بعد تجارب متعددة مع منظمات مهنية وثقافية تكونّت لدي نظرة سلبية غير متفائلة بمستقبل العمل التطوعي في بلدنا في ظرف نجده فيه في أمس الحاجة إلى جهود وخبرات أبنائه .
في العادة تبدأ تجربة التجمع جديد بطموح وأهداف كبيرة معلنة وآمال عريضة ثم تبدأ بعد حين بالتضاؤل والإضمحلال .
آفة هذه التجمعات هي الشُلَل التي سرعان ما تتشكل لتبتعد بالتجمع عن أهدافه نحو غايات ومطامح شخصية أو فئوية .
ثمة أشخاص تجدهم أمامك في كل تجمع جديد؛ وهم أدعياء يدّعون ما ليس فيهم ، ويحسنون اقتناص فرص الظهور والتسلّق واستغلال جهود من حولهم.
ثمّة آخرون لا يجيدون سوى إلقاء كلمات إنشائية قصيرة في الجلسات الإفتتاحية أمام عدسات التصوير .
وثمّة آخرون لا تجد فيهم تجاوباً مع أية دعوة للمشاركة ولو بورقة عمل موجزة ، متعللين بكثرة مشاغلهم التي تحرمهم حتى من النوم، والكل يعرف زيف ادّعائهم .
وثمة من يجدون في المشاركة فرصة للترويح والسياحة المجانية ، فيقتصر حضورهم على الساعة الأولى ثم تجدهم بعدها يتجولون في الأسواق والميادين .
البعض منهم يسارع إلى سؤالكِ عما إذا كانت تذكرة سفره وإقامته مدفوعة – مع قدرته المالية – قبل السؤال عن الجانب الموضوعي للمؤتمر أو الندوة أو الإجتماع ؛ وقد يمتد سؤاله إلى إمكان اصطحاب زوجته – على نفقة الجهة صاحبة الدعوة طبعاً – !.
لا شك أن في التجمعات أناساً كثيرين جادّين في العطاء والمبادرة، لكنهم سرعان ما يُحبَطون أمام شلل تفسد عليهم فرصة العمل المثمر وتجهض بالتالي غايات التجمع العلمية والعملية .
أمام هذا الواقع لم يكن غريباً أن تكون حصيلة معظم محافل هذه التجمعات كلمات خطابية مستهلكة وتوصيات عامة فضفاضة يرددها في الشارع حتى أنصاف المثقفين، وصوراً للنشر ،وولائم طعام ، وبيانات لا تجد من يتابع ماورد فيها .