18 ديسمبر، 2024 6:49 م

عن أوكرانيا والمواجهة الأمريكية الروسية: لا حُبًّا بِسياسة بوتين وإنَّما بُغْضًا بِسياسة بايدن

عن أوكرانيا والمواجهة الأمريكية الروسية: لا حُبًّا بِسياسة بوتين وإنَّما بُغْضًا بِسياسة بايدن

الحلقة الرابعة: تجاهُل أمريكا لمطالب روسيا بوقف التوسّع والعدوان
تحليل وتعليق: الدكتور علي جاسم العبادي
الأربعاء، 09 آذار/مارس 2022

لا شكّ أن رفض وتجاهل الحكومة الأمريكية بزعامة جوزيف بايدن لمطالب الحكومة الروسية بزعامة فلاديمير بوتين ولجوئها إلى التهديد بأن “أمريكا وحلفاءها سيردّون بشكل حازم وسريع وسيكون الثمن باهظًا إذا هاجمت روسيا جارتها أوكرانيا” (المصدر 1)، يعني شيئًا واحدًا، وهو رغبة أمريكا المُلحّة بالحرب وما يترتب عليها من الضحايا البشرية والدمار الشامل. وسنبيّن في حلقة قادمة دوافع القيادة الأمريكية على إشعال الحرب وتوسيعها ودفع الأمور إلى حافة الهاوية.

ما عنوان السياسة الأمريكية؟
التعنت الأمريكي والأوروبي والتجاهل والٱستخفاف بالمطالب الروسية، ولغة التصعيد والتحدّي والتهديد وفرض سياسة الأمر الواقع، والإصرار على توسّع حلف الناتو العدواني شرقًا بِٱتجاه روسيا، وخلق التوتر في أوروبا وفي العالم، هو العنوان الرئيس للسياسة الأمريكية بشكل مكثّف منذ تفكّك الٱتحاد السوفيتي سنة 1991 حتى الآن. “وإذا كان هدف روسيا الوحيد هو إبعاد الناتو عن حديقتها الخلفية، فليس هناك ما يشير إلى نجاحها. إذ رفضت الدول الثلاثون الأعضاء في حلف الناتو بشكل قاطع أية محاولة لتقييد حركتها في هذا الصدد مستقبلًا”. وقالت نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، “لن نسمح لأي شخص أن يعرقل ويحد من سياسة الباب المفتوح للناتو”. ويقول الناتو “ليس لدى روسيا حق النقض، ولا يحق لها التدخل في هذه العملية”. كما رفضت السويد وفنلندا غير الأعضاء في الناتو، محاولة روسيا لمنعهما من تعزيز علاقاتهما مع الحلف. وقالت رئيسة وزراء فنلندا: “لن نتخلى عن هامش المناورة لدينا”. كما أوضحت الحكومة الأوكرانية أن “التطلع إلى العضوية في الحلف لا يزال جزءً من دستور أوكرانيا” (المصدر 2).

التهديد والعقوبات وتسليح أوكرانيا هو الرد الأمريكي على روسيا لإحلال “السلام والأمن في أوكرانيا”
كرّرَ الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن رفضه للمطالب الأمنية الروسية جملة وتفصيلًا، وواجهها بسخرية وتجاهل، وأمعن بالتهديد والعقوبات الشخصية، وكان أحدثها ما قاله بايدن في خطاب “حالة الٱتحاد” أمام أعضاء الكونغرس الأمريكي يوم الثلاثاء 1 آذار/مارس 2022. وعلى مدى 15 دقيقة في بداية الخطاب كرّس الحديث عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، نظرًا لما تحظى به من ٱهتمام عالمي يفوق بكل تأكيد الٱهتمام المفترض أن تحظى به خططه التشريعية الخاصة بالولايات المتحدة. وقد أرسلت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية، وٱقتصادية، وإنسانية لأوكرانيا. وقال بايدن عن الزعيم الروسي إنه “أخطأ في حساباته”، وأن الحصار الٱقتصادي المؤلم الذي فرضته الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا بسبب الٱجتياح هو مجرد بداية، وأن الروبل ينهار، وأن البورصة الروسية تشهد سقوطًا حرًا، وأن أرصدة نخبة الأثرياء الروس في الخارج تخضع للمصادرة. وأن روسيا تفقد القدرة على الوصول إلى تقنيات رئيسية.

