تُعد الأزمات من مصادر تلاحم الشعوب، وسبب لإستنهاض الوازع الوطني، وحينما حدثت تفجيرات باريس، أو إسقطت الطائرة الروسية، فكان الشعبين فرنسيون وروس إصلاء؛ إلاّ في العراق فأن الأزمات مصدر فرقة ومزايدات وتنابز، وإتهامات بالخيانة وإدعاء الوطنية؟!
أشاع الساسة تعميم الفساد حتى إتهموا المجتمع معهم، وتعويم الإصلاحات حتى فقدان الثقة بالطبقة السياسية، وتضيع الدولة الى فقدان السيادة؟!
أصبحت القضايا الشائكة في العراق محل مزايدة مخالفة للواقع، وعن أي سيادة يتحدث الساسة وشباب الوطن يذهبون للإنتحار بالهجرة، والتسليم الى سماسرة يبيعون أعضاء جسدهم.
إنفجرت في العراق ما يقارب 65 ألف سيارة مفخخة من عام 2003م الى اليوم، و400 ألف معاق و500 ألف شهيد، وملايين من الأرامل والأيتام، ومليوني نازح، وعشرات الآلاف سبايا بيد الدواعش،و18% تحت خط الفقر، ولا يأمن مواطن نفسه من القتل والإختطاف والإبتزاز؛ فعن أي سيادة يتحدث الساسة، وماذا أبقوا من كرامة شعبهم؟!
يتحدثون عن إنتهاك تركيا لسيادة العراق، وإهانته لشعبهم وهي تجر عرباتها في بلد مزقه الإرهاب والفساد وتصدعت جهته الداخلية؛ لتكون ممر للأجندات الخارجية، فأختلفوا؛ منهم من عارض ومن طالب بشن الحرب، وآخر سكت وبعض قليل مؤيد لدخول الأتراك وحتى اليهود؛ إذا ضمن موطيء قدم في السلطة؟!.
كثيرون من العراقيين مستائيين لما يحدث، وخيبة الأمل تلاحقهم بفعل ساسة لم ينجحوا بتدويل أي قضية؛ لم يشتكوا للعالم أن الإرهاب بفتك بالنسل العراقي، ولم يقولوا أن أشلاء أطفالنا ممزقة في الطرقات، وصارعتهم نفوسهم الضعيفة على لإغتراف ونهب المال العالم وثلث شعبهم جائع، كيف يستطيعون أن يشتكوا أو يستعينوا بالعالم، وهم يتاجرون بدماء وقضايا دمرت تاريخ شعب كامل؟! وهل سجلوا دعوى أممية؛ أم أن الكلام مجرد خطابات للشارع العراقي؟!
إن السياسة الناجحة أن تملك الحجج والبراهين والأدلة، وتركيا أسقطت طائرة دولة عظمى بإختراق 17 ثانية، هل يُقبل لها أن تجوب مدن العراق بدباباتها؟! وهل يستثمر الساسة الوقت المناسب لترتيب الأوراق، وتوحيد المواقف وحساب النتائج الإستراتيجية، وسؤال لأمريكا التي تقود تحالفاً ضد داعش، وحلف الناتو؛ هل أنهم جادون في محاربة الإرهاب وتركيا عضو في هذا التحالف؟! وهل وصلت الى تركيا رسالة صريحة؛ أن العراق بالفعل قادر على الضغط الإقتصادي وطرد الشركات التركية؟!
من الجيد أن ينتظم العراقيون على سقف عالي المطالب، وإستثمار تحشيد الشارع ورفض العدوان، والتلويح بأحلاف آخرى كخطوة أخيرة للصِدام.
الحكومة تعاني من مشاكل ملفات وتراكم أزمات؛ من المرحلة السابقة الى عرقلة الحالية، وتدخلات خارجية لتصدع داخلي، ولا سبيل للقوى العراقية إلاّ دعم موقف حكومي يتدرج للتصاعد، وأيّ تلاعب بمشاعر الشعب الغاضب، وإستغلال مفهوم السيادة لإشاعة الفوضى؛ يعني حرق أوراق الدولة، وبالنتيجة لا تختلف قوى تتبرقع بثوب الوطنية للصعود لمنافع شخصية؛ عن تلك الدول التي لها مهام عدوانية؟! وأن السيادة عندما يكون المواطن سيد في وطنه، لا أن يكون بضاعة رخيصة بلا قيمة إنسانية؟!