارها لعامل المبادرة و المفاجأة، لانکاد نرى مبدارة عربية فاجأت العالم ماعدا حالتين يتيمتين هما حرب عام 1973 التي قادها الرئيس المصري الراحل أنور السادات و عاصفة الحزم ضد التدخل الايراني في اليمن بقيادة السعودية، وإن العرب أحوج مايکونون ليس لإتخاذ أکثر من مبادرة ضد التدخلات الايرانية في المنطقة وانما ضد السياسة الايرانية برمتها و المبنية على حساب بلدان و شعوب المنطقة، ولعل أهم و أقوى مبادرة يمکن للعرب القيام بها من أجل مواجهة السياسة الايرانية و الحد من تأثيراتها و تداعياتها السلبية على بلدان المنطقة ترتبط بقضية الموقف من النضال المشروع و العادل الذي يخوضه الشعب الايراني من أجل الحرية والذي يمکن أن يترجم في الاعتراف بالمعارضة الايرانية النشيطة المتواجدة في الساحة و التي تعبر عن الشعب الايراني و المتجسدة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و بفعل سياسته الضارة في المنطقة يمتلك أذرعا طوال ممتدة في العديد من دول المنطقة، وهذه الاذرع عبارة عن جماعات و ميليشيات عقائدية مسلحة قام هذا النظام عن طريق الحرس الثوري بإنشائه، ويتم إستخدام هذه الاذرع کمعارضة و بديلا للأنظمة الوطنية في بلدان المنطقة، غير إن الذي يثير السخرية إنه وفي الوقت الذي توجد فيه معارضة وطنية إيرانية لها وزنها و إعتبارها الدولي ولها دورها و حضورها على مختلف الاصعدة، فإن الخط العام للسياسة العربية يسير بصورة يکاد أن يتجاهل من خلالها هذه المعارضة التي هي عامل قلق و خوف لطهران، وفي الوقت الذي کان يجب على الدول العربية و عملا بسياسة الرد بالمثل أن تبادر للإعتراف بهذه المعارضة و فتح مکاتب لها في عواصمها، فإنها ظلت تتصرف معها بمتنهى الحذر رغم إن المعارضة الايرانية و نقصد بها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية قد أثبت وفي أکثر من موقف و مناسبة مصداقيته تجاه شعوب و بلدان المنطقة خصوصا عندما بادر بفضح المخططات المشبوهة الايرانية في المنطقة و دعوة بلدان المنطقفقثقة لإتخاذ الحذر من هذا النظام و القيام بقطع أذرعه و سحب الاعتراف به، إلا إن الموقف العربي لايزال أعجز مايکون من هذه الناحية وبإعتقادنا هو بحاجة ماسة لأن يتقدم خطوة جدية نوعية للأمام و يکسر جمود المعادلة القائمة مع طهران، وإن ذلك بإعتقادنا سيغير الکثير من الامور في إيران نفسها قبل المنطقة.

أحدث المقالات