غريب و عجيب مايجري في العراق من أمور و قضايا و طرق و اساليب التعامل و التصرف ازاءها، خصوصا عندما تکون هناك إزدواجية في کيفية التعامل معها، وقد کانت قضية رفع العلم العراقي خارج العراق، واحدة من هذه القضايا، خصوصا وإنه معلوم و واضح بأن العلم رمز وطني يجب إحترامه خصوصا عند سفر وفود الدول الى خارج بلدانهم حيث إن رفعه الى جانب علم أو أعلام الدول الاخرى، شرط اساسي وفق القوانين و الاعراف الدولية المعمول بها.
لأکثر من مرة و خلال أکثر من زيارة لمسٶولين عراقيين رفيعي المستوى الى طهران، لم يتم رفع العالم العراقي عند لقاء هٶلاء المسٶولين مع قادة و مسٶولين إيرانيين وکان العلم الايراني لوحده مرفوعا، ولکن لم يحتج ولم ينسحب هٶلاء المسٶولون العراقيون کما لم يصدر أي بيان إحتجاج من جانب وزارة الخارجية العراقية، بل وحتى لم تتجشم وزارة الخارجية الايرانية عناء تقديم توضيح هذه الاهانة الموجهة للعراق أرضا و سعبا، لکن من غريب المفارقات أن يبادر العراق الى الانسحاب من مقر إنعقاد الدورة ال22 لإتحاد البرلمانات العربي المعقود في المغرب، إحتجاجا على عدم رفع العلم العراقي الى جانب اعلام الدول المشارکة.
الموقف العراقي الاخير، موقف لامناص من إحترامه و تقديره لکونه يٶکد على قدسية مکانة العلم العراقي کرمز له، لکنه في نفس الوقت يدفع من جديد لإثارة سبب الصمت و السکوت و التجاهل الاکثر من مريب ازاء تکرار عدم رفع العلم العراقي في طهران عند زيارة مسٶولين عراقيين رفيعي المستوى نظير نوري المالکي أيام کان رئيسا للوزراء حيث تم إستقباله من جانب مسٶولين إيرانيين من دون رفع العالم العراقي لکن حمية و غيرة المالکي لم ترتفع و تقبل الامر وکأن شيئا لم يکن!
عدم رفع علم أية دولة عند زيارة مسٶول لها الى دولة أخرى و لقائه بمسٶول من تلك الدولة الى جانب علم تلك الدولة إن کان موجودا، يعتبر إهانة للدولة الاخرى و يجب على الدولة المضيفة تقديم توضيح و إعتذار واضح، لکن ذلك لم يحدث أبدا من جانب نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ولن يحدث لکونه يرى في العراق بشکل خاص، مجرد محافظة تابع له و المطلوب من النائب أياد الجبوري الذي مثل وفد برلمان العراق في الدورة المذکورة أعلاه أن يبادر الى طرح هذه المشکلة من أساسها، أي من إستخفاف النظام الايراني بها و عدم تقديمه أي إعتذار، رغم إننا واثقون بأن السيد الجبوري أو غيره لن يجرٶ على ذلك أبدا في ظل النفوذ الحالي لإيران في العراق و تواجد قاسم سليماني الذي يکاد أن يکون الحاکم المطلق للعراق، فالمشکلة و اساس المشکلة في إن السيادة الوطنية العراقية قد تم مصادرتها منذ أن تم فتح أبواب العراق على مصراعيه أمام النفوذ الايراني.