22 ديسمبر، 2024 11:46 م

عن أي سُقوط نَتحدّث؟

عن أي سُقوط نَتحدّث؟

أخبرونا كيف كان موسم جَني الخيانات والعَمالة؟ وكيف كانت أسعار ضمائر الذين إستحكموا الحُكم في البلاد باهضة الثمن أم بَخِسة كَرُخصِهم ووضاعتهم في البيع والشراء؟.

حَدّثونا عن الشرف هل بَقي منه شيء، أم باعه النّخاسون في سوق المُتعة؟ فهل بَقي للحديث تتمّة أم ضاع الكلام؟ هاهُم يَجنون حصاد خياناتهم وحقدهم على بلدٍ آواهُم من بلاد الشتات وإحتضن نتانتهم وروائحهم الكريهة وعقولهم المُشوّهة، إسألوهم بعد ذلك من أوصَل العراقيين إلى ذلك الحضيض؟.

سُلطة لا شُغل لها سوى السَرِقة واللصوصية والإفساد، أم بِسَبب نظريات الفوضى التي أرادوها تجارب للعراقيين، أم رجالٌ سُلطويون يَرتدون أحلى البدلات، أصحاب الأوداج المُنتَفِخة والكُروش المُمتلئة الذين لايُجيدون سوى مُمارسة الخيانة والتبعيّة والكثير من النَهب والشفُط وحتى اللفط بِغير وجع أو حُرقة قلب على بلدٍ اسمه العراق.

كرروا السؤال مَن قَتل الطفلة “زينب” ذات الخمسة عشر ربيعاً التي كانت تُساعد والدها في حقل الزراعة لِتُصيبها طلقة طائشة من جندي أمريكي كان يتدرّب على الرِماية في قاعدة فكتوريا بالقرب من مطار بغداد الدولي، فَلَم يجد غير قلب هذه الطفلة هدفاً جيداً لِيُصيبها سلاحه.

من المسؤول عن موت هذه الطفلة ذلك الجندي الأمريكي أم الذين يتسابقون للإرتماء في أحضان راعي الديمقراطية الأول في العالم ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية (حفظه الله)، لِمَ لا..فكُل الطُغاة والديكتاتوريات كُنا ومازلنا ندعوا الله أن يَحفظهم لِيستمروا بِقتلنا، عن أي سُقوط نَتحدّث، عن السياسة وحُكّامها أم تهاوي الأخلاق أو السُقوط الإجتماعي وإنهيار الإقتصاد أو حتى سُقوط الدِين في بَراثن الأكاذيب والخديعة، فكُل أنواع السُقوط لايكفيه إناءٌ واحد لجمعه، فهل بَقي ما يُمكن الحديث فيه عن السُقوط؟.

لَم تهتز شَعرَة من حُكّامنا حين باتوا يشعرون أن المعبد بدأ ينهار طابوقةً تلو طابوقة، فهل يَحق لنا بعد ذلك أن نستنتج أن للخيانة ألوان وأطياف وأمزجة؟.

هاهُم حُكّامنا يَحجّون إلى القصر الأبيض يُعانقون ويحتضنون القاتل مُتناسين أن جنوده قَتلوا مواطنة من مواطنيهم.

ربما ذاكرة العراقيين التي حفرها الزمن بِثُقبٍ جعل كُل الذكريات تتسرّب منه فَنَسوا قبل سنوات ذلك المشهد لـ(رامبو) إحدى فِرق الموت التي تُدعى (بلاك ووتر) عندما نَزل مُسلحوها إلى الشارع وهم بِكامل أسلحتهم وأعتدتهم المُدجّجة وأمطروا المارّة ومن كُتِبَ له سوء حظّه التواجد في ساحة النسور ببغداد وفي إحدى شوارعها لِيقتلوا من لم تُسعِفه النجدة ويُصيبوا آخرين بجروح، وفي ظل صَمت حكومي عندما أُخرِستْ ألسنتهم وَصُمّتْ آذانهم عن أفعال أولئك الذين تمّتْ تبرأتهم وربما نيلهم وسام الشجاعة من محاكمهم الأمريكية لِيُعلن بعدها رئيسهم ترامب البراءة لهم من كُل التُهم الموجّهة إليهم، فهل هُناك توصيف لِضحالة القعر الذي أوصلوا إليه بلداً مثل العراق؟.

هل نَسيتُم ما فعلوه بِسُجناء أبي غريب من إعتداء وتعرض وحشي وتعذيب صارخ يندى له جبين الإنسانية وتقف أمامه البشرية مُطأطأة الرأس؟ لكن بالرغم من كُل تلك الجرائم التي حدثت وتحدث والتي لن تتوقف مُستقبلاً ستظل دماء العراقيين رخيصة ربما أرخص من شُربة الماء التي يشربها الحاكم مادام العُملاء والخونة قد إستوّطنوا البلاد ومادام القاتل هو من جاء بهم ليحكموا البلاد والعباد، فَلِمَ لايتسابقون لِنيل رِضاه ومُباركته حتى لو أدّى ذلك إلى هلاك الشعب بِرُمته؟.

حدّثونا حقاً عن أي ضحالة وصلنا إليها، وعن أي حضيض أوصلوا الشعب إليه، وعن أي مُستقبل يرسمه هؤلاء لنا ؟ هذا إذا بَقي لنا مُستقبل نسير إليه.