وتضمّن خطاب حالة الٱتحاد رسالة أخرى بعث بها بايدن إلى روسيا بخلاف رسالة الحصار الٱقتصادي؛ حيث أكد الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقاتلون دفاعًا عن “كل شبر من الأراضي التابعة لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو)”. وقال بايدن عن بوتين، “لقد ٱعتقدَ أن الغرب والناتو لن يردّوا. لقد كان مخطئًا، فقد كنا مستعدّين”. ورغم تأكيد بايدن على ٱلتزامات بلاده تجاه حلفائها في الناتو، جاءت رسالته بشأن الدور الأمريكي في أوكرانيا واضحة ومباشرة: وهي أن القوات الأمريكية “لم ولن تنخرط في صراع مع قوات روسية في أوكرانيا”. وٱعترف بايدن بأن الأمريكيين سيلاقون مصاعب ٱقتصادية بسبب الصراع في أوكرانيا، مضافة إلى ما يسببه وباء كورونا (المصدر 3).

دول حلف الناتو ترقص على طبول جوزيف بايدن
أكَّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الناتو (NATO)، ينس ستولتنبرغ، يوم الأربعاء، 16 شباط/فبراير 2022 أن الحلف كلّف قادته العسكريين بوضع خطط مفصلة لنشر مجموعات قتالية في الجناح الجنوبي الشرقي للحلف ردا على الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا. وقال ستولتنبرغ للصحفيين، على هامش اجتماع استمر يومين لوزراء دفاع الناتو في بروكسل، إن الحلف “يفكر في عملية إعادة نشر قواته في المنطقة الشرقية بأوروبا وإعادة نشر الصواريخ، وإذا تمت الموافقة فإن الوحدات القتالية الجديدة سيتم نشرها في رومانيا ومنطقة البحر الأسود”. وجدد الأمين العام للناتو تحذيره قائلا “إذا استخدمت روسيا القوة فإنها ستدفع ثمنًا باهظًا”. وأضاف ستولتنبرغ أنه حتى إذا قامت روسيا بالتراجع وسحب قواتها الآن، فإن الأحداث الأخيرة تظهر أنه يتعين على حلف الناتو دراسة تغييرات طويلة المدى على توزيع قواته في أوروبا (المصدر 4).

من الواضح أن ينس ستولتنبرغ يستلهم لغته الصِدامية من سيّده جوزيف بايدن، ويمنح لأمريكا وأتباعها في الحلف ٱمتيازات كثيرة ولكنه ينكرها على روسيا، ولا يبالي بالنتائج المترتبة على تعجرفه الشديد وشعوره بالعظمة.

المصادر:

1. ‘Swift and severe costs’: Biden warns Putin against Ukraine invasion
By Jim Heintz and Aamer Madhani
The Associated Press
Posted February 12, 2022
Updated February 12, 2022

‘Swift and severe costs’: Biden warns Putin against Ukraine invasion


Accessed: Tuesday, March 8, 2022

2. روسيا وأوكرانيا: هل تستعد القوات الروسية لغزو أوكرانيا؟
بول كيربي
بي بي سي نيوز
8 كانون الأول/ديسمبر 2021
جُدِّد في 14 شباط/فبراير 2022
روسيا وأوكرانيا: ما الذي أشعل فتيل الأزمة؟
https://www.bbc.com/arabic/world-59450489
Accessed: Tuesday, March 8, 2022

3. روسيا وأوكرانيا: ماذا قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب حالة الاتحاد؟ وإلى من وجه كلامه؟
أنتوني زورتشر
مراسل بي بي سي لشؤون أمريكا الشمالية
2 آذار/مارس 2022
https://www.bbc.com/arabic/world-60593701
Accessed: Tuesday, March 8, 2022

4. وجه تحذيرات قوية.. الناتو يخطط لنشر قوات إضافية وصواريخ في شرق أوروبا ويكذّب رواية روسيا بسحب قواتها
ستولتنبرغ حذر روسيا من دفع ثمن باهظ إذا استخدمت القوة (الأوروبية)
16/2/2022
https://www.aljazeera.net/news/politics/2022/2/16/%D8%A7%D8%A7-799
Accessed: Tuesday, March 8, 2022