ماقد جاء في کلمة قيس الخزعلي، الامين العام للمقاومة الاسلامية(عصائب أهل الحق)، من أنه قد أصبح الشعب العراقي يعتمد على نفسه في مشروعه الوطني مضيفا بأنها”المرة الاولى منذ قرابة 1400 عام التي لم يعد العراقيون يستوردون فيها تجاربهم بعد أن کانوا يستوردونها من الامويين و العباسيين و العثمانيين وقد تجسد ذلك بالحشد الشعبي الذي يعد تجربة عراقية أثبتت أن العراق يمکنه الاعتماد على نفسه”، هذا الکلام يعتبر يأتي من أجل التأکيد على إستقلال القرار و التجربة العراقية عن التأثيرات الايرانية بعد أن إزدادت حدة الانتقادات الموجهة لها دوليا و إقليميا.
الحشد الشعبي الذي يفاخر به الخزعلي و يجعله بديلا و نموذجا فريدا من نوعه أمام تجارب العراق السياسية طوال 1400، ويعتبره إنجازا عراقيا خالصا، يعلم قبل غيره بأنه”أي الحشد الشعبي”، عبارة عن تجمع لميليشيات شيعية معبأة عقائديا وفق أطروحة نظام ولاية الفقيه الايرانية و تتبع غالبيتها الولي الفقيه خامنئي، وحتى أن الخزعلي ذاته الى جانب هادي العامري و آخرين، يعتبرون وجوه محسوبة على طهران بإمتياز.
الحشد الشعبي الذي تأسس على أثر فتوى للمرجع السيستاني بعد إجتياح داعش لأراضي عراقية شاسعة، جاء بمثابة غطاء تختبئ خلفه الميليشيات الشيعية التي أرهقت العراق بنزقها و طيشها و روحها العدوانية المتطرفة المشبعة بالحقد الطائفي، والانکى من ذلك أن الحشد الشعبي الذي يصادر من خلاله الخزعلي بجرة لسان تجارب 1400 عام، قد کان ولايزال الجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس الارهابية، بمثابة القائد العام و العراب الاساسي له، وان الحشد الشعبي الذي صار بمثابة الجعبة و الفضاء الذي يجمع کل ماقد تفتق به عقلية الحرس الثوري الايراني من ميليشيات تم إعدادها و تدريبها و توجيهها على أساس طائفي بحت، يعتبر مکملا و متمما للمخطط الايراني الخاص بالعراق.
الحشد الشعبي في العراق، هو نفس الحشد الطائفي في سوريا و اليمن و لبنان، وهو الجهد الايراني الممنهج من أجل ترسيخ نفوذ طهران في المنطقة و جعله أمرا واقعا من خلال هذه الميليشيات التي تنوب عن طهران في تنفيذ المهام الموکلة إليها، وان ماقد إرتکبته الميليشيات التابعة لهذا الحشد من جرائم و مجازر و إنتهاکات في مناطق محافظة ديالى و تکريت و الرمادي طبقا لتوجيهات من قوة القدس الارهابية، يجعل منها اليد الضاربة للحرس الثوري في العراق، وحتى يمکن مستقبلا إنتظار الکثير من المهام الداخلية و الخارجية الموکلة إليها نيابة عن طهران.
وبعد کل هذا و ذاك، نسأل الخزعلي، ماهي الاطروحة و النموذج الحياتي و الفکري الذي أتى به تجربة الحشد الشعبي والذي بإمکانه أن يخدم الانسان و المجتمع في حياتهم اليومية، ماهي المنجزات الحضارية و الانسانية لهذا الحشد؟ هل أحيا أرضا بورا او فتح نهرا او أطعم بمشروع إقتصادي عملاق جياعا؟ أم أنه جسد طفيلي ضخم يبتلع هو الاخر جانبا کبيرا من الخزينة العراقية المرهقة و المبتلاة بالفساد المالي و عمليات النهب و السرقة بطرق متباينة.
الميليشيات الشيعية أسوء من داعش بمائة مرة، هکذا قالت زعيمة المعارضة الايرانية عن هذه الميليشيات وقد إستندت الى معلومات مختلفة لديها حصلت المقاومة الايرانية عليها من داخل إيران حيث تبين و توضح الدور الموکل بميليشيات الحشد الشعبي من جانب الحرس الثوري الايراني، ولکن مع کل هذه السلبيات التي تحدثنا عنها فإننا نترکها جانبا و نفترض جدلا بأن الحشد الشعبي تجربة وطنية عراقية، فنسأل الخزعلي: أين مکان السنة و الکرد و المسيحيين و الصابئة المندائيين و الايزديين و الشبك و غيرهم من الاطياف العراقية في هذا الحشد الشعبي؟! [email protected